قال السيناتور الديمقراطي “كريس ميرفي” في مقالة نشرت بمجلة “فورين أفيرز” إنَّ “عقيدة كارتر” لا تزال ترسم السياسة الأميركية حيال منطقة الخليج على الرغم من أنَّ دول الخليج لم تعد تلعب ذاك الدور البارز كمصدرٍ للنفط إلى الولايات المتحدة.
ورأى الكاتب وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، أنَّ مواصلة سياسات “عقيدة كارتر” تعكس فشل أميركا عمومًا بالتكيُّف مع التغييرات على صعيد المصالح الأميركية في المنطقة منذ حقبة الثمانينيات.
ودعا الكاتب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى “الاعتراف بالحقائق الجديدة” وإعادة رسم العلاقات مع دول الخليج بما يروِّج للقيم الأميركية ويبقي واشنطن خارج التدخلات الخارجية “غير الضرورية” ويضع أولوية على السلام والاستقرار.
كما شدَّد الكاتب على ضرورة أنَّ توجِّه الولايات المتحدة رسالةً واضحةً إلى الحلفاء الخليجيين مفادها أنَّ الهدف ليس الانسحاب من المنطقة وإنما إنشاء علاقات أكثر استقراراً مع دول مجلس التعاون الخليجي.
كما أكَّد الكاتب أنَّه حان الوقت للاعتراف بأنَّ هناك خللًا مركزيًا في المقاربة الأميركية الحالية حيال دول الخليج، موضحًا أنَّ أهم أولويتين اثنتين لدول مجلس التعاون الخليجي في إطار العلاقات مع واشنطن هما استمرار المساعدات العسكرية الأميركية من أجل “خوض الحروب بالوكالة” والصمت الأميركي حيال القمع الذي يمارس في الداخل. كذلك نبَّه من أنَّ هذه الأولويات ستؤدي على الأمد الطويل إلى تدمير دول مجلس التعاون الخليجي.
العضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي تابع أنَّ “الهدف الأميركي يجب أن يكون تغيير أسس العلاقة مع دول الخليج ووضع نظام جديد يدعم السلام وبناء اقتصادات مستقرة ومتنوعة وطنية وتشكيل حكومات تمثيلية”، لافتًا إلى أنَّ العلاقات الأميركية الخليجية التي تستند إلى الروابط الاقتصادية والدبلوماسية والحكومية بدلاً من أن تقتصر فقط على الشراكة الأمنية ستصب في مصلحة الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أنَّ الولايات المتحدة يجب أن تنسحب من “الحروب بالوكالة بين مجلس التعاون الخليجي وإيران” كخطوة أولى، كما ذكر سوريا واليمن، منوهًا إلى أنَّ التدخل العسكري الأميركي في هاتين الساحتين لم يكن كافيًا لقلب الموازين ولم يؤدِ سوى إلى إطالة أمد النزاع.
في السياق نفسه، أكَّد الكاتب أنَّ واشنطن تعاني من عقلية الغطرسة التي تبالغ في القدرة الأميركية على تحقيق الأهداف السياسية عبر التدخلات العسكرية، موضحًا أنَّ التدخلات الأميركية في الشرق الأوسط مؤخرًا أدَّت بشكلٍ أساسٍ إلى تأجيج الحروب الأبدية التي تشجِّع بدورها المجموعات المتطرفة وتسمح بتعاظم المشاعر المعادية لأميركا.
كما تحدث الكاتب عن ضرورة تقليص موطئ قدم الولايات المتحدة، داعيًا إدارة بايدن للنظر بشكلٍ جديٍ في تقليل عديد القواعد العسكرية الأميركية في الخليج. وقال ان اجراء عملية إعادة نظر في اثمان ومكاسب تمركز الاسطول الخامس في البحرين هو بداية جيدة في هذا السياق.
وبينما اعتبر الكاتب أنَّ على الولايات المتحدة أن تستمر ببيع السلاح “لشركائها”، شدَّد على ضرورة أن تكون هذه المبيعات ذات طابع دفاعي، مضيفًا أن الكثير من الأسلحة الأميركية تستخدم اليوم بشكل غير مسؤول وبشكل ينتهك القانون الدولي.
كما ذكر أنَّ مثل صفقة بيع الطائرات المسيرة من طراز “Reaper” إلى الامارات تؤجِّج سباق التسلح في المنطقة والذي يتعارض بدوره مع المصالح الأمنية الأميركية.
وبيَّن أنَّ إدارة بايدن ستكون أمام مهمة اقناع دول مثل السعودية والامارات بوجود بديل عن التنافس العسكري المستمر مع طهران، مردفًا أنَّ الحوار الأمني الإقليمي الذي يجمع كافة الأطراف يمكن أن يحل مكان سباق التسلح والحروب بالوكالة.
السيناتور الديموقراطي اعتبر اليمن المكان الأنسب لإدارة بايدن لاختبار مدى استعداد المنطقة لخفض التصعيد، مضيفًا أنَّ نجاح واشنطن في إيجاد مسار نحو ترسيخ السلام في اليمن وتشكيل حكومة هناك تتعايش مع قادة حركة أنصار الله بينما يعاد بناء البلد قد يثبت صحة هذا النهج ويشكل بالتالي بداية لإجراء الحوار على نطاق أوسع.
كذلك شدَّد الكاتب على أن خفض التصعيد يخدم مصالح شركاء اميركا الخليجيين اذ ان استمرار النزاعات سيمنع الاستثمارات الأجنبية في المنطقة، لافتًا إلى مكسب الولايات المتحدة جراء خفض التوتر بين دول الخليج وإيران والذي هو تقليل الحوافز لنشر الفكر الوهابي.
كما أكَّد ضرورة أن تتبنى الولايات المتحدة موقفًا أكثر تشددًا مع دول الخليج حيال ملف حقوق الانسان.