أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الخميس 19 أيلول/سبتمبر 2024، أنّ “ما جرى في هذين اليومين (17 و18 أيلول) هو جريمة إبادة جماعية وعدوان كبير على لبنان وشعبه وسيادته وأمنه وجرائم حرب وإعلان حرب”، لافتًا إلى أنّ “العدو تجاوز في هذا الاعتداء كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء”، معلنًا أنّ “هذه الضربة الكبيرة والقوية لم تسقطنا ولن تسقطنا”.
وتوجه السيد نصر الله، في كلمة له، إلى عوائل الشهداء سواءً شهداء التفجيرات في الداخل أو شهداء الجبهة بالجنوب بأحر التعازي بفقد الأحبة، شاكرًا للحكومة اللبنانية ولوزارة الصحة والمستشفيات والمراكز الصحية ومؤسسات الرعاية الصحية والأطباء والممرضين.
وشكر سماحته كل الذين تبرعوا بالدم في مختلف المناطق اللبنانية، ومن بادر في نقل جريح ولكل الذين أعلنوا استعدادهم للتبرع بأعضاء من أجسادهم لهؤلاء الجرحى، مضيفًا “الشكر للأطباء الذين فتحوا عياداتهم للجرحى بالمجان، ولكل شعبنا اللبناني العزيز الذي تضامن وعبّر عن مشاعر صادقة، ولكل القيادات المتضامنة من رؤساء وأحزاب ونخب”، كما شكر كل الدول التي أبدت استعدادها للدعم، وكل من أدان هذه الجريمة البشعة من دول العالم وقوى محور المقاومة.
وشدد سماحته على أنّ “من بركات هذه الدماء والتضحيات أننا شهدنا ملحمة إنسانية كبرى لم نشهدها منذ وقت طويل”.
وأوضح السيد نصر الله أنّ “العدوّ استخدم وسيلة مدنية مستخدمة لدى شرائح مختلفة من المجتمع وعاود ذلك يوم الأربعاء بتفجير أجهزة لا سلكية دون الاكتراث لأماكن حملتها”، مشيرًا إلى أنّ “بعض التفجيرات حدثت في مستشفيات وأسواق وطرقات عامة ومنازل والمواقع التي فيها أساسًا مدنيون”.
وشدد على أنّه “عندما قام العدوّ بتفجير أجهزة البيجر كان يتعمد قتل 4000 إنسان في دقيقة واحدة”، مضيفًا “على مدى يومين وفي دقيقة واحدة يومي الثلاثاء والأربعاء كان العدوّ يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5000 إنسان في دقيقتين”.
وقال سماحته: “ما جرى عملية إرهابية كبرى، وسنتبنى تعريف ما حدث يومي الثلاثاء والأربعاء كمجزرتين”، موضحًا أنّه “بلطف الله وبالجهود البشرية المخلصة والهمة العالية والغيرة والحضور الكبير لفئات شعبنا المختلفة تم تعطيل جزء كبير من أهداف الهجوم”.
وكشف السيد نصر الله “أننا وصلنا إلى نتيجة شبه قطعية بشأن ملابسات التفجيرات، ولكن ننتظر التأكد منها”، وقال: “سنصل خلال وقت قصير إلى نتائج يقينية بشأن التفجيرات، وحينها سيبنى على الشيء مقتضاه”.
وذكر سماحته “أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيًا وإنسانيًا وغير مسبوقة في تاريخ لبنان بالحد الأدنى، وقد لا يكون مسبوقًا في تاريخ الصراع مع العدو، وقد لا يكون مسبوقاً على مستوى العالم بهذا النوع”، وقال: “يوما الثلاثاء والأربعاء كانا بالنسبة لنا امتحانًا كبيرًا، وسنتمكن إن شاء الله من تجاوز هذا الامتحان بشموخ”، وقال: “سنصبح أشد صلابة وعزمًا وعودًا وقدرة على تجاوز كل المخاطر”.
وأشار سماحته إلى أنّ “الحرب سجال، يوم لنا من عدونا، ويوم لعدونا منا، ويوما الثلاثاء والأربعاء كانا بالنسبة إلينا يومين داميين”، وتابع: “نائب رئيس أركان “إسرائيلي” سابق وصف ما يجري في الشمال بأنه هزيمة تاريخية لـ”إسرائيل””.
وأكّد السيد نصر الله، أنّ “الجبهة اللبنانية هي جبهة ضاغطة وبقوة، وهي من أهم أوراق التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية اليوم لتحقيق الأهداف ووقف العدوان”، وقال: “العدو سعى إلى إيقاف الجبهة اللبنانية، وقام في سبيل ذلك بالكثير من محاولات التهويل والضغط”.
وصرّح بأنّ “كل محاولات العدوّ فشلت، وبقيت المقاومة مصرة على موقفها، فلجأ العدوّ إلى هذا الأسلوب الذي هو أعلى مستوى إجرامي”.
وكشف سماحة السيد نصر الله عن وصول رسائل عديدة لقيادة الحزب، تفيد بأن هدفهم من هذه الضربة هي أنّ توقف المقاومة القتال في الجبهة اللبنانية “وإنّ لم تتوقفوا فلدينا المزيد”، وتابع: “باسم الشهداء والجرحى وكل الناس الصابرين والأوفياء، نقول لنتنياهو وغالانت والعدوّ بأنّ جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزّة”.
وأضاف “أيًا تكن التضحيات والعواقب والاحتمالات والأفق الذي تذهب إليه المنطقة، المقاومة في لبنان لن تتوقف عن دعم ومساندة أهل غزّة وهذا أول الرد”، وتابع: “من أهداف العدوّ أيضًا ضرب البيئة وأن يتعبها ويستنزفها ويجعلها تصرخ لتقول للمقاومة كفى”.
وقال السيد نصر الله: “تصريحات الجرحى أنفسهم تعكس معنوياتهم وصبرهم العظيم وعزيمتهم على العودة إلى الميدان وهذا رد آخر للعدو”.
هذا، وأعلن الأمين العام لحزب الله أنّ “بنية المقاومة لم تتزلزل ولم تهتز. بنيتنا متينة وإرادتنا صلبة وليعلم العدو أن ما حصل سيزيدنا قوة ومتانةً وصلابة إن شاء الله”، مشددًا على أنّه “ليعرف العدوّ أنّ ما حصل لم يمس لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا نظام القيادة والسيطرة ولا حضورنا في الجبهات”.
وقال سماحة السيد نصر الله: “نحن قبلنا هذا التحدي من 8 تشرين الأول، واليوم نقبله وأقول لنتنياهو وكيان العدوّ، لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال إلى الشمال وافعلوا ما شئتم”، مضيفًا “إذا أردتم إعادة المستوطنين فالسبيل الوحيد هو وقف العدوان على غزّة”.
وذكر أنّ “قائد المنطقة الشمالية الأحمق اقترح إنشاء حزام أمني، ونحن نتمنى أن يدخلوا إلى أرضنا اللبنانية”، موضحًا أنّ “ما يعتبره العدوّ تهديداً، نحن نعتبره فرصة تاريخية ونحن نتمناها”، وقال: “ما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم”.
وتابع سماحته: “لا شك أنّ العدوان الذي حصل كبير وغير مسبوق، سيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل، من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون”، مشيرًا إلى أنّه “بالنسبة للحساب العسير فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون، ونحتفظ به في أضيق دائرة”.
ولفت السيد نصر الله إلى أنّ “قيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق”.