ألكسندر غابوف – “فورين أفيرز”
توقّف الباحث الروسي ألكسندر غابوف في مقالة نشرتها مجلة “فورين أفيرز” عند المناورات العسكرية التي نفذتها موسكو في إقليم سيبيريا، واصفًا إيّاها بأنها الأكبر التي تجري في روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وقال إن “ما ميّز هذه المناورات لم يكن فقط حجمها بل مشاركة 3200 جندي صيني الى جانب نحو 300000 جندي روسي”.
وأكد الباحث أن “الاعتقاد السائد في واشنطن بعدم وجود ثقة بين بيكن وموسكو هو اعتقاد خاطئ”، مشيرًا الى أن “تعميق العلاقات العسكرية بين الصين وروسيا “حقيقي، وتوطيد الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين قد يقلب خمسين عامًا من التخطيط العسكري الأميركي”.
ولفت الباحث الى أن “مناورات “فوستوك 2018″ كانت تتويجًا للتحوّل الحاصل بموقف روسيا الاستراتيجي حيال الصين، وهو ظهر بشكل واضح عام 2014، حتى أن موسكو رأت قبل تلك السنة أسبابًا واضحة لتعميق الانخراط مع بيكن”.
وبرأي الباحث، العامل الاقتصادي يعدّ من العوامل التي تعزّز العلاقات بين روسيا والصين.. روسيا دولة مصدّرة لمواد الخام وتفتقد إجمالًا الى التكنولوجيات الصناعية المتقدمة ورأس المال، أما الصين فهي دولة مستهلكة للسلع وخاصة النفط والغاز، كما أنها أصبحت من الدول الريادية في مجال التقدم التكنولوجي. وعليه أصبحت أهمّ شريك تجاري لروسيا منذ عام 2010.
ويضيف الكاتب “الجانبان يتشاركان أهدافًا سياسية، وهما حريصان على الاستقرار.. بكين وموسكو كدول دائمة العضوية بمجلس الامن تريدان تشكيل نظام دولي يعتمد على السيادة ويحدّ من التدخلات الخارجية بشؤون الدول”.
الكاتب يرى أن “عداء واشنطن لكلا الطرفين كان عاملًا أساسيا وراء تحسين العلاقات بينهما”، ويلفت الى أن استراتيجية الأمن القومي الاميركي الجديدة وضعت الصين وروسيا في الخانة نفسها واتهمتها بمحاولة “تقليص الامن والازدهار الاميركي”، ويردف “المخاوف الاميركية المتزايدة من الصين وروسيا شجّعت زعماء البلدين على البحث عن أرضية مشتركة”.
بناءً عليه، يستنتج الكاتب أن “المناورات العسكرية الأخيرة بين الصين وروسيا هي رسالة واضحة الى الولايات المتحدة”، مبيّنًا أن “أوروبا تحذّر من استمرار الضغط عبر فرض العقوبات والرسوم الجمركية والانتشار العسكري”.
ونبّه الكاتب الى أنه سيكون من الخطأ لواشنطن وحلفائها أن يتجاهلوا تداعيات تعزيز الشراكة العسكرية بين بيكن وموسكو، فتعزيز الثقة بين الصين وروسيا قد يؤدي الى تكثيف التعاون والتنسيق في مجالات أخرى مثل الفضاء الالكتروني”.
وأشار الى أن الأجهزة الروسية والصينية تتشاركان في الحدّ الأدنى معلومات حساسة حول عمليات عدائية تقوم بها وكالة “ال-CIA”.
ويخلص الباحث الى أن “الموقف التقليدي بواشنطن وعواصم غربية أخرى يتجاهل كيف أن السياسات الاميركية “القصيرة النظر” تعزز العلاقات بين روسيا والصين”، مشدّدًا على أن “الوقت مناسب لإعادة النظر بالسياسة الاميركية التي تعادي كلًّا من روسيا والصين في آنٍ”.