بمراسم شعبية ورسمية مهيبة، شيّعت إيران شهداء التفجير الإرهابي المزدوج الذي استهدف زوار ضريح قائد قوة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال الشهيد قاسم سليماني في مدينة كرمان.
انطلقت مراسم التشييع من أمام مصلى الإمام علي (ع) في مدينة كرمان، حيث اصطفت نعوش الشهداء الذين قارب عددهم المئة شهيد، بمشاركة حاشدة من المسؤولين الإيرانيين يتقدمهم رئيس الجمهورية السيد إبراهيم رئيسي ووزراء ونواب وعوائل الشهداء، ووفود شعبية من مختلف المدن الإيرانية.
السيد رئيسي: المبادرة بيد قواتنا المسلحة
وألقى الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي كلمة، في مراسم التشييع، أعرب في مستهلها عن تعازيه بشهداء الجريمة الإرهابية وقال: “إن هذه الجريمة نُفذت بأيدي أعداء للشعب الإيراني”. وخاطب السيد رئيسي المشيعين قائلًا: “تأكدوا أن المبادرة بيد قواتنا المسلحة، ونحن من يحدد الزمان والمكان للانتقام”.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية التي لا تمتلك قوات جوية وبحرية، تمتلك فقط القوات البرية جعلت الكيان الصهيوني عاجزًا أمام إنجازاتها بفضل قوة الايمان وهذا ما يؤكد عليه جميع المحللين والخبراء.
وقال: “لماذا يكنّ الأعداء الحقد للشهيد قاسم سليماني ولاسمه وضريحه وصورته وزواره؟ كل هذا الحقد يعود لما قام به الشهيد سليماني بما حققه من إنجاز كبير.. إن الله رفع اسم الحاج قاسم بأفعاله، وإنه إلى جانب فتحه العديد من الساحات، فتح القلوب أيضًا…الحاج قاسم أحبط مخططات أميركا الشريرة ودمر “داعش” وأفشل المشروع الصهيوني في المنطقة، فالعدو اليوم غاضب من ذلك”.
وأضاف أن: “أي محلل ينظر، بشكل صحيح، سيدرك أن قوى المقاومة التي ليس لديها قوة بحرية أو جوية، تمكّنت من مقاومة الكيان الصهيوني بقوة الإيمان”، مؤكدا: “الاعتقاد السائد اليوم هو أن المنتصر الحقيقي في المنطقة هو فلسطين، والكيان الصهيوني فشل”. وتابع السيد رئيسي إن “انسحاب “إسرائيل” من جنوب لبنان، حروبها المختلفة مع فلسطين ولبنان عزز قوة المقاومة الفلسطينية إلى حدّ تمكّنت اليوم من مقاومة هذا الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح والمعدات الحديثة، جيدًا لمدة 100 يوم”.
وأشار إلى أن قادة المقاومة الفلسطينية ورموزها يسمّون الحاج قاسم سليماني بشهيد القدس، “وهذه هي الحقيقة؛ لأن ما قام به الشهيد أسهم في الإنجازات التي تحققها المقاومة اليوم، كونه أدى دورًا فريدًا في هذه الإنجازات، مشيدًا بجهود المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس والمقاومة الإسلامية في لبنان.
ورأى أن مدرسة الحاج قاسم هي استمرار لمدرسة الإمام الخامنئي والإمام الخميني ومدرسة الإمام الحسين (ع)، وقال: “يا عوائل شهداء كرمان، اعلموا أن دماء أبنائكم وزوجاتكم وأقاربكم الطاهرة أحدثت الصحوة في المجتمع البشري وبفضل دماء شهدائكم الطاهرة، استيقظ أهل الحق واطمئنوا إن دماء أحبائكم لن تضيع”.
وأشار إلى قوة إيران، وقال: “لقد اختبر العدو قوة الجمهورية الإسلامية مرات عديدة، وفي الأحداث الأخيرة، يمكنكم التأكد من أن المبادرة في أيدي قواتنا، ونحن من يحدد الزمان والمكان للانتقام”.
وقال السيد رئيسي: “هذه الشهادات ستكون عامل دعم لنظام الجمهورية الإسلامية واختبارًا صعبًا للمسؤولين”، مؤكدا: “إن الحضور الملحمي للشعب في الميدان قد انتزع الهدوء من العدو، والذي يقوم بارتكاب الجرائم الإرهابية بسبب عجزه”. وختم السيد رئيسي مشددًا على أن: “وعد الله هو نصر الحق ودحر الباطل؛ ونهاية “طوفان الأقصى” ستكون نهاية الكيان الصهيوني”.
وفي كلمة له خلال مراسم التشييع، أكد القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي أن قوات الحرس الثوري ستنقض “داعش” أينما كان ولو عمّر ألف سنة، وأن سوط العذاب سيُصب عليهم، مضيفًا بأن الثأر لشهداء الاعتداء الارهابي في مدينة كرمان، قد تحقق قبل استشهادهم، في إشارة الى القضاء على “داعش” في سوريا والعراق.
وقال اللواء سلامي إن: “الشعب الإيراني يخوض الآن معركة كبيرة لكنه لن يسمح بسيطرة الأعداء.. يد شعبنا ليست مغلولة فهو قارع أميركا طوال العقود الأخيرة، وفي كل معركة ألحق هزيمةً نكراء بالأميركيين”.
وأضاف: “لقد خضنا، خلال العقود القليلة الماضية، معاركَ حقيقية مع قوة اسمها أميركا، وتمكّنا من طردهم في كل هذه المعارك وألحقنا بها هزائم مذلة… انظروا ماذا حدث للأميركيين، لقد أحضروا 135 ألف جندي عسكري إلى العراق، وفشلوا، والحاج قاسم جعل أميركا تفشل في تحقيق أهدافها، وأنقذ العراق من شرّ الهيمنة الأميركية”.
وتابع: “فشلوا أيضًا في أفغانستان، وأرادوا إلغاء حزب الله من الساحة السياسية في لبنان، لكن اليوم يرى الجميع قوته، وكانوا يريدون إسقاط الدولة السورية، لكن سوريا بقيت، وفشلت أميركا، وفرضوا علينا عقوبات لشلّ الشعب الإيراني، لكن عقوباتهم باءت أيضًا بالفشل”.
وقال اللواء سلامي: “اليوم خرجوا من الخليج والمنطقة تقريبًا ولا يستطيع أي مسؤول أميركي أن تطأ قدمه أي دولة إسلامية بعدما كان يُفرش لهم السجاد الأحمر في السابق.. اليوم من المستحيل السيطرة على المسلمين، إنهم خسروا المنطقة الأكثر استراتيجية في العالم”.
وأضاف إن “الكيان الصهيوني الذي كان شعاره من النيل إلى الفرات، وكان يريد دفن الشعب الفلسطيني، اليوم نشهد كيف أن شعب فلسطين باقٍ ومتجذر بفضل الشهداء، لقد أظهر “طوفان الأقصى” بشكل رائع مدى قابلية هذا الكيان المزيف للهزيمة”، مؤكدًا أن “إسرائيل” لم يعد لها مكان آمن في فلسطين.
ولفت إلى أن تنظيم “داعش” الإرهابي كان نتاج سياسة أميركا في العالم الإسلامي، وقال: “داعش أراد أن يرسم خريطة جديدة.. اليوم لا أثر لداعش في الخريطة السياسية للعالم هم مفقودون ومخفيون.. وهؤلاء يمكنهم فقط أن يكونوا عملاء لأميركا والصهيونية”.
وختم اللواء سلامي مؤكدًا أن بركان التكفير خمد بقيادة الشهيد الحاج قاسم سليماني، “اليوم لا يوجد مكان بحجم رأس الإبرة في أيدي داعش، لا بل اختفى”.
وفي ختام مراسيم التشييع، نقلت نعوش الشهداء إلى مقبرة الشهداء في كرمان حيث ووريت في الثرى.