أعلنت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق في الجزائر أن جميلة بوحيرد، التي عُرفت بنضالها ضد الاستعمار الفرنسي، دخلت المستشفى إثر إصابتها بوعكة صحية.
وفي بيان لها، أضافت الوزارة أن الوزير العيد ربيڨة زار بوحيرد في المستشفى “للاطمئنان على حالتها الصحية، مؤكداً متابعته الشخصية لوضعها”.
وتابعت أنّ “وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيڨة قام بزيارة تفقدية لأيقونة الثورة التحريرية المظفرة، ورمز النضال والتحدي والصمود، المجاهدة جميلة بوحيرد للاطمئنان على صحتها، مؤكداً متابعته الشخصية لوضعها الصحي”.
صور المجاهدة الكبيرة في الثورة الجزائرية جميلة بوحيرد وهي ترقد في المستشفى أثارت تعاطفًا واسعًا بين الجزائريين الذين يكنون لهذه الشخصية الأيقونية التي صنعت التاريخ احترامًا بالغًا.
وظهرت بوحيرد البالغة من العمر 88 سنة وهي على سرير المرض، بعد وعكة صحية ألمت بها، لكنها لم تفقد مثلما أظهرته الصور قدرتها على الابتسامة التي تطمئن بها محبيها، كما لو أنها تقاوم المرض بنفس الروح التي واجهت بها الاستعمار.
ولم تكشف الوزارة عن مزيد من التفاصيل حول حالة بوحيرد الصحية.
جميلة بوحيرد.. أيقونة الثورة الجزائرية في المستشفى
من هي جميلة بوحيرد؟
كانت جميلة بوحيرد من المناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية أثناء الاستعمار الفرنسي، في منتصف القرن العشرين.
ولدت في عام 1935 بالحي العتيق “القصبة” في الجزائر العاصمة، من أب جزائري وأم تونسية، وبعد تعليمها المدرسي التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل، وأتقنت فن التطريز.
وعندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954، ضد الاستعمار الفرنسي، انضمت بوحيرد إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية وهي في العشرين من عمرها، وتحديداً في تشرين الثاني/نوفمبر 1956.
والتحقت بصفوف من يُعرفون بـ”الفدائيين” وكانت أول المتطوعات مع جميلة بو عزة، التي كانت تزرع مع غيرها القنابل لاستهداف الاستعمار الفرنسي.
وسرعان ما ذاع صيتها حتى ألقي القبض عليها في نيسان/أبريل من عام 1957 بعد إصابتها برصاصة في كتفها.
وباتت بوحيرد رمزاً للمقاومة في الجزائر إذ تحولت قصتها إلى ملحمة نضالية في الدول المناهضة للاستعمار والعالم العربي، حيث روت أفلام سيرتها وتغنى كبار الشعراء العرب ببطولتها. وما زاد في احترام الناس لها زهدها عن المناصب بعد استقلال الجزائر، فقد ترأست لمدة صغيرة اتحاد النساء قبل أن تنسحب وتؤثر الدخول في صمت يستمر منذ أكثر من 60 سنة.
جميلة بوحيرد.. أيقونة الثورة الجزائرية في المستشفى
تعذيب وحكم بالإعدام
تعرضت بوحيرد للتعذيب من قبل سلطات الاستعمار الفرنسي آنذاك خلال استجوابها، وتقررت محاكمتها صوريًا وصدر بحقها حكم بالإعدام عام 1957.
وأثناء المحاكمة وفور النطق بالحكم ردّدت جملتها الشهيرة: “أعرف أنكم سوف تحكمون عليّ بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، لكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة”.
وتحدّد يوم 7 آذار/مارس 1958 لتنفيذ الحكم، لكن قضيتها أثارت سخط العالم وتدخلت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أجل تأجيل إعدامها وإلغائه فيما بعد، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة.
ونقلت فيما بعد إلى السجون الفرنسية حيث قضت 3 سنوات قبل أن تنال الجزائر استقلالها في 5 تموز/يوليو 1962، لتعود إلى الجزائر وتتزوج من محاميها جاك فيرجيس عام 1965 بعدما اعتنق الإسلام وغيّر اسمه إلى “منصور”.
وفي السنوات الأخيرة، ظهرت بوحيرد من جديد في مسيرات الحراك الشعبي سنة 2019 الذي أطاح بحكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كمواطنة عادية. وبقدر الاحترام الكبير الذي يكنه الجزائريون لها، بقدر ما يتأسف البعض لعدم مساهمة بوحيرد في كتابة تاريخ الثورة الجزائرية والإدلاء بشهادتها حول أحداث مهمة عايشتها.