
أمّ الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان المؤمنين في صلاة عيد الفطر، وألقى خطبة الفطر في مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في مخيم البداوي شمال لبنان.
وقال فضيلته “العيد الفرحة باكتمال الطاعة وتمام العبادة والفطر يأتي بعد الصوم حيث الجائزة بالفرحة بالعبادة وتكون الزينة بالتكبير “زينوا أعيادكم بالتكبير” لأن تكبير الله تبارك وتعالى هو الذي يجعل القيمة الحقيقية للإنسان.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه” نحمده على تمام العبودية للواحد الديان، نسأله سبحانه أن يجعلنا ممن يعتق رقابهم من النار بعد أداء طاعة الصيام وبعد الالتزام بأوامر الله عز وجل.
إنّ شرب الماء في نهار رمضان مفطر والطعام المباح في نهار رمضان مفطر، لذلك من باب أولى أن لا يفطر الإنسان على دم أخيه الإنسان. ما جرى وما يجري في الكثير من مدننا وبلداننا ظاهرة تصل إلى حد اللاإيمان، لأننا عندما نقتتل في ما بيننا وندخل في المعارك الجانبية ويقتل بعضنا بعضا بحجة وبدعوى أنني صائم، فهذا عدم فهم لحقيقة الصوم، الصوم جاء ليهذب أخلاقنا وسلوكنا في أصعب الصيام، الصيام يضغط على أعصابك وهذا مطلوب لذاته، فهو اختبار أخلاقي وإيماني للأخلاق وللسلوك وللعلاقات، لذلك ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم”.
إنّ الكثير مما يجري من الهرج والمرج في نهار رمضان وفي ليالي رمضان من سفك للدماء داخل أمتنا هو بعيد كل البعد عن هدي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في حجة الوداع قال “لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض” وقال “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى أن تلقوا ربكم ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد”. والله عز وجل يقول “من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا” لذلك قيمة المرء المسلم العابد المسالم قيمة دمه قيمة ذاته هي قيمة عالية جداً هي بمستوى قيمة الكعبة، هي بمستوى الحياة الدنيا بكليتها، ههنا في لبنان أو في داخل بلداننا أو في غزة، لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لزوال الدنيا أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حق” وفي رواية أخرى “لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حق” لذلك يجب أن تتوقف كل حالات الجنون وكل حالات الاستهتار بالدم، فرسول الله يقول “أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة” لا يقبل الله تعالى توتبه وحتى يخرجه من الدائرة الإيمانية في معنى من المعاني، لذلك يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه” لذلك ودّعوا كل تلك الحروب الجانبية والعبثية التي تخاض فيما بين أعراضنا وألواننا ومذاهبنا ومناطقنا وشعوبنا، لمصلحة المعركة الأساس مع الكيان الغاصب مع الكيان المحتل.
هناك ميدان البطولة والرجولة الذي يجب أن تجتمع عليه الأمة جمعاء، لا يجوز لدول ولشعوب أن تمثل دور الوسيط في ما بين الشعب الفلسطيني وفيما بين المجاهدين المقاومين من جهة ومن جهة أخرى مع الكيان الصهيوني المحتل، لا يجوز هذا بحال من الأحوال، لأن الشراكة الفعلية الحقيقية في المواجهة والقتال هي عنوان من عناوين القرآن عندما قال الله “قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة” لذلك يجب أن نجتمع سويا في ميدان واحد لننتهي من هذا السرطان الذي زرع في أرضنا منذا ما يزيد عن مئة سنة، سرطان يثير الضغائن والأحقاد في ما بيننا والحروب المتتالية البينية وحروب الوكالة حتى تبقى إسرائيل ويبقى هذا الكيان هو الكيان الأقوى، لذلك مسؤوليتنا أن نقاتل جميعا في هذا الميدان حتى ننتهي من هذا السرطان الذي لا يمكن التعايش معه، نسأله تعالى أن يجعلنا من أهل الإيمان ومن أهل التقوى وممن يكبرون الله عز وجل ليتصاغر معه كل ما سواه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا
جاء هلال رمضان من أجل أن يؤكد على وحدة الأمة وجعل الله لهذه الأرض ولهذا الكوكب الذي نعيش عليه قمراً واحداً حتى لا نختلف، ولكن عندما لا تستطيع أمة الإسلام أن تصل إلى مستوى تستطيع فيه أن ترى الهلال لحظة ولادته لتصوم صياما واحدا لتصوم صياما واحدا ولتفطر إفطارا واحدا، مع أن رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا عدة شعبان ثلاثين يوما” فذلك مشكلة كبرى داخل الأمة، عندما لا تستطيع الأمة أن ترى من هو العدو ومن هو الصديق، لأنهم أعرضوا عن ذكر الله وباتوا يبحثون عن كيفية الخلاص والجلوس تحت العباءة الأمريكية وتحت عباءات الكفر من أجل أن يحفظوا أنفسهم وكراسيهم وعروشهم وهذا مصداقا لقوله تبارك في علاه “فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين”.
على مدى ما يقرب من سنتين يقوم أهلنا في غزة بجهاد ودفاع بطولي دفاعا عن الأمة جمعاء، تخلف عنهم الأقربون وعاداهم الأبعدون، وما جرى على أرض غزة ليست سقطة أو غلطة وإنما هو تفجر للحالة لحالة الكرامة والعنفوان الإنساني الذي يرفض ويأبى أن يعيش على الضيم، وشعبنا في بلاد الشام هو شعب مبارك قال الله عز وجل فيهم “عباداً لنا أولي بأس شديد” في سورة الإسراء، لذلك بداية هذه المعركة لا يجوز أن تكون نهايتها بعد كل التضحيات إلا النصر.
كما رأينا هلال رمضان يجب أن نرى هلال العزة والكرامة والانتصار في سماء القدس كما صمنا سويا يجب أن نفطر سويا لأنه لا يجوز بحال من الأحوال أن يصوم إنسان ثم يفطر شبعاً ويكون أخوه وأهله وإخوانه يصومون صيام التتالي لأنهم لا يجدون ما يفطرون عليه ورسول الله نفى تمام الإيمان وحقيقة الإيمان عن كل أولئك عندما قال “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم بحاله” الهلال تجاوز كل الحدود الجغرافية والوطنية ليأذن بعد ذلك بصيام واحد وبإفطار واحد دون أن يعير انتباها لدوائر الأمن العام ولكل دوائر الهجرة والتقسيمات الاستعمارية، لذلك يجب أن يكون التضامن مع أهلنا في غزة على هذه الخلفية، لا يجوز أن يتركوا بمفردهم لأنّه لا سمح الله إنْ خنقت فسيبقى الكيان على مدى مئة سنة قادمة وسنرى إسرائيل الكبرى، لذلك كل الصراعات الداخلية هي حالة من حالات البعد عن الله تبارك في علاه، وتمدّ في عمر هذا الكيان عاما بعد عام، من هنا يجب أن نجتاز كل الحدود والسّدود المصطنعة.
إيّاك أن تعتقد أنّك فلسطيني وأنّ الآخر لبناني وذاك سوري عن مكانه ومكانته، وذلك مصري يبحث عن رغيف الخبز، وآخر في الخليج يعيش الرفاهية، كل هذه الحدود المصطنعة هي تجزئة من أجل أن يحكم الكفر العالمي قبضته على أمتنا، هل يلتزم الكيان الصهيوني وهل يلتزم المجتمع الدولي بكل هذه الحقوق السياسية التي وضعها في ما بين دولنا؟ هو تجاوز كل ذلك، في 7 أكتوبر بدأ الطوفان في 8 أكتوبر كانت الدنيا بكليتها ههنا، أهلنا هناك يخوضون حرباً عالمية ثالثة، ليس معهم إلا الفقراء والمستضعفون من بلادنا، الله الله في اليمن الذي يغير مجرى كل السفن رغم أنه لا يملك شيئاً، ماذا لو دخلت أمتنا في معركة واحدة؟! لو دخلت في معركة واحدة لانتهى الكيان لا بل بالأساس لما قام، مسؤوليتنا أن نغير كل أنظمة الحكم التي تقف إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب، أن نزيل كل هذه الأنظمة العميلة للاستعمار وللكفر وللاستكبار في بلادنا، من أجل أن تتجه في مجتمع جهادي مقاوم يأبى الضيم، مجتمع يستل سيفاً ليدافع عن نفسه، مجتمع “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم” مجتمع “كتب عليكم القتال وهو كره لكم” ويقدم بعد ذلك الدم طاعة لله عز وجل “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة” فالوقوف إلى جانب غزة هو واجب شرعي، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وإزالة الكيان هو واجب شرعي تحدثت عنه سورة الإسراء، عندما تحدث فيها القرآن عن الوعد الأول وعن الوعد الآخر، لذلك حدثوا أنفسكم في صبيحة هذا العيد أن نرى العيد الحق عيدان، عندما نرى في سماء القدس هلال الإفطار، عندما تجتمع الأمة بأسمرها وأبيضها وأحمرها وأصفرها لتصلي في مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الانتصار، البعض يقولون قد ضعفنا لم ننتصر، كسرنا… تسلط الأضواء دائماً على الأبنية وعلى الدماء ولكن الله عز وجل يقول “إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون” كل هذا الضغط الذي نراه اليوم داخل الكيان سيفجر الكيان من داخله إن شاء الله لكي ينهار بعد ذلك ولكي نرى بأم العين أسراب المجاهدين تنطلق، ومجموعات المحررين الفاتحين تنطلق من كل حدب وصوب من أجل أن يعود للعيد فرحته وبهجته، نسأل الله تعالى أن يرينا ذلك الانتصار ببركة المجاهدين ببركة الشهداء ببركة الصامدين”.

******
الدكتور شعبان ووفد الحركة تبادل التهاني بالعيد عقب الصلاة مع أبناء المخيم، ثم انتقل فضيلته مع جمع من المحبين إلى ضريح العلامة المجاهد سماحة الشيخ سعيد شعبان في مجمع الخلفاء الراشدين في القبة – طرابلس حيث قرأوا الفاتحة عن روحه الطاهرة.



