يأتي أسبوع الوحدة الإسلامية هذا العام في خضم ظروف عصيبة تعيشها الأمة الإسلامية وذلك على وقع الصراع الذي فجرّه خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون بعد حملة الإساءة للرسول الكريم. كما يأتي في خضم صعوبات وأزمات عديدة تشهدها الدول الإسلامية لعل أهمها موجة التطبيع الصهيوني وتهافت دول خليجية وإسلامية للتسابق نحو “تل ابيب”، والتحاقها بقاطرة التطبيع الصهيوني، ضاربة عرض الحائط بكل المقدسات الإسلامية والكونية وحقوق الشعب الفلسطيني.
استحضار وحدة القيم
ولعل استحضار أسبوع الوحدة الإسلامية اليوم هو من الأهمية بمكان، باعتباره مناسبة هامة لتقوية الروابط الإسلامية والدعوة لإيجاد حلول جديدة لقضايانا تتلاءم مع متطلبات العصر. فقد كان هذا الأسبوع منذ الدعوة اليه ولا يزال مناسبة للمسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، ومحطة تلاقٍ بين أبناء الدين الواحد، ونقطة التقاء فكري وتعايش سلمي حضاري فيما بينهم. لذلك لاقت هذه الفكرة فيما بعد وإلى الآن رواجا في مختلف الدول الإسلامية بل والدول العالمية أيضا.
ويؤكد الباحث التونسي في العلوم الإسلامية الشيخ الدكتور بدري المداني لموقع “العهد” الاخباري أن “الدين الإسلامي تجمعه وحدة القيم والتعايش ووحدة الأخلاقيات الانسانية العامة، وأساسه هو الوحدة ما بين المسلمين في مواجهة التحديات الراهنة الكبرى في العالم اليوم”، معتبرًا أن “الوحدة الإسلامية أمر مفروغ منه، فاليوم مع هذا الانفتاح الكبير في العالم من خلال التقنيات والتكنولوجيا، لم تعد المسافات حاجزا. ورأينا كيف أن الدول العظمى تركّز على الوحدة، فالاتحاد الأوروبي اليوم هو هيكل للوحدة الأوروبية ويحاول جميع الأوروبيين من خلاله تنمية المعطيات الاقتصادية وغيرها وتوحيد العملة”.
ويتابع المداني: ” أما بالنسبة للدول الإسلامية فكان من باب أولى ان تكون متحدة انطلاقا من أن الإسلام هو دين جاء للوحدة. فيكفي أن هناك فريضة منسية وهي فريضة “واعتصموا بحبل الله جميعا”، ونلاحظ أن أغلب العبادات تدعو للوحدة، فالصلاة الجماعية والحج والصيام في توقيت معين كلها تدعو للوحدة”. وضحًا أن “الدول الإسلامية اليوم في ظروف الصراعات التي تمرّ بها على غرار الصراعات الاقتصادية والسياسية والمصلحية إضافة الى جائحة الكورونا، هي أشد ما تكون الى الوحدة”.
المسلمون وخطر التطبيع
ويشير المداني الى أن هناك العديد من المنظمات التي تنضوي تحتها الدول الإسلامية هي اتحادات صورية وكان من المفترض أن تكون أكثر نجاعة وفعالية، خاصة إزاء العديد من القضايا وأهمها القضية الفلسطينية. ويضيف “رأينا كيف تشرذمت الدول الإسلامية تجاه هذه القضية وفيها من سقط في مستنقع التطبيع ودخلنا في هذه الدائرة التي من شأنها أن تزيد في عملية الاختلاف بين الدول الإسلامية خاصة أمام عدو مشترك وهو عدو تنطلق أدبياته وفكره واستكباره من منطلقات دينية. فالصراع العربي الصهيوني هو صراع ديني بالأساس لذلك نحتاج الى الوحدة في مواجهة هذه القضايا الصعبة”.
ويرى المداني أن الحملات المسيئة للرسول الكريم(ص) يجب أن تواجه بحملات مضادة وبشكل علمي وحضاري: “نحتاج الى أن نتفق حتى في دفاعنا عن الرسول(ص) وعلينا أن نتحد في الأساليب حتى لا نشوّه صورة المسلم التي سوقت اليوم”.