محلل عسكري إسرائيلي: واشنطن توظف تقارب السعودية وإسرائيل للضغط على الفلسطينيين

يستعرض عسكري إسرائيلي سابق وباحث في الشؤون الإستراتيجية، التهديدات والفرص التي تنتظر دولة الاحتلال في العام الجديد 2020، ويرى أن الولايات المتحدة توظف تقارب السعودية مع إسرائيل لمواصلة الضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته.

ويقول العميد في جيش الاحتياط يوسي كوبرفاسر وهو محلل عسكري اليوم إن سلسلة تطورات، بعضها مستمر منذ زمن طويل وبعضها جديد نسبياً، تبلور وجه الشرق الأوسط ولها تأثير كبير- مباشر وغير مباشر- على أمن إسرائيل، وعلى النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. معتبرا أن التطورات الأكثر أهمية، بالإضافة إلى الاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ سنة 2010، هي التغييرات في المعركة بين الأطراف البراغماتية في المنطقة وبين مكونات “المعسكر الإسلامي المتطرف”.

ويتابع يوسي كوبرفاسر في مقال نشره “معهد القدس للشؤون العامة”: “بعد أن خسرت المكونات الأساسية العنيفة في المعسكر السني المتطرف، أي تنظيم “الدولة” سيطرتها وأرصدتها البرية، بفضل التعاون بين الولايات المتحدة وأطراف محلية، في طليعتها الأكراد، تمتاز المعركة بعدم تناسب. من جهة، تقوم المجموعتان الأساسيتان المحليتان، إيران ومؤيدوها، والإخوان المسلمون بقيادة تركيا، من خلال استخدام لا هوادة فيه للقوة العسكرية، بتوسيع مناطق نفوذهما وسيطرتهما (إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وتركيا في شمال سوريا وفي الإطار الفلسطيني) ويفرضان على القيادات المحلية أن تفعل ما يرغبان فيه، ويستغلان عناصر قوة محلية مؤيدة لهما من أجل الدفع قدماً بأهدافهما، والهدف فيما يتعلق بإيران، هو خلق تهديد لإسرائيل”.

كما يقول إنه من جهة أخرى، البراغماتيون، بالاستناد إلى العقوبات الاقتصادية للولايات المتحدة على إيران، يدافعون عن أرصدتهم في الدول التي يسيطرون عليها، ويخوضون نضالاً شعبياً في الدول التي تسيطر عليها إيران، لمنع سيطرة المتطرفين على بلادهم، لكن مع عدم وجود قوة قدرات عسكرية، مثل التي كانت لدى زعيم مصر السيسي عندما أنقذ بلده من سيطرة الإخوان المسلمين في سنة 2013، ما يجعل من الصعب التقدير إذا كانوا سينجحون في نضالهم”.

متطرفون ومعتدلون

في المقابل وبينما “يتصرف المتطرفون كمعسكر لديه قيادة واضحة يعمل معاً، وتحت منطق مشترك توجهه طهران وأنقرة، لا يعمل البراغماتيون معاً كمعسكر، وليس لديهم قيادة واضحة”.

أما التطور الثاني المهم بنظر المحلل الإسرائيلي فهي التغيرات في طابع عمليات الدول العظمى في المنطقة، ففي ظل حكم الرئيس ترامب، غيّرت الولايات المتحدة توجهها وتجندت لمحاربة المتطرفين، وعلى رأسهم إيران، وفعلت ذلك في الأساس بواسطة رافعة من قوتها الاقتصادية، ولكن أحياناً تظهر قدراتها العسكرية، أساساً، في مواجهة المتطرفين المتشددين من السنّة”.

كما تحاول الولايات المتحدة برأيه الامتناع بقدر المستطاع عن الانجرار إلى تدخل عسكري في نزاعات مستمرة ليست ذات قيمة استراتيجية بالنسبة إليها، وهي تسمح لروسيا والمعسكر المحلي المتشدد بترسيخ نفوذهما (أو الغرق) في تلك النزاعات، وتركز اهتمامها الإقليمي على المواجهة مع إيران وتقوية حلفائها، وفي طليعتهم إسرائيل.

ويضيف: “يُنظر إلى هذه السياسة أو على الأقل تُصوَّر وكأنها تكشف ضعفاً وحذراً من الدخول في مواجهة، لكن فعلياً، لا تزال الولايات المتحدة هي القوة العظمى الأساسية في المنطقة، وهي تعتقد أن العقوبات الاقتصادية على إيران وحزب الله، ستجبر إيران خلال وقت معقول على العودة إلى طاولة المفاوضات، وتغيير الاتفاق النووي بصورة جوهرية”.

وحسب يوسي كوبرفاسر فإن التغيير الثالث المهم هو إصرار إسرائيل في الأساس بواسطة وسائل عسكرية على منع ارتفاع درجة نوعية التهديد العسكري عليها من قبل إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها، فتعمل علناً في هذا الإطار ضد التمركز العسكري الإيراني في سوريا، وعلى ما يبدو في العراق، وتحبط الجهد الإيراني لتطوير السلاح الباليستي لدى حزب الله وتحويله إلى سلاح دقيق وذلك بموازاة استمرار تعهدها بمنع حصول إيران على قدرة إنتاج سلاح نووي.

توتر مع غزة

ويرى أنه على هذه الخلفية، تبرز التوترات المستمرة في مواجهة قطاع غزة، التي تظهر من خلال جولات العنف المتعددة بموازاة مساعي التوصل إلى تسوية تضمن هدوء متواصلاً لقاء الاعتراف بمكانة “حماس” كالحاكم الفعلي في القطاع، وتحسين نوعية حياة السكان هناك.

ويقول إن إسرائيل تواجه مخاطر أمنية متزايدة، هي مستعدة لمواجهتها، وفي الوقت عينه، هي أمام فرصة، مستعدة أيضاً لاستنفادها، لكن الوسائل المتوفرة لديها من أجل هذا الغرض محدودة جداً.

ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن المخاطر الأساسية ناجمة عن أن يؤدي الإحساس بالضائقة وبالإحباط في إيران والتنظيمات التي تدور في فلكها إلى عمل عسكري ضد إسرائيل، بالإضافة إلى عدد من محاولات نفذت أو أحبطتها بالاستناد إلى القدرات المذهلة التي طورتها إيران مع مرور السنوات، والتي استخدمت جزءا منها في هجومها على منشآت النفط في السعودية.

ويضيف: “كل ذلك في ظل عدم القدرة على التخلص من العقوبات، والاحتجاج الداخلي الواسع، والتهديدات لمكتسبات إيران في العراق ولبنان والعمليات الإسرائيلية، وأيضاً مع الالتزام المبدئي بالمس بإسرائيل، وتسريع التقدم نحو الحصول على مواد انشطارية، والمس بحلفاء آخرين للولايات المتحدة، وربما أيضاً بأهداف أمريكية، وقمع عنيف للاحتجاجات الشعبية”.

ويزعم أن هدف إيران، ليس فقط ضرب إسرائيل وردعها، وتدفيعها ثمن هجماتها المستمرة ضد أهداف إيرانية، بل أيضاً محاولة دفع الولايات المتحدة إلى التخفيف من العقوبات وزيادة فرص صمود النظام الإسلامي في طهران حتى انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 في الولايات المتحدة على أمل أن تحمل تغيراً.

الضغط على الفلسطينيين

ويشير المحلل الإسرائيلي لخطر آخر أيضاً، يسميه “خيبة الأمل وسط الفلسطينيين” على خلفية الموقف الأمريكي واحتمالات اتخاذ خطوات إسرائيلية لبدء تطبيق السيادة على جزء من المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بالإضافة إلى التزاماتهم مع الإيرانيين، مما قد يدفعهم أو سيدفع أطرافاً منهم إلى زيادة العنف والإرهاب.

في المقابل يزعم يوسي كوبرفاسر أن التوجهات الإقليمية تؤدي إلى تطوير العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول البراغماتية التي تدرك مساهمتها في أمنها ورفاهها، وتحتاج إلى مساعدتها لمواجهة التهديد من أطراف متشددة، وفي طليعتها إيران. ويتابع: “هذا التطور هو مدماك إضافي في الضغط المتزايد على الفلسطينيين الذي تقوده الولايات المتحدة، للتخلي عن الرواية التي ترفض وجود إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي وتبرر كل أنواع النضال ضد الصهيونية”.

ويرى أنه إذا أعطى هذا الضغط ثماره -وفرص ذلك ضئيلة جداً في الوقت الحالي- من المحتمل أن تتطور فرصة للتقدم نحو سلام مع الفلسطينيين. مدعيا أنه حتى ذلك الحين، وعلى خلفية عدم الاستقرار الإقليمي الذي لا يزال يهدد استقرار الدول البراغماتية المجاورة، سيكون على إسرائيل استغلال الاحتمال الإيجابي الذي تنطوي عليه التطورات الإقليمية من أجل تحسين قدرتها على الدفاع عن نفسها في وجه التهديدات من أطراف متشددة ومن جانب الفلسطينيين، وذلك من خلال السيطرة الكاملة على غور الأردن.

ويخلص للقول: “من أجل ذلك يتعين على إسرائيل المحافظة على علاقاتها الخاصة بالولايات المتحدة، وتعميق التفاهمات الضرورية مع روسيا والمعسكر البراغماتي من أجل ضمان حرية عملها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *