تكشف الأرقام والاحصائيات والبيانات عن خسائر هائلة يتكبّدها كيان الاحتلال على مختلف الصعد من بينها القطاع الاقتصادي، خاصة في المستوطنات شمالي فلسطين المحتلة، ولا سيما في القطاع الزراعي.
وسائل إعلام العدو كشفت أن الأضرار المباشرة تركزت في مستوطنة “شلومي” غربًا وكريات شمونة بأصبع الجليل، التي يقول عمدتها إن كلفة صيانتها فقط بلغت نصف مليون “شيكل” شهريًا، ويعبّر عن خشيته أن تكون الكلفة البشرية أكثر نتيجةً للإصابات المباشرة والمتكررة.
وفي سياق ذي صلة، نقلت “يديعوت أحرونوت” عن مدير مصلحة الضرائب في كيان الاحتلال، شاي أهرانوفيتش، أن أضرار الحرب على المشاريع التجارية والممتلكات تقدّر بـ 6 مليارات دولار قابلة للارتفاع، من بينها نحو 300 مليون دولار عند الحدود الشمالية، التي يوجد صعوبات في تقدير الأضرار فيها بدقة الآن.
وأوردت الصحيفة كمثال عن الوضع عند الحدود الشمالية، الحالة الصعبة التي تعيشها مستوطنة المطلة التي تأسست سنة 1896، إذ تحولت منذ أكثر من خمسة أشهر إلى منطقة عسكرية مغلقة، بعد أن نزح منها 2500 نسمة، وحاليًا “لا يُرى في أفقها أي بشري”، ولا يتم قطف أشجار التفاح والحمضيات فيها. الصحيفة أشارت إلى أنه على رغم الأضرار المتواصلة التي تصيب المطلة، لا يصل إليها أي مخمن عقاري، أو عنصر تأمين، لفحص الأضرار.
وأجرت الصحيفة مقابلة مع رئيس بلدية الاحتلال في المطلة، دافيد أزولاي، الذي اشتكى من أنه منذ نصف سنة، نحو 100 ألف نسمة يعيشون خارج منازلهم، كما أن الشريط من السياج بعمق نحو خمسة كيلومتر جنوبًا خالٍ من المستوطنين، ويوجد فيه فقط جنود.
مستوطنة ثانية تعيش واقعًا صعبًا على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، هي المنارة، التي أخلاها كل سكانها، بحسب موقع “واللا” الإخباري الصهيوني، الذي أعدّ تقريرًا عنها، ورد فيه أن المنارة هي المستوطنة الشمالية التي تضررت بأقسى طريقة، وتحوّلت إلى رمز للمعركة مقابل حزب الله، إذ أصيبت فيها أكثر من 104 وحدة سكنية من أصل 155، بعضها دُمّر تمامًا.
الموقع أضاف أنه في المنارة تضررت أيضًا مبانٍ عامة وبنى تحتية، كما أصيب قطاع الزراعة، بأضرار جسيمة؛ فالعمال لا يمكنهم الاقتراب من البساتين، التي لم يخسر أصحابها فقط ثمار الموسم الحالي، والتي لم تُقطف، بل المواسم المقبلة أيضًا لأنه لا يمكن الاهتمام بالأشجار وتهيئتها للفصل المقبل، و”بستان لا يلقى اهتمامًا، لن يجني ثمارًا في الفصل المقبل، ومن الصعب ترميمه وإعادته إلى حالته السابقة”، بحسب خبراء.
وتطرّق موقع “واللا” في تقريره إلى نيّة عدد من مستوطني المنارة عدم العودة إليها بعد إنتهاء الحرب، وفي هذا السياق، نقل عن إحدى المستوطنات في المنارة امتعاضها لأن ابنها وزوجته وولده، قرروا عدم العودة إلى المنارة، في كسر لسلسلة من أربعة أجيال سكنت في المطلة.
وفي كريات شمونة أكبر المستوطنات الحدودية، يظهر بوضوح في الطرقات المؤدية إليها خلو الشوارع بشكل غير مسبوق، وتحوّلت الأزقة الخاوية الى مواقع لتمركز الجنود الصهاينة وآلياتهم.
وقد ترتّب على ذلك، تجميد ملامح الحياة في منطقة لها مردود مهم في مجالات مختلفة كالزراعة والصناعة والسياسة، ما شكل ضغطًا شعبيًا وسياسيًا واقتصاديًا كبيرًا.
وأجبر التصعيد على الجبهة المزارعين والعمال الأجانب على ترك الأراضي، وأدى اخلاء مزارع الشمال والجنوب إلى تلف المحاصيل ووقف الانتاج ما شكل تهديدًا فعليًا لـ “الأمن الغذائي” الصهيوني في كيان الاحتلال وقد اضطرت الحكومة لتعويضه بالاستيراد وحملها ومستوطنيها كلفة اضافية جعلت من القطاع التي استثمرت فيه طويلًا أحد أكبر خسائرها، حيث ذكرت وسائل إعلام العدو أن الخسائر في القطاع الزراعي تُقدّر بـ 131 مليون دولار، وأشارت الى ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 30 %.
وكذلك المداجن ومؤسسات انتاج البيض المتركزة في الشمال تعرّضت لكارثة مضاعفة نتيجة توقف الانتاج والاستهلاك.
أما قطاع السياحة الذي تعتمد عليه المنطقة بشكل أساسي فقد تجمد بالكامل وغدت مرافق جبل الشيخ السياحية خاوية من الزوار، وقد قدّرت التقديرات انخفاض حجم مبيعات قطاع السياحة في العام 2024 الى 73 %.
خبراء صهاينة باتوا يرون أن الكلفة العالية التي دفعتها “اسرائيل” حتى الآن قد لا تكون سوى نموذجاً مصغراً إذما توسعت المواجهة شمالًا.