كشف مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، عبر تقرير استقصائي، بيانات تُنشر للمرة الأولى عن كيفية عمل مجموعة فيها أكثر من 300 شخصية ذات نفوذ مؤيّدة للصهيونية، بالتنسيق فيما بينها لتوجيه الرأي العام لمصلحة العدو والتحكّم بتدفق المعلومات ومصادرها وممارسة الضغوط والابتزاز والتهديد والطرد من العمل من وراء ستار، ضدّ معارضي السياسة الإسرائيلية والمتعاطفين مع فلسطين.
أشار التقرير إلى أن هذه الشخصيات تضمّها مجموعة “واتسآب”؛ يشارك فيها مستثمرون ومسؤولون تنفيذيون وناشطون أميركيون في وادي السيليكون ومجال التكنولوجيا، بالإضافة إلى مسؤول حكومي إسرائيلي على الأقل وأفراد مرتبطين بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك). وهي تحمل اسم “مجموعة كيبوتس العالمية للمشاريع الريادية ج”، وتابعة لشركة المشاريع الريادية ج، وهو صندوق استثمار أمريكي إسرائيلي يصف نفسه بأنه “كيبوتس رأسمالي”.
تعمل مجموعة الـ”واتسآب” هذه مع مختلف الأطراف على تبادل الأفكار، والتعاون في سبل ما يُسمى “الدفاع” عن “إسرائيل” في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية وعالم الأعمال. ويعكس محتواها مدى التنسيق المتزايد بين القوى الداعمة لـ “إسرائيل” في وادي السيليكون وقطاع التكنولوجيا العالمي.
كما يبين التقرير كيفية استغلال “إسرائيل” وحلفائها الأميركيين لقطاع التكنولوجيا المؤثِّر لحشد الدعم العالمي لـ”تل أبيب” في حربها على قطاع غزة، ولتتبّع أي نشاط عالمي داعم للفلسطينيين والضغط لإيقافه أو إفشاله، وللتغطية على جرائمها في القطاع.
وتكشف محادثات المجموعة عن التكتيكات التي يتّبعها أفرادها مع أهدافهم، والتي غالبًا ما تكون من العيار الثقيل ومثيرة للجدل، مثل مضايقة منتقدي “إسرائيل” على وسائل التواصل الاجتماعي، كما حصل مع رجل الأعمال في وادي السيليكون بول جراهام، وفصل موظفين وأكاديميين في أبرز الجامعات والمؤسسات الأميركية.
ووفقًا للتقرير، هناك فرق عمل محددة مهمتها “إقالة الأساتذة الذين يعلمون الأكاذيب لطلابهم”، بحسب زعمهم. وتشمل القائمة أكاديميين في جامعة كورنيل وجامعة كاليفورنيا ديفيس والحرم الجامعي لجامعة نيويورك في أبو ظبي، وغيرها.
كما يعمل أعضاء المجموعة مباشرة مع مديرين تنفيذيين في مجال التكنولوجيا، على مستوى عالٍ، لإقالة موظفين مؤيدين للفلسطينيين، وإلغاء المجال للتحدث في الجامعات، كما حصل عبر الضغط على جامعة ولاية أريزونا لإلغاء مشاركة للنائب رشيدة طليب في فعالية تقيمها، والضغط على جامعة فيرمونت لإلغاء محاضرة محمد الكرد، وهو كاتب فلسطيني في مجلة ذا نايشن، والتحقيق في مصادر تمويل الهيئات الطلابية مثل موديل آراب ليج.
كما ركَّزت العديد من الرسائل في المجموعة على كيفية تشكيل حياة الطلاب في جامعة ستانفورد، بما في ذلك دعم نشطاء مؤيدين لـ”إسرائيل”، وتشويه سمعة الصحفيين من جهة، والضغط على وسائل الإعلام البارزة من جهة أخرى لإقالتهم ولضبط رسائلهم الصحفية وتوجيهها. وعلى سبيل المثال، أُقيل كاتب في الموقع الإخباري “فيلي فويس” ورئيس تحرير موقع “آرت فوروم” ومتدرّب في شركة “آكسل سبرينجر” الألمانية العملاقة، ورئيس تحرير مجلة “إي لايف” مايكل آيزن، وهي مجلة علمية بارزة، بسبب التعبير عن آراء مؤيدة للفلسطينيين.
ومن ضمن الجهود الأخرى لمجموعة الـ”واتسآب” ضمن دفاعها عن “إسرائيل”، وفقًا للتقرير، انتقاد صورة منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش وتشويه صورتها؛ بسبب انتقاداتها الصريحة لسجل “إسرائيل” في الأراضي المحتلة وسلوكها العسكري.
وقال مركز الزيتونة إنها، المرة الأولى خلال عملية طوفان الأقصى، التي تُكشف فيها بالأسماء عن محادثات داخلية ما وراء الستار، بين متنفذين أمريكيين داعمين لـ”إسرائيل” تفضح تشبيكاتهم وسعيهم للضغط والتأثير والتغيير، سواء في الشركات أم الجامعات أم المجال الإعلامي.