الفلسطينيون يرفعون شعار «القدس ليست للبيع» في وجه «ورشة البحرين»

تماشيا مع الموقف الرسمي والشعبي الرافض للمخططات الأمريكية الرامية لطرح «صفقة القرن»، والتمهيد لها من خلال «الورشة الاقتصادية» في البحرين المزمع عقدها الشهر المقبل، أعلن المجلس التنسيقي للقطاع الخاص في غزة عن رفضه «المساومة» على الحقوق الفلسطينية من خلال «إغراءات اقتصادية»، في الوقت الذي جددت فيه القيادة الفلسطينية انتقادها للمشاركين، والتأكيد على أن أحدا لا يعرف مصلحة الفلسطينيين أكثر منهم.
وأكد المجلس، الذي يضم المؤسسات الاقتصادية والتجارية الخاصة، في بيان له رفضه للدعوة الأمريكية البحرينية لعقد تلك الورشة، وجاء في البيان «قطاعنا وطني بامتياز وينظر إلى ما يسمى، ورشة السلام من أجل الازدهار، على أنها لا تعدو عن كونها مجرد مؤامرة جديدة لا يمكن التعامل معها بأي شكل من الأشكال».
وأشار إلى أن الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين «هي مشروعنا الذي لن نساوم عليه بأي إغراءات اقتصادية وقضيتنا الوطنية العادلة ليست للبيع»، وأكد رفضه المطلق للتعامل مع هكذا ورش عمل، وأكد في بيانه أن مجرد حضورها يعد «خيانة لدماء الشهداء وعذابات الأسرى وآلام الجرحى».كذلك حذرت المؤسسات الفلسطينية الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية من خطورة الدعوة لعقد «ورشة البحرين»، وكشفت في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» عن تلقي المئات من رجال الأعمال الأمريكيين الفلسطينيين دعوات للمشاركة في تلك الورشة.

وعود مغرية

وأكدت أن الجهة الداعية، وبعد أن لقيت «مقاطعة ورفضا شاملا» للمشاركة من قبل كبار رجال الأعمال الأمريكيين الفلسطينيين، لجأت عبر «وكلاء مشبوهين»، لتعميم توزيع هذه الدعوات على صغار رجال الأعمال، والعمال، وسائقي الشاحنات، والمتقاعدين من أبناء الجالية، لتقديمهم على أنهم رجال أعمال فلسطينيون، مع وعود بمبالغ نقدية تحفيزية وأخرى عينية للإيحاء بوجود مشاركة فلسطينية.
وسبق أن أعلن رجال أعمال فلسطينيون من الضفة الغربية تلقيهم دعوات للمشاركة في تلك الورشة، وأكدوا رفضهم لها.
وكانت كل من الولايات المتحدة والبحرين أعلنتا في بيان مشترك عن تنظيم تلك الورشة، بعنوان «من السلام إلى الازدهار» والتي ستعقد في العاصمة البحرينية المنامة يومي 25 و26 من الشهر المقبل، حيث ستركز على الجوانب الاقتصادية لخطة السلام الأمريكية المسماة «صفقة القرن».
وحسب إعلان المنظمين فإن الورشة ستكون «فرصة محورية» ليجتمع قادة الحكومات والمجتمع المدني والأعمال معا لمشاركة الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات وشحذ الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن يوفرها التوصل إلى اتفاق سلام.
وأعلنت القيادة الفلسطينية بشكل رسمي رفضها تلك الورشة، التي تأتي ضمن مخططات فرض «صفقة القرن» التي لا تلبي المطالب الفلسطينية في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، والتي تقوم على إعطاء إسرائيل حق ضم القدس ومناطق في الضفة، وتشطب ملفي القدس واللاجئين من على طاولة التفاوض.
وسبق وأن أعلنت منظمة التحرير في رسالة إلى المؤتمرين وحضور تلك الورشة، بمن فيهم الدول العربية التي أعلنت المشاركة، أنها لم تكلف أحدا بالحديث باسم الشعب الفلسطيني. وعلمت «القدس العربي» أن القيادة الفلسطينية كثفت خلال اليومين الماضيين من اتصالاتها الخاصة مع دول عربية وأجنبية محورية، ومؤسسات اقتصادية عربية وعالمية، من أجل ضمان عدم مشاركتها في «ورشة البحرين»، حيث شرع عدد من المسؤولين بتكليف مباشر من الرئيس عباس بهذه الاتصالات، بغية إفشال الورشة.
وفي السياق قال الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن رجال الأعمال الفلسطينيين الذين تلقوا دعوات للمشاركة في تلك الورشة، أعلنوا رفضهم المشاركة قبل يومين من صدور الإعلان الرسمي الفلسطيني، مشيدا بموقفهم في التصدي للمخطط الأمريكي. وأكد في تصريحات تلفزيونية أن الورشة تمثل «بداية ترسيخ استبدال مبدأ الأرض مقابل السلام، بالمال مقابل السلام»، لافتا إلى أن الخطير في الصفقة، هو أن الإدارة الأمريكية عملت خلال الفترة الماضية على فرض العديد من الإجراءات، من خلال نقل السفارة للقدس والاعتراف بها عاصمة للاحتلال، واعتبار الاستيطان الإسرائيلي «شرعيا»، وإغلاق وكالة «الأونروا»، وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، وشطب حق تقرير المصير.
وأشار إلى أنه يجري البحث الآن عن إطار مجلس اتحاد أو غرفة تجارة مشتركة بين رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيليين.
ولفت إلى أن الدول العربية تشارك «لاتقان الولايات الأمريكية الضغط بلغة المصالح»، وذلك في تعقيبه على إضعاف الموقف الفلسطيني في حال المشاركة الأمريكية.
وانتقد عريقات في الوقت ذاته الدول العربية التي تعلن مشاركتها من أجل «مصلحة الفلسطينيين»، مضيفا «نحن لن نذهب فهل أنتم تعرفون مصلحتنا أكثر منا»، مضيفا «أما أن تقول لا أستطيع الذهاب لأن الفلسطيني لن يحضر، لأني لا أقبل ما يرفضه الفلسطيني، ولا أرفض ما يقبله الفلسطيني».
وتساءل «إن لم يكن الفلسطيني هناك (في المنامة) تتحدثون عن ازدهار لمن؟»، متوقعا فشل تلك الورشة، مطالباً جميع الدول العربية وغير العربية التي تنوي المشاركة إعادة النظر في موقفها، وقال إن استضافة البحرين للورشة كان «أمراً مفاجئاً»، لم يجر التشاور مع القيادة الفلسطينية حولها، لافتا إلى أن القيادة سمعت بها من وسائل الإعلام.

لا للمال المشروط

وكان حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قال معقبا على «ورشة البحرين» الاقتصادية «القدس ليست للبيع»، مشددا على أن «كل المليارات لا تساوي حجرا في أسوار القدس العتيقة»، وجاء في تغريدة كتبها على صفحته على موقع «تويتر» «نحن نتساءل عن أولئك المتباكين على الازدهار المزعوم، لماذا يحاصرون شعبنا ماليا ويدعون إلى مؤتمرات وورشات عمل تحت شعار كذاب يدعو لإنعاش الوضع الاقتصادي في فلسطين».
وتابع «بعد الشكر لكل الدول العربية التي قدمت يد الإسناد المالي والسياسي لشعبنا نتساءل أين البعض ممن يتباكون الآن تحت شعار إنقاذ وازدهار الوضع الاقتصادي في فلسطين؟ وماذا قدموا لدعم صمود شعبنا على أرض وطنه؟ وأضاف «نحن نقول بصوت عال لا للمال المشروط ، وفلسطين ليست للبيع».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *