تناول الكاتب الأميركي في موقع “Responsible Statecraft” جيمس راسل الضربات الأمريكية التي تستهدف اليمن، فقال إن الولايات المتحدة وكما كان الحال في ملاحقة “الجهاديين” في جنوب غرب آسيا على مدار قرابة ربع قرن، تجد نفسها اليوم في حرب ضمن نزاع ليس لديها فيه أهداف سياسية واضحة أو هدف عسكري واضح قابل للتحقيق، وذلك في مواجهة “عدوٍ” مترسخٍ في ظروف سياسية واستراتيجية معقّدة ليس لدى واشنطن أيّة معرفة حولها.
ورأى الكاتب أنَّ الحرب ضد أنصار الله اليمنية ليس لها مهلة زمنية واضحة تربط ما بين استخدام القوة ومعايير محددة، مما يفيد بأنَّ الولايات المتحدة قد تستمر بإطلاق القنابل والصواريخ إلى أجل غير مسمى، أو حتى انقطاع الذخيرة، وذلك كلّه من دون غاية استراتيجية.
وتساءل الكاتب عمّا إذا كانت واشنطن لم تتعلّم شيئًا من “الحماقات” التي استمرت على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، حيث أثبت عجزها عن ربط الأهداف بالأساليب في اتخاذ القرارات حول متى يُجيز استخدام القوة وتحت أي ظروف.
وتابع الكاتب أنَّ الأسلحة والقنابل التي تطلق من مسافة بعيدة أصبحت تشكِّل الأسلوب المفضَّل في إطار لعب دور شرطي العالم، وذلك بالنسبة للدول التي تستطيع تحمُّل تكلفة هذه الأسلحة، مشيرًا إلى أنَّ مثل هذه الضربات لم يكن لها أي أثر إيجابي دائم.
وإذ قال إنَّ الحروب بواسطة الضربات، والتي هي عبارة عن ضربات من مسافة بعيدة بواسطة الطائرات والصواريخ، نادرًا ما حققت هدفها السياسي والاستراتيجي المنشود، لفت إلى أنَّ هذا الأسلوب يبقى بمثابة الإدمان الخطير لدول مثل الولايات المتحدة التي تحاول إيجاد طريقة سهلة وأقل تكلفة للحفاظ على النفوذ والسيطرة العالمية.
ووفق الكاتب، على ما يبدو رحَّبت “أنصار الله “من خلال ما تُعلنه بفرصة توجيه النيران مباشرة على الولايات المتحدة، فيما لدى واشنطن معرفة محدودة عن ترسانة أنصار الله من الأسلحة المضادة للسفن، ناهيك عن الدوافع السياسية وراء استخدامها للقوة.
وأكد أنَّ واشنطن ليس لها معرفة أو فهم حول الظروف المطلوبة كي “يوقف الحوثيون النار”، لكنها تفترض أنَّ صواريخها وقنابلها ستجعلهم يغيِّرون سلوكهم.
وأردف الكاتب “الضربات العسكرية المفتوحة الأمد أصبحت بمثابة عقيدة أميركية”، مشيرًا إلى غزو العراق عام 2003 وما حصل بعد ذلك حيث قامت “جيوش صدام” بلملمة صفوفها لتتحول إلى ما هو أخطر والذي لا يزال يرسم المشهد في الشرق الأوسط اليوم. كما قال إن الضربات في أفغانستان دفعت بطالبان إلى الهروب إلى باكستان عام 2001 “كي تستريح”، وذلك قبل أن يعودوا مجددًا من أجل استئناف القتال، حيث تمكنوا في النهاية من تحقيق الانتصار بعد مرور عشرين عامًا، وذلك عندما انسحبت الولايات المتحدة وتركت طالبان تسيطر على البلاد.
كذلك تحدث الكاتب عن سيناريو مماثل حصل في ليبيا، حيث أنَّ الأحداث الناتجة عن الضربات هناك تبين أيضًا أنَّها جاءت بتداعيات استراتيجية أكبر بكثير مما كان متوقع”.
الكاتب قال إنَّه وعلى الرغم من هذه النتائج المبهمة والاخفاقات الهائلة حتى، فإن الإدمان على شن الحروب بواسطة الضربات من مسافة بعيدة مستمر، حيث تقول واشنطن لنفسها إنَّها تستطيع لعب دور الشرطي على الأرض من خلال إسقاط القنابل من الجو.
وشدد على أنَّ الواقع مختلف، إذ إن استهداف البشر والحجر بالمتفجرات عادة ما يشعل غضبهم ويجعلهم يقاتلون بشراسة أكبر، ولفت في هذا السياق إلى أنصار الله حيث أنَّ الأخيرة لم ترضخ رغم أعوام من الضربات الجوية قامت بها السعودية وغيرها، وبدعم ورعاية أميركية.
ونبّه الكاتب إلى أنَّ ذلك يشكل معضلة استراتيجية للغرب، مشيرًا إلى أنَّ أنصار الله وجهت رسائل بأنَّها ستوقف “النار” عندما تتوقف الحرب في غزة. وعليه قال إنَّه ربما يجدر بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة صنعاء من أجل إجراء المشاورات في جولته الإقليمية المقبلة، أو أنَّه ربما يجدر على إدارة بايدن أن تستمع إلى أنصار الله وأطراف أخرى وأن تتخذ خطوات حاسمة لوقف الحرب في غزة بدلاً من أن تتورط في نزاعات المنطقة من غير هدف استراتيجي.
وخلص الكاتب الى أنه كان يفترض أن تواجه واشنطن إدمانها في ظلّ الدمار الناتج عن الضربات بعد مرور ربع قرن، إلا أنَّ جولة الضربات الأخيرة (ضد أنصار الله) تثبت بأن “العادة” لا تزال تتبع بقوة.