“العدوان على الأمة بين اختلاق الذرائع ونكران الوقائع” موضوع خطبة الجمعة للأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان بتاريخ 7 شباط 2025 والتي ألقاها من على منبر مسجد التوبة في طرابلس – لبنان.
وبدأ فضيلته الخطبة بقول ربنا تبارك في علاه “ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولّوا مدبرين” صدق الله العظيم.
وأضاف شعبان “وضع الله تبارك وتعالى قرآنا جاء به الرسل والأنبياء ليبلغوا الناس رسالة الله عزّ وجلّ وليكونوا سبيلا للهداية وسبيلاً للنجاة ولكن كثيرا من الناس أعرضوا عن كتاب الله عز وجل وتعاموا عن كتاب الله، والعشى هو عدم القدرة على الإبصار، الطبيعة لا تقبل الفراغ إما أن يكون موجهك القرآن وإما أن يكون الموجّه هو هوى النفس والشيطان، فالله عز وجل يقول “ومن يعش ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين” مقترن معه يحسن له السيئ ويصوب له الحسن ويبقى الإنسان في هذه الدائرة ليصل إلى مرحلة من المراحل يقول لك الصحيح ما أراه صحيحاً والخطأ ما لا أستحستنه، صار لديه قاعدة فيها الأنا، والله يقول “ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون” هذه الهداية التي يقول لك ويخبرك بها هو وفق مجريات العصر من تقنيات وحضارة، يريدك أن تتطلع إلى الغرب وما فعل دون العودة إلى الخلف 1400، يطلب منك أن تنطلق صوب الفضاء الأرحب، يقول لك انظر إلى أين وصلوا إلى القمر، وأنت تحدثني عن الطهارة… فيخرج دون أي شيء، لذلك التوجيه قرآني وممنوع التعامي عن كتاب الله عز وجل حتى لا تتغير كل قواعد الحياة من ولاء من عداء من براء من رزق من رحمة يتحول الصدق إلى كذب ويجمل الكذب على أنه حالة من حالات الشطارة، الله عز وجل نهى عن الربا وحرم الربا يقول “يمحق الله الربا ويربي الصدقات” فيخبرك أن الربا ليست ربا وهي فائدة، يجمل لك الأمر، ثم يحول لك الولاء إلى عداء والعداء إلى ولاء، ويؤكد أن المصلحة تقتضي ذلك، يتحول المشروع لبناء العلاقة مع مشروع الكفر كحالة من حالات القراءة السياسية والاجتهاد السياسي، الاجتهاد السياسي هو الذي يدلك كيف تستطيع أن تقف لتبقى ثابتاً عند التبدلات يقول لك احفظ رأسك عند تبدل وتغير الدول، ما الذي يجب أن يكون؟ مفروض أن يكون موضوع الولاء والعداء القرآني كما يرونه متذبب متبدل متغير وفق المصلحة، أما الله سبحانه فيقول “لا تتخذوا اليهود والنصاى أولياء”، يجيبك نعم ولكن لمشروع عدو عدوي صديقي أستطيع أن ألتقي مع فلان… ينسف مشروع القرآن بشكل كلي… هذا القرآن الذي نزل في رمضان، اللهم أهل علينا رمضان حتى نصوم أيامه وحتى نقرأ آياته لنعود إلى جادة الصواب.. ينسف مشروع الولاء والعداء، فيصبح العداء هو عداء داخلي، على قاعدة قول الآباء والأجداد، والأمثلة الشعبية، ماذا تقول؟ تقول لك “أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب”، يتحول الصراع إلى صراع داخلي لم؟ لأنه “ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون” لذلك دائما يجب أن يكون هناك قراءة قرآنية واضحة تحدد لك دربك وسلوكك في الحياة، إن لم يكن هناك قرآن سيكون هناك شيطان، وستصل بعد ذلك بكل السياسات إلى ما وصلت إليه أمتنا… لذلك أيها الإخوة الكرام، ما نعيشه اليوم في هذه الأيام هي أيام صعبة، إمّا أن تستمسك بالذي أنزله الله عزّ وجلّ على رسله وعلى أنبيائه، وإمّا سنسير في دياجير الظلم، وفي تيه أصعب من التيه الذي تاهه أولئك ما نبي الله موسى عليه السلام أربعين سنة في سيناء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أيها الإخوة الكرام تعتمد على مستوى السياسة الدولية والإقليمية والمحلية سياسة المخادعة والكذب والإغراق التي يتحول فيها الناس في الغالب الأعم إلى حالة من حالات الضلال والإضلال والتتويه، إغراق في عناوين كبرى لا يستطيع الإنسان فيها أن يدرك حقيقة ما يجري، اختلاق مشاريع كذب، اختلاق مشاريع عداء غير منطقية، ويمشي فيها الناس وفق هوى ما يريده الغرب، لأن الذي يحدد السلوك والمسار في هذه الأيام هو مشروع الإعلام.. بالأمس يقف دونالد ترامب وهو الذي يتحدث بكل صفاقة عن ضرورة أن يهجّر أهل غزة إلى الأردن وإلى مصر… فيتحول المشروع …عندما تطرح الكثير من الأمور أحياناً لأن تعتقد أن هذا المشروع تافه ولكن ولكن طرح اللاممكن واللامعقول يدخل في دائرة الحوار وفي دائرة النقاش وفي دائرة الممكن واللاممكن يصبح الأمر متداولاً والأمر المتداول بعد قليل حقيقة… مثل من الأمثلة غزو العراق غزو أفغانستان، غزو أفغانستان على خلفية استهداف برجي التجارة العالمي، ثم كثير من الناس تحدث أن ما جرى لا يوجد دليل عليه، فيصبح النقاش قبل الاجتياح الأمريكي لأفغانستان “قاموا بذلك أم لم يقوموا به” فيختلف الناس في ما بينهم يصبح هناك وجهتي نظر يصبح بعد ذلك الأمريكي له الحق في أن يثأر لنفسه… العراق أيضاً كلنا يذكر أكذوبة أسلحة الدمار الشامل وتصوير شاحنات وتصوير معامل وتصنيع وما إلى ذلك.. كلنا نعرف أن كل ذلك كذب ولا يوجد شيء، وكل الدول نفت ذلك، ولكن شنّت الحرب على هذه الخلفية ونحن نتناقش هل يوجد أم لا يوجد؟ حوصر العراق مات مليونا طفل، العراق حتى هذه اللحظة نقل من موقع جيوسياسي إلى موقع آخر بعد الاحتلال الأمريكي ونفذوا ما يريدون.
اليوم هناك حرب شعواء في غزة، لم يستطع من خلالها العدو الغاصب المحتل أن يحتل أرضنا، ورغم ذلك رغم الجراح رغم الدماء رغم الهدم رغم شلال الدم رغم كل ذلك بقوا هناك في أرضهم يرفع كل منهم إصبعه ويقول أحد أحد… وانتصروا بصبرهم وثباتهم، وهذا لم يعجب مشروع الكفر العالمي، فجاء ليتحدث عن ضرورة نقل أو تهجير أهل غزة إلى الأردن أو مصر… لذلك حالة من حالات النقاش تحول الرفض الأردني والمصري ورفض دول الاعتلال العربي ورفض دول التطبيع لتهجير الفلسطينيين إلى حالة من حالات الانتصار.. صارت تلك الدول ما شاء الله دول صابرة ثابتة ترفض ما يريده الأمريكي.. تحوّل الانتصار من انتصار لأهل غزة إلى انتصار سياسي ورفض للدول المطبّعة مع الأمريكي، والناس تتحدث وتقول أحسنوا إذ رفضوا هذا التهجير… ثم في درجة ثانية يقول لك أنا لا أريد أن أهجر الشعب الفلسطيني، يقول ترامب كل ما يريده ترامب الذي يزيل الأقنعة ويتحدث بكل صلافة، ويصرح يقول نحن نريد أن نحول غزة إلى ريفييرا إلى كوتدازير إلى هاواي.. فقط اخرجوا منها وأنا أعمرها من جديد.. هو كل ما يريده مصلحة أهل غزة، والناس تدخل مباشرة في هذه الدائرة منهم من يقول فلنجرب والآخر يقول قد يكون صحيحاً والآخر يعتمد على النخوة العربية الرسمية.. ولكن الفكرة اللامنطقية اللامعقولة تصبح جزءا من دائرة النقاش.. بعد ذلك تطبق.
