تناول كيفين مكالينان الذي شغل منصب وزير الأمن الداخلي الأميركي بالوكالة وتوماس بلوفشن الذي كان مستشار وزير الامن الداخلي لمكافحة الإرهاب في مقالة نشرت بصحيفة “واشنطن بوست” إعلان السلطات الفدرالية الأميركية اعتقال ستة اشخاص بتهمة التخطيط لاختطاف حاكمة ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر.
وقال الكاتبان ان التطور هذا يدل على “التهديد الإرهابي الداخلي الناشئ” الذي تواجهه الولايات المتحدة. ولفتا الى ان وزارة الامن الداخلي الأميركية كانت أصدرت تقريرها السنوي الأول وحذرت فيه من ان “متطرفي الداخل” يشكلون “التهديد الإرهابي الأكثر ترجيحا”.
وأضاف الكاتبان أن اعتقال المتهمين بالتخطيط لاختطاف ويتمر هو من أبرز التطورات التي تسلط الضوء على مخاوف أجهزة انفاذ القانون من قيام “المتطرفين بالداخل” بمحاولة استغلال ارتفاع حدة التوتر الاجتماعي والسياسي على خلفية الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر المقبل.
ولفت الكاتبان الى أن الخبراء الاستخباريين يقدّرون أن الهدف من هذه الأفعال هو تشجيع الفكر المتطرف اليميني واليساري، وحذّرا من ان هذه التطورات تفيد بأن التهديدات الإرهابية التي تواجهها الولايات المتحدة تغيرت بشكل كبير منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، وشددا على ان التهديد الأكبر أصبح أكثر فأكثر ذا طابع محلي، وتحدثا في هذا السياق عن مواطنين اميركيين متأثرين بالفكر المتطرف.
وبينما لفت الكاتبان الى ان تقرير وزارة الامن الداخلي الأميركية وصف المتطرفين العنصريين البيض بالتهديد الأخطر على صعيد الإرهاب المحلي، تحدثا في الوقت نفسه عن تعبئة “المتطرفين المعادين للحكومة والسلطة”.
وحذرا من أن الولايات المتحدة تواجه تهديدات إرهابية محلية تتغير بسرعة، ومن ان اعمال العنف الناتجة عن الإرهاب المحلي أصبحت أكثر ترجيحاً من اعمال العنف الناتجة عن تهديدات خارجية.
على وزارة الأمن أن تكون أكثر صراحة في المستقبل فيما يخص نشاطات المجموعات المتطرفة
بدورها، قالت مجموعة صوفان للاستشارات الأمنية والاستخبارية إن تقرير وزارة الامن الداخلي الأميركية يبيّن بوضوح أن المتطرفين البيض يشكلون التهديد الأخطر على صعيد الجهات “غير الحكومية”.
وأشارت المجموعة الى ان التقرير يتضمن احصائيات للهجمات الإرهابية الأخطر التي شهدتها الولايات المتحدة بين عامي ٢٠١٨ و٢٠١٩، والى ان هذه الاحصائيات تفيد بأن المتطرفين البيض يشكلون الخطر الأكبر على صعيد الإرهاب المحلي.
ولفتت المجموعة الى ان وزارة الامن الداخلي الأميركية رأت ان قدرة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” على مهاجمة الأراضي الأميركية تبقى محدودة، فيما رجّحت أن تسعى جماعات مثل “داعش” و”القاعدة” الى “الهام” مواطنين اميركيين.
واعتبرت المجموعة أن قدرة هذه الجماعات (مثل “داعش” و”القاعدة”) على التواصل عبر الانترنت تبقى موضع قلق اذ انها قادرة على الوصول الى المواطنين الاميركيين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي او منابر أخرى، مشيرة الى أن وزارة الامن الداخلي الأميركية سمّت حزب الله كمنظمة إرهابية أجنبية، وقالت إن إيران قد تستخدم الحزب من أجل مهاجمة الأراضي الأميركية في حال المزيد من التدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وايران.
كما نبهت المجموعة إلى أن وزارة الامن الداخلي الأميركية لم تُسمِ مجموعات مثل “Atomwaffen Division” و”Boogaloo Boi””و”Proud Boys” و”QAnon”، مشيرة الى ان افرادا على صلة بهذه المجموعات قاموا بقتل مواطنين اميركيين، وقالت ان على وزارة الامن ان تكون أكثر صراحة في المستقبل فيما يخص نشاطات هذه المجموعات، مضيفة أن على الكونغرس ان يطالب الوزارة بإصدار “تقييم علني” للتهديد الذي تشكله هذه المجموعات.
أنصار ترامب سيلجؤون الى العنف اذا خسر المعركة الانتخابية
هذا فيما أشار الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية بروس هوفمن والذي يعد من ابرز الباحثين الاميركيين في مجال “مكافحة الإرهاب”، الى ان بعض انصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتمين الى جماعات مثل “Qanon” و”Oath Keepe” تعهدوا باللجوء الى العنف في حال خسر ترامب الانتخابات الرئاسية.
وحذر هوفمن من ان الخطة التي وضعها “متطرفون” لاختطاف حاكمة ولاية متيشغن قبل اقل من شهر من موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية تفيد بأنه يجب اخذ إمكانية اندلاع العنف داخل الولايات المتحدة (على خلفية الانتخابات الرئاسية) على محمل الجد.
كما نبه هوفمن من ان الخطر لا يتمثل بحراك متماسك بل بمجموعات وخلايا وكيانات على المستوى الوطني وعلى مستوى الولايات والمناطق، وقال ان مستوى تنظيم وتماسك هذه الجماعات يتراوح بين ١٥ الف و٢٠ الف عنصر مسلح من بينهم عدد كبير تلقى التدريب، لافتة الى ان هذه التقديرات تشير الى ان هذه الميليشيات تنشط في جميع الولايات الأميركية، معتبرًا ان العديد من هذه الجماعات “مدجج بالسلاح” وتحمل الفكر العنصري والمعادي للحكومة. كذلك تحدث عن تقديرات تفيد بأن هناك حوالي ٣٠٠ ميليشيا في الولايات المتحدة.
ورأى هوفمن أن الأخطر من ذلك هو دعوات “الثورة” و”الفتنة” التي تنادي بها جماعة “Boogaloo Bois”.
كما لفت هوفمن الى ان الاغلاق الناتج عن وباء الكورونا والمظاهرات التي شهدتها الولايات المتحدة منذ مقتل جورج فلويد أدت الى ارتفاع حدة التوتر والاستقطاب السياسي بشكل غير مسبوق ربما منذ حقبة الستينيات.
وختم الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية قائلاً: “الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة تختلف عن سابقاتها، فإجراؤها ونقل السلطة بشