أنشئت مجموعة بريك الاقتصادية في سنة ٢٠٠٦ خلال المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبورغ، وهي النواة التي تطوّرت لتصبح بريكس لاحقًا، ولتكتسب المنظمة على مدى السنوات الماضية، وزنا كبيرًا في الاقتصاد العالمي.
في هذا العام، يستضيف المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبورغ أكثر من 10 فعاليات مختصة بدول بريكس، من أولوياتها مساعدة الدول الأعضاء، التي انضمت حديثًا إلى المنظمة، على الاندماج والتفاعل الأوسع والأسرع فيها.
توفر بريكس أسواقًا جديدة لرواد الأعمال من الدول الأعضاء، وبالتالي تفتح آفاقًا جديدة للتعاون. إذ إن مجموعة بريكس+ تمثل ما يقارب 50 في المئة من سكان العالم و36 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، حيث يجد مجتمع رواد الأعمال فرصًا لا تفوت لإنشاء اتّصالات تجارية جديدة، وتنسيق جداول أعمالهم بهدف تحقيق أقصى استفادة من الفرص التي يتيحها التعاون التجاري الاقتصادي بين دول مجموعة”بريكس+. وتمهيدًا لافتتاح المنتدى عقدت في 5 حزيران/يونيو حلقة حوارية بعنوان “بريكس: نقطة انطلاق جديدة”، شارك فيها خبراء من روسيا، إيران، الصين، إثيوبيا، جنوب إفريقيا، البرازيل، مصر، الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الـ 27: خطوة على طريق وحدة بريكس
وقد تمحور الحوار حول مناقشة آفاق بناء العلاقات بين رواد الأعمال لهذه الدول، الذين شددوا على أن عضوية بريكس تعزز الاستقرار الاقتصادي في الفضاء المشترك للمنظمة، وتخلق فرصًا جديدة، ومبادرات خلاقة ليس آخرها تعزيز هيكليات الاقتصاد الرقمي، وتطوير آليات مالية جديدة لإجراء المعاملات النقدية بين الدول.
في هذا السياق، اقترح المتحدثون إنشاء صناديق استثمار مشتركة لتنمية القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.
وإضافةً لذلك، أُشيرَ إلى الحاجة لابتكار حلول لوجستية مشتركة بين أعضاء بريكس تنظم سلاسل التوريد وإمدادات السلع من دون عوائق.
ممثلة مصر أشارت في كلمتها إلى حجم التجارة بين بلادها ودول بريكس، الذي بلغ في سنة ٢٠٢٣ الفائتة 46 مليار دولار. وتوقعت، بعد انضمام مصر إلى المنظمة، زيادة إمكانات جذب الاستثمارات لبلدها بنحو أكبر. فبينما وصل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر سنة 2023 إلى 12 مليار دولار، يتوقع أن تتراوح قيمة هذه الاستثمارات ما بين 40 و50 مليار دولار خلال العام الحالي. وبما أن روسيا تعدُّ شريكًا تجاريًا مهمًا لمصر، فإن حصة الاستثمارات الروسية ستكون أساسية في هذا المجال مع التوصل لاتفاقيات تسمح بإنشاء منطقة اقتصادية صناعية تجارية روسية حرة على الأراضي المصرية.
وتأتي تعاملات المقايضة من بين الوسائل المطروحة، إضافة إلى خيارات تعاملات أخرى، لتلافي الإجراءات الاقتصادية العقابية. إذ لم يعد خافيًا سعي الدول المشاركة في المنتدى الاقتصادي الدولي للتغلب على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها، ذلك على الرغم من أن كثيرًا من تلك الدول المشاركة تربطها بها وبحلفائها علاقات اقتصادية وثيقة.
اقترح الخبراء المشاركون فكرة إنشاء هياكل مصرفية تعمل تحت رعاية بريكس، كإحدى طرائق التغلب على القيود الاقتصادية، التي يفرضها الغرب الجماعي، حيث تُمكن دول المنظمة من إجراء المعاملات المالية اللازمة بحرية. وتعدُّ هذه الخطوة نواةً أولية لتفعيل فكرة بنك بريكس الموحد، والبدء بالتعاملات النقدية بالعملات الوطنية، وصولًا إلى تبني عملة موحدة مرتكزة على سلة من العملات المتفرقة في مراحل لاحقة.
إن منصة منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي وغيرها أصبحت ضرورة ملحّة بإجماع المشاركين في الندوة لبناء علاقات اقتصادية سليمة متكافئة وعادلة بين الدول الساعية لتطوير نظام اقتصادي عالمي جديد في عالم متعدد الأقطاب.
وبمشاركته إلى جانب عدد من زعماء الدول وقادتها يتضح تمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمسار هذا التحول العالمي. وبقراءة لهوية المشاركين وانتماء معظمهم لعالم الشرق والجنوب، ندرك أهمية تحول الاقتصاد الروسي شرقًا وجنوبًا في ظلّ مقاطعة غربية وإجراءات اقتصادية معادية لم تسلم منها حتّى دول “صديقة” للولايات المتحدة، كما ارتدت مفاعيلها المدمرة حتّى على المشاركين في فرضها من الدول الأوروبية، التي ظهر بعض ممثليها ولو على نحو مستتر في المنتدى، في محاولة منهم للمحافظة على بعض المنفعة التي اعتادوا الحصول عليها من السوق الروسية.أحمد الحاج علي/ المنار