“تايمز”: دون تفسير سعودي واضح ستصبح علاقة بريطانيا مع الرياض أعقد

تحت عنوان “حلفاء غير متناسبين” كتبت صحيفة “تايمز” في افتتاحيتها قائلة إن بريطانيا تواجه خيارات صعبة في علاقتها مع السعودية. وقالت إن الحكومات الغربية ورجال الأعمال غالباً ما اتخذوا موقفاً براغماتياً من السعودية، فالثيوقراطية الإسلامية الشمولية لم تكن أبداً حليفاً أخلاقياً للديمقراطيات الغربية. ولكن التعاون الأمني والاستخباراتي كان كافياً بدرجة قوية فيما توفرت الفرص الاقتصادية بكثرة بدرجة جعلت هذه الدول مستعدة لحرف النظر عن استخدام السعودية أحكام الإعدام والعقوبات الجسدية والقمع الممارس على الأقليات. إلا أن مقتل الصحافي جمال خاشقجي يضع الحكومات الغربية ورجال الأعمال أمام مأزق حاد أكثر من المعتاد. وحتى لو استثنيا صفقات السلاح فالسعودية بشعبها المتعلم المتطلع للخارج يمنح إمكانيات عالية للاستثمار والتجارة للمجتمع الدولي التجاري والمجتمعات السياسية ولا يمكن والحالة هذه تجاهله.

وأكثر من هذا، فمنذ وصوله إلى السلطة قام محمد بن سلمان بإزاحة عدد من المعوقات التي لم يكن الغرب يوافق عليها مثل منع المرأة من قيادة السيارة. لكن مقتل خاشقجي جعل سمعة البلد تتدحرج في الاتجاه الآخر.

وأشارت إلى النسخة الأخيرة عن مقتله التي قدمتها الحكومة، وهي أن الهدف لم يكن القتل بل إعادته للمملكة، لكن معركة اندلعت داخل القنصلية مات على أثرها الصحافي، ولفت جثته بسجادة وأعطيت لمتعهد محلي ولبس أحد أعضاء الفريق ملابسه وخرج من الباب الخلفي. ولم تقل الحكومة السعودية شيئاً عن مكان الجثة. وتعلق الصحيفة أن هذا الكلام غير قابل للتصديق حتى لو كان صحيحاً. وقد تكون خطوط الغرب الحمراء عشوائية ومنافقة لكن لن تكون هناك ديمقراطية أو رجل أعمال يريد أن يكون حليفاً مع نظام يمارس القتل خارج القانون ضد مواطنيه في قنصلياته وعلى أراضي الدول الحليفة له.

ووقعت بريطانيا وكندا وألمانيا وفرنسا بيانات عبرت فيها عن عدم رضاها من التفسير السعودي وحتى الرئيس دونالد ترامب الذي كرر الحديث عن صفقات أسلحة مع السعودية بقيمة 100 مليار دولار عبر عن عدم اقتناعه بالتفسير الأخير.

وبالنسبة للسعودية فإن هذه المواقف تحمل تداعيات. ففي هذا الأسبوع تستضيف الرياض مؤتمراً للاستثمار أطلق عليه (دافوس الصحراء) وهو جزء من خطط ولي العهد ورؤيته لمستقبل المملكة. وكان من المتوقع أن يحضره عمالقة السيلكون فالي ورجال الأعمال ومسؤولون كبار مثل ستيفن مينوشن، وزير الخزانة الأمريكية وليام فوكس وكريستيين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي وكلهم ألغوا مشاركتهم. وتقول الصحيفة إن موت خاشقجي يترك بريطانيا مع بقية الدول أمام اسئلة صعبة، “فنحن بحاجة لأن نسأل أنفسنا إن كانت الواقعية السياسية مع السعودية تأتي بشروط. وتبيع بريطانيا السلاح للسعودية مع أن الكثيرين يشعرون بالروع من الطريقة التي تستخدمها في الحرب باليمن. ومع قرب العقوبات على إيران سيعتمد العالم على السعودية لاستقرار سوق النفط”.

وتختم بالقول “من مصلحة بريطانيا أن ينجو آل سعود والسعودية. وعلى السعوديين تقديم رواية أحسن حول ما حصل في قنصليتهم بتركيا ومن المسؤول. وإلا فإنهم سيجعلون العلاقة المعقدة أكثر تعقيداً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *