أشار الكاتب الصهيوني دافيد هوروفيتس في مقالٍ نشرته “تايمز أوف يسرائيل”، إلى أن المحطات التلفزيونية الرئيسية الثلاث في “إسرائيل”، لم تعتبر الزيارة الرسمية الأولى لوزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني إلى الكيان الصهيوني، أمس الأربعاء، أمرًا يستحق مقاطعة جدول برامجها الصباحي المعتاد من أجل نقل وصوله إلى مطار “بن غوريون” في بث مباشر.
ورأى أن زيارة الزياني لم تثر الكثير من الاهتمام، وذلك بعد توصُّل “إسرائيل” إلى اتفاقات مع الإمارات والبحرين والسودان في الأشهر الثلاثة الماضية، وإرسال الجميع وفودًا لوضع اللمسات الأخيرة على العلاقات الجديدة، وإضفاء الطابع الرسمي عليها وتطويرها.
وبحسب هوروفيتس، هزيمة ترامب لجون بايدن، ونية بايدن المعلنة صراحة بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التوصل إليه في عام 2015، وتم التفاوض عليه عندما كان بايدن نائبًا لباراك أوباما، وانسحب منه ترامب، أعادتا صياغة حسابات المنطقة بشأن إيران.
ولفت إلى أنَّ هزيمة ترامب أحدثت أمواجًا في المنطقة، فالسلطة الفلسطينية قررت فجأة استئناف التنسيق الأمني مع “إسرائيل”، ويرغبون بإعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصةً أنَّ رؤية ترامب للسلام لم تعد على الطاولة.
وتابع “في “إسرائيل”، يُستبعد أن يمنح ترامب موافقته على ضم المستوطنات، نظرًا إلى أنه تم تعليق الخطة بشكل صريحٍ بموجب شروط الاتفاق الإسرائيلي-الإماراتي، وحاليًا يواجه نتنياهو ضغوطًا من معسكر اليمين لشرعنة عشرات البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية قبل دخول بايدن البيت الأبيض.
أما في إيران، فيتوقع هوروفيتس نهجًا أكثر تعاطفا لبايدن من ترامب، الذي تواترت تقارير عن نيته في أسابيعه الأخيرة في البيت الأبيض، “تفكيك برنامج إيران للأسلحة النووية” من خلال قصف موقعٍ واحدٍ أو أكثر من مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، إلا أنَّ مساعديه يقنعونه بالعدول عن الفكرة.
ووصف وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، بالمُحاور الماكر، إذ بعد ظهور التقارير إلى العلن، أعلن ظريف برحابة صدر مناقشة كيفية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، شريطة أن ترفع أولا كل العقوبات التي فرضتها على طهران.
وتابع الكاتب الصهيوني “حذر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية والذي من الواضح أنه يخشى هو أيضًا من أن يكون بايدن صيدًا سهلًا بالنسبة لطهران، من أن المملكة قد تسعى إلى الحصول على قنبلة إذا لم يتم وقف تقدم إيران نحو سلاح نووي”، إذ قال عادل الجبير لوكالة الأنباء الألمانية DPA في معرض حديثه عن التهديد الإيراني والسياسة الأمريكية وظهور بايدن والمخاوف الخاصة بالرياض، “نعتقد أن الإيرانيين لم يستجيبوا إلا للضغط”.
وأردف “تشاركه هذا التقييم بشكل مؤكدٍ “إسرائيل”، التي شنت فجر الأربعاء غارات جوية ضد ثمانية أهدافٍ في سوريا، من بينها عدَّة منشآتٍ يسيطر عليها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي عن عثوره على عبوات ناسفة، تم زرعها بتوجيه إيراني بهدف تفجيرها ضد دوريات تابعة للجيش الإسرائيلي على الجانب الخاضع للسيطرة الإسرائيلية عند الحدود السورية”، وفق ادّعائه.
وفي محاكاةٍ للخطاب الذي ألقاه نتنياهو في الكونغرس في آذار/مارس 2015، والذي حض فيه المشرّعين على منع الاتفاق النووي “السيئ للغاية” الذي سعى إليه أوباما، حض سفير “إسرائيل” لدى الولايات المتحدة، رون ديرمر، بايدن بشكل علني على عدم العودة إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة”، قائلًا “اجلسوا مع حلفائكم في المنطقة، اصغوا إليهم، نحن الأكثر تأثرًا في هذه اللعبة، لدينا ما نخسره، تحدثوا معنا، حاولوا الخروج بموقف مشترك، وهو ما أعتقد أنه ممكن، ليس فقط فيما يتعلق بالقضايا النووية ولكن أيضًا فيما يتعلق بالعدوان الإقليمي لإيران”.
في السياق ذاته، أدلى وزير الخارجية البحريني خلال زيارته للأراضي المحتلة بأقوال مماثلة، وقال لموقع “أكسيوس”: “يجب التشاور معنا إذا سعت الولايات المتحدة إلى اتفاقٍ كهذا مع إيران”.
وأفاد الكاتب الصهيوني أنَّ هذا ما يفكر فيه كل شركاء “إسرائيل” الإقليميين الجدد، وكل الشركاء المحتملين الذين في الانتظار، في وقتٍ تبقى “إسرائيل” القوة العسكرية الإقليمية التي ليس لديها خيار سوى الوقوف في وجه طهران، حسب تعبيره.
وأضاف “يسعى النظام صراحة إلى تدميرنا ويعمل بعنادٍ للحصول على الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الطموح، لكن مجال المناورة الذي تتمتع به “إسرائيل” والدول المشابهة لها في الرأي في الشرق الأوسط وخارجه، سيتسع بشكلٍ كبيرٍ إذا قامت الولايات المتحدة بدورها كقوة عظمى، وحافظت على مصالحها، من خلال وضع نفسها في طليعة المعركة لإبعاد إيران عن القنبلة النووية”.
ورأى هوروفيتس أن لا مفر من حقيقة أن إدارة بايدن وحكومة نتنياهو ستختلفان وتتصادمان حول القضية الفلسطينية، وذكر أنهما في مكالمتهما الهاتفية، التي جاءت متأخرة، مساء الثلاثاء، عندما تمكن نتنياهو أخيرًا من وصف بايدن بالرئيس المنتخب للولايات المتحدة، بذل بايدن جهدًا للتأكيد على التزامه بـ “مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”، وكانت هذه صياغة تم اختيارها بعناية، تهدف إلى التأكيد على دعمه لـ”حلّ الدولتيْن” الذي لم يعد يؤيده نتنياهو بشدة.
وفيما يتعلق بإيران، شدَّد الكاتب الصهيوني على وجوب أن تكون القيادتان متوائمتين بشكل وثيق، لافتًا إلى أنَّ في مكالمة الثلاثاء، أكَّد بايدن على “دعمه الثابت لأمن إسرائيل”، واعتبر أن هذا “يتطلّب سياسة واضحة ومنسقة بشكل وثيق لإحباط “نظام آيات الله”، على حدّ وصفه، بعكس عملية التفاوض لعام 2015، عندما تم تهميش “إسرائيل” من قبل إدارة أوباما، هذه المرة، من فضلكم، لا مكان للخلاف”.