طبقنا المثل فلان خالص كازو … بقلم ناجي أمهز

من شرفة منزلي يمكن ان اشاهد احد محطات المحروقات “بنزين” ، ومعها ومنها يمكن حتى للضرير ان يشاهد مأساة الشعب اللبناني، بمختلف طوائفه، وفئاته.
يكفي ان تنظر الى هذا المواطن البائس اليائس، وهو ينتظر لساعات تحت اشاعة الشمس الحارقة ليملئ خزان وقوده بصفيحة بنزين واحدة، وفي الايام القادمة تحت المطر وفي صقيع البرد، وما سأخبركم عنه، لا يتعلق بالانتظار الطويل لساعات وساعات، اصلا العمر والسنون والاحلام والودائع والاموال والآمال، كلها ضاعت في لبنان.
ما سأخبركم عنه سيبكيكم، لأنه شيء لس مبكي او مؤلم بل هو مرعب، شيء سيجعلك تفكر لساعات وربما لأيام ماذا يحصل في لبنان، وماذا يجري مع الشعب اللبناني.
تجد المواطن اللبناني اما يحضر ليلا ويصف سيارته ليأخذ دور باكرا، مما يعني ان هذا المواطن يبيت ليلته بعيدا عن عائلته، وبسبب الارهاق والقهر النفسي الذي يعانيه فحتما لن يكون قادر على الانتاج او التقدم بوظيفته، اذا هذا المواطن حتما يخسر صحته ووظيفته ويرهق نفسه وعائلته، والسبب هو صفيحة البنزين التي تقاعست الدولة عن تأمينها له، وهي اقل ما يمكن الكلام فيه وعنه.
وايضا اذا قمت بعملية حسابية صغيرة وبسيطة، ستجد ان هذا المواطن الذي ينتظر لساعات وساعات كي يحصل على صفيحة بنزين واحدة بسعر يعادل اقله عشرة بالمائة من راتبه، هو في هذا الانتظار يخسر نهاره، لانه بين وقت الانتظار للتعبئة، وبين الوصول الى عمله حتما يكون نهاره قد ضاع على الطرقات، يعني المواطن يفقد بالشهر خمسة عشر يوما من انتاجه، وايضا اذا حسبت كمية البنزين واستهلاك محرك السيارة بين قدم ورجاع وطفي ودور، تجد ان المواطن الذي يشتري عشرين ليتر من البنزين هو حتما يفقد قبل وصول دوره ما لا يقل عن اثنين ليتر من البنزين، يعني المواطن يفقد بالشهر ما بين الزحمة وتعبئة البنزين ما لا يقل عن خمسين بالمائة من كمية البنزين التي يحصل عليها، ناهيكم عن ضياع راتبه على شراء البنزين واصلاح الاضرار بالسيارة.
اذا هذا المواطن الذي يعيش بهذه الدوامة دون يصرخ اخ او ينتفض ليس من اجل احد بل من اجله، هو مواطن اقل ما يمكن القول عنه انه خالص كازه، وبما ان العجقة كبيرة للغاية على المحطات اذا الذين خالص كازهم هم كثر.
على كل حال هذا الكلام لن يقدم ولا يؤخر، طالما ان الشعب خسر ودائعه ولم يتحرك، والشعب قتل بتفجير المرفأ وصهريج عكار ولم يتحرك، والشعب يقتل بسبب غلاء وفقدان الدواء، حتى كلام نقيب المستشفيات الذي دق جرس الانذار، انه حتى الغني بحال رفع الدعم لن يكون قادرا على دخول المستشفيات، ومع ذلك الشعب لم يتحرك، اضافة انهم قطعوا الكهرباء واوقفوا المولدات التي كانت تنير للشعب ومن كيسه، وحرموه الرغيف، ولم يتحرك.
اذا هذا الشعب لن يحركه شيء.
وبعده الشعب منتظر الحل من يلي وصله للوحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *