هل ننتظر حرباً بتوقيت حماس؟!

إن مهزلة السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة يجب أن تنتهي. فجهاز الأمن، الجيش والمخابرات الإسرائيلية، يتمترسون في نطاق منطقة الراحة التي يوفرها الوضع الراهن الوهمي ويشلون القيادة السياسية التي هي على أي حال مقتنعة بأنه بالفعل يمنح أمناً حقيقياً لسكان الغلاف. هذا الوضع الذي ترقص فيه إسرائيل على أنغام أمزجة ومصالح منظمة حماس وتوافق على أن تبتز المرة تلو الأخرى، يجب أن يتوقف ـ وفوراً.
في نهاية الأسبوع الماضي عاد قطاع غزة ليعربد على الجدار، وتقويم الوضع يقول إن التصعيد سيحتدم فقط. كل «التخفيفات» التي أعطتها حماس لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة لقاء سلوكها القويم في مسألة المال القطري ـ شطبت. فحماس لم تعد تلجم المظاهرات، ولا تمنع اجتياز الجدار، ولا تمنع البالونات الحارقة، بل وحتى الصواريخ عادت في الأسبوع الماضي.
والآن ترفع حماس بالتدريج مستوى التصعيد، ليس كرد على عمل أو قرار إسرائيل كهذا أو ذاك ـ وهو وضع لا يطاق بحد ذاته ـ بل لأنها غاضبة مرة أخرى على المصريين.
قبل نحو أسبوعين شعرت حماس بأنها في قمة نجاحها السياسي: الأمم المتحدة ومصر أخذتا ظاهراً إلى أيديهما إعادة إعمار قطاع غزة بواسطة المال القطري في ظل قطع الصلة بنزوات السلطة أو نزوات إسرائيل. ولكن في الأيام الأخيرة شرح رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، لقادة حماس بأنهم تشوشوا، وأنه لن يكون أي تغيير، لا منطقة تجارية حرة على حدود رفح ولا معبر مفتوح على نحو دائم دون قيادة ومشاركة أبو مازن. بكلمات أخرى، بخلاف توقعات حماس لا تعتزم مصر الاعتراف بحكمها ككيان مستقل منقطع عن السلطة في رام الله. كما أعلن المصريون بأنهم لا يعتزمون السماح لهنية بالسفر إلى موسكو للقاء المصالحة للفصائل الفلسطينية. فالروس يريدون أن يتجاوزوا الأمريكيين والمصريين، أما الأخيرون فيبثون: المصالحة الفلسطينية الداخلية هي ملف مصري.
وعلى من يتم تنفيس الإحباط؟ إسرائيل. إذن كلف غضب حماس هذا الأسبوع قتيلين وبضع عشرات الجرحى على الجدار، الأمر الذي لا يمنعها من أن تضمن مسرحية عاصفة أكثر في الأسبوع القادم.
دولة سيادية، ترى نفسها قوة عظمى إقليمية لا يمكنها أن تعيش وفقاً لنزوات كيان معاد وجوده منوط بنا.
على جهاز الأمن أن يتوقف عن تخويفنا من نبوءات الغضب الدائمة في أنه إذا ما سقط حكم حماس في غزة فستسود القطاع فوضى على النمط الصومالي.
كفى لتحصين حماس عن النقد. لعل مثل هذه الفوضى بالذات مطلوبة كي يأخذ العالم العربي أبناء عمومته في غزة إلى أيديه. طالما تسمح إسرائيل بوجود بائس في القطاع وتبقي حماس في الحكم، فإنها تسمح للعالم بأن يتجاهل الأزمة الإنسانية وتتلقى هي كل الملاحظات والانتقادات. كما يمكن أيضاً أن نقرر بالذات فتح البوابة والسماح لعشرات آلاف العمال من غزة للعمل في الغلاف. فليس معقولاً إحراق الحقل الذي يرزقهم. ولكن جهاز الأمن وبالأساس الشاباك، يعارضون. والكل يشرح ما هو محظور عمله ويقدسون الجمود والتصلب الفكري اللذين يؤديان إلى حرب مؤكدة في ظروف وتوقيت تقررها حماس.

اليكس فيشمان
يديعوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *