اختلفت المصادر الإعلامية والحكومية في مصر على توصيف وتبرير القرار المفاجئ الذي أعلنه تركي آل الشيخ، مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بسحب استثماراته من مصر، والمتمثلة في امتلاكه نادي “بيراميدز” (الأسيوطي سابقاً) وقناة “بيراميدز” الرياضية، وذلك بعد أيام من تعرّضه لهتافات ساخطة وسباب كثيف من جمهور نادي “الأهلي” أثناء مباراته الأخيرة بربع نهائي دوري أبطال أفريقيا.
واعتبرت بعض المصادر أنّ آل الشيخ يمارس ضغطاً على النظام في مصر لحمايته من الهجوم الجماهيري والإعلامي، استناداً إلى معلومات مفادها أنّ رئيس نادي “الزمالك” مرتضى منصور، هو الذي اقترح على آل الشيخ إطلاق هذا التهديد، وأن يتبعه بحملة إعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدماً قيادات العمل الرياضي في السعودية، للتحذير من مغبة انسحابه من الرياضة المصرية. كل ذلك بهدف إجبار النظام على البطش ببعض أعضاء مجلس إدارة نادي “الأهلي” الذين تربطهم علاقات قوية بجماهير النادي، ويعتبر آل الشيخ أنهم يقفون خلف الهجوم الجماهيري المنظم عليه.
وتحوّل سباب آل الشيخ الذي ردّدته الجماهير إلى “ترند مصري” على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اعتبره آل الشيخ هجوماً منظماً يقف وراءه، بالمال والتنظيم، عضوان أو ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة نادي “الأهلي”، عرفوا منذ شهور بمعارضتهم لتجربة آل الشيخ السابقة في “الأهلي”، وحاولوا التصدّي لهجومه المستمر على النادي ورئيسه محمود الخطيب.
وبالتزامن مع هذا التصعيد، ألقت قوات الأمن القبض على أكثر من عشرين مشجعاً لنادي “الأهلي من منازلهم، وأحالتهم إلى جهات غير معلومة، يرجّح محامون أنّها مقار الأمن الوطني في المحافظات المختلفة، في إطار حملة مفاجئة ضدهم، خصوصاً أنّ الجماهير لم تهاجم إلا آل الشيخ، ولم تتعرّض للحكومة أو أي من قياداتها.
إلى ذلك، أضافت المصادر التي ترجح أن يكون آل الشيخ يمارس ضغطاً على النظام، أنّ الأخير يرغب في تحريك قضية عاجلة ضد المشجعين المقبوض عليهم وألا يكتفي النظام بتحذيرهم أو تهديدهم في مقار الأمن الوطني، وأنّه يريد أيضاً أن تصّل التحقيقات إلى أعضاء مجلس إدارة “الأهلي” المناوئين له، الأمر الذي تعتبره بعض دوائر النظام “تمادياً غير مرغوب في خدمة مصالح آل الشيخ مما سيسيء أكثر لصورة النظام”.
ويدعم ترجيح أنّ آل الشيخ يمارس ضغوطاً ولا ينوي الانسحاب من مصر، أو بالأحرى لم يتلق أوامر بذلك من الرياض، المعلومات الواردة من داخل قناة “بيراميدز” وتفيد بأنّ العاملين بها تلقّوا رسائل طمأنة باستمرار العمل في القناة وعدم البحث عن أماكن أخرى، وأن مستحقاتهم هذا الشهر ستصرف في موعدها، وذلك بعد اجتماع عقده عدد من الإعلاميين، صباح الثلاثاء، منهم مدحت شلبي مع بعض مساعدي آل الشيخ ورئيس النادي حسام البدري.
وما يدعم هذا الاتجاه أنّ آل الشيخ كان يتفاوض حتى ساعات قليلة مضت مع تامر مرسي، مدير شركة “إعلام المصريين”، لشراء حصة من أسهم الشركة تمكّنه من إدارتها مع استمرار تامر مرسي ومساعديه، وذلك في إطار التعاطي السعودي مع التوجّه الرسمي المصري للتخفيف من أعباء وسائل الإعلام المحلية المدارة حالياً بواسطة الصندوق الاستثماري “إيغل كابيتال” التابع للاستخبارات العامة، والذي تديره وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد.
واللافت أنّ هذه المستجدات طرأت بعد ساعات قليلة من موافقة اللجنة الأولمبية المصرية على تعديل اللائحة الداخلية لنادي “بيراميدز” واعتماد التغييرات التي أدخلها آل الشيخ على هيكله الإداري والمالي، الأمر الذي يرجح أن يبقى انسحاب آل الشيخ مرتهناً بمدى نجاح ضغوطه على النظام المصري للحصول على مزيد من الضمانات ووسائل الحماية.
في المقابل، رجّحت مصادر أخرى أن يكون انسحاب آل الشيخ من المشهد الرياضي بداية لاختفائه من الساحة، بسبب اهتزاز صورته أمام صناع القرار في السعودية، وأنّ ولي العهد يبحث عن واجهة أخرى للمشروع السعودي في مصر. لكنّ هذه الرؤية لا تدعمها إلا البيانات التي أصدرها نادي “بيراميدز” ومسؤولوه وتصريحاتهم عن قلقهم على “مستقبل الكرة المصرية” بعد سحب استثمارات آل الشيخ.