اليوم عندما تقف إلى أصل الموضوع هي حرب على غزة خيضت بسلاح أمريكي بقذائف أمريكية بأف 35 أمريكية، كل ما دمر غزة هو أمريكي… وكان يستطيع الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية أن توقف الأسلحة وأن تقول لولدها غير الشرعي يجب أن تتوقف الحرب ويجب أن يتوقف كل شيء، فيتوقف كل شيء.
رأيتم غزة رأيتم الدماء يقولون لك غزة منطقة لا يمكن أن يعيش فيها الناس، والحل الأمريكي اخرجوا منها ونحن نعمرها… ثم ينتهون من غزة ولا يعود بعد ذلك أهل غزة إليها ولن تبقى أرضاً عربية.. لذلك ما المطلوب اليوم؟ اليوم المطلوب تستمسك بالذي أوحي إليك وإنك على صراط مستقيم، المطلوب أن يبقى الإنسان ثابتاً على الثوابت، تماما كما فعلت قريش مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، قبل الدعوة كان الرسول هو الصادق الأمين.. بعد الدعوة صار ساحراً وكاهنا ومجنونا ويعلمه بشر.. لم ينزلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النقاش هل هو ساحر.. هل هو كاهن.. هل هو مجنون.. متاهات.. هو الإغراق حالة من حالات الكذب والله عز وجل يقول “ولا تطع المكذبين” ويجب أن تبقى “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا” تبقى مستقيما على درب الدعوة على درب لا إله إلا الله التي ابتدأها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم ينزلق إلى النقاشات الجانبية التي يحاول من خلالها أن يستدرج إلى الابتعاد عن الهدف الأساس.. الهدف الدعوة إلى لا إله إلا الله ولا تصير الدعوة ساحر أم ليس ساحرا، مجنون أم غير مجنون.. هل هو عدوان أم ليس عدوانا على غزة على لبنان على العراق على أفغانستان..
خلال هذا النقاش ينفذ الكيان الغاصب وينفذ الأمريكي ما يريد.. موضوع الأكذوبة الأساس واختلاق الذرائع، هي الذرائع التي يستطيع من خلالها أن يغزو أمتك ليكون هناك عنوان صغير اسمه الذريعة من أجل القتل.
يروى على لسانات الحيوانات مثل كتاب كليلة ودمنة، يُروى أن هناك ذئبا وحملا التقيا على غدير ماء، نبع ماء، فنظر الذئب إلى الحمل واستمرأ لحمه، غداء طيب، فقال له وأراد أن يلتهمه، يريد ذريعة لأنك تحتاج حجة أمام المجتمع الدولي، قال له عكرت علي الماء، أجابه الحمل أنا أشرب من بعدك.. قال ألم تشتمني في العام الماضي قال أنا ولدت هذا العام، إذا أخوك من شتمني، قال ليس لي إخوة، قال الذئب إذا أبوك الذي شتمني في العام الماضي ويجب أن ألتهمك من أجل أن آخذ ثأري.
هناك حجة يجب أن تلتهم يجب أن تؤكد يجب أن تفترس ولكن توضع هناك الكثير من الحجج ونحن هنا عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لم فعلوا ما فعلوا في غزة؟ بلبنان هل نحن ندّ لهم في لبنان؟ فتدخل في دائرة النقاش الجانبي بدل أن تبقى مستقيماً على ما أنت عليه.
المطلوب اليوم أمام كل هذا الهول وأمام وضوح الرؤية أمام هذه الملحة والمجزرة الكبرى أن لا تلتفت إلى كل تلك العناوين الكاذبة الخداعة “فلا تطع المكذبين” ويجب أن تبقى مع الصادقين “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” والصادقون هم الذين يقدمون دماءهم هم الذين يقدمون أرواحهم، هم الذين لا يبخلون على أمتهم بدمائهم وبأرواحهم وبحريتهم وبكل شيء… كذابون كل أولئك الذين يرفعون شعار محكمة العدل الدولية.
محكمة العدل الدولية شيء عظيم ما رأيكم؟ هي جزء من منظومة الحرب العالمية الثانية: الأمم المتحدة مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية ومحكمة لاهاي… أصدرت قرارا ضد نتيناهو، اليوم أصدر ترامب اليوم قراراً بعقوبات على كل القضاة وبالانسحاب من المحكمة الدولية لأنها وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني بالكلام وليس بالتطبيق.. لديهم صنم اسمه المنظومة الدولية صنعوه من تمر أو من سكر يعبدونه، وعندما يريدون يأكلونه.. هذا هو النظام الدولي الموجود اليوم.. ما المطلوب؟ المطلوب “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا” لذلك يجب أن نستمر في مثل هذه المشروع من الصمود والثبات، لأنك بعد ذلك ستستيقظ لترى كل ما تطرحه قد أصبح قاعاً صفصفاً “لا ترى فيها عوجا ولا أمتا”.
في المشروع في الموضوع اللبناني يدخل في هذه الدائرة، بتشكيل الحكومة وما جرى في لبنان وما جرى حتى في سوريا على المستوى الظاهري هو نقل لبنان وسوريا من موقع جيوسياسي معين إلى موقع آخر، إلى موقع، كان في سوريا المتحكم الروسي اليوم الأمريكي، بلبنان نفس الشيء.. يذهبون ويأتون تودع وتستقبل وفود، الأمريكية موجودة اليوم ذهابا وإيابا، جاءوا من أجل إعمار لبنان إعمار الشرق الأوسط إعمار سوريا؟! من أجل ماذا يأتون؟ يأتون من أجل الحفاظ على الكيان الصهيوني الغاصب، لكي يقدموا له الكثير الكثير من الفرص.
على مستوى تشكيل الحكومة يفرضون رأيهم… نحن نحفظ الحرية والسيادة والاستقلال.. حفظها الناس ولكن هؤلاء يتدخلون في تشكيل الحكومة لا يمنعون القصف والعدوان، بل يمنع الجيش اللبناني وكل أولئك من أن يتقدموا بأي خطوة من أجل أن يدافعوا عن أرضهم، وتتشكل بعد ذلك حكومة تراعى فيها كل القوى والأحزاب اللهم إلا البيئة التي نحن فيها ونتحول من حيث ندري أو لا ندري إلى حكومة قد تقر الزواج المدني قد تقر المثلية قد تقر كل ذلك لم؟ من أجل أن يتقدم الغرب لنا من أجل إعادة البناء والإعمار… أساساً أنت لا تدمر بلدنا بأسلحتك أساساً لا تدمر لبنان ولا تدمر غزة من أجل مصلحتك، قبل أن تأتي بعد ذلك بثوب الإنسان المحسن المصلح المتبرع الذي يريد أن يقدم خدمة للناس.
أيها الإخوة الكرام إنك لا تجني من الشوك العنب وفاقد الشيء لا يعطي القاتل والمجرم لا يمكن أن يكون بناءً، القاتل والمجرم لا يمكن أن يكون مصلحاً القاتل والمجرم هو الذي يصطف مع العدو الصهيوني الغاصب لا يمكن أن يكون راعيا نزيها لعملية سلام كاذبة، لم يعد هناك حل للدولتين، تدرجوا من الـ48 حتى اليوم، تدرجوا من 194 قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين ثم بعد ذلك إلى اتفاق غزة وأريحا ثم إلى واي ريفير ووايزانتيشن، وكامب ديفيد ووو… ثم وصلنا إلى قرارات جامعة الدول العربية في بيروت بحل الدولتين ثم اليوم لم يعد هناك لا دولة ولا دولتين، اخرجوا من غزة ومن الضفة وهذي أرض تاريخية للكيان ويقف دونالد ترامب بكل بجاحة ليصفع حكامنا على الخد الأيمن والخد الأيسر ليوقظهم من غفلتهم حل الدولتين مزحة سمجة الكاميرا الخفية… يطردهم جميعاً لا شيء لكم لا دولة ولا مكان، هذا إلام يحذونا؟ ماذا يقتضي؟ يقتضي الخروج من كل خلافاتنا المذهبية المناطقية الوطنية، كذبة أننا مختلفون مع بعضنا…
عندما ترى مشروع الكفر العالمي هو دولة واحدة يجب بعد ذلك أن تعود إلى القرآن الكريم أن تترك العشى ”ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين” لتعود بعد ذلك إلى واعتصموا بحبل الله جميعاً لتعود بعد ذلك إلى “وأعدوا” إلى “اصبروا وصابروا ورابطوا” من أجل أن تصل بعد ذلك إلى قول الله عز وجل “وكان حقاً علينا نصر المؤمنين””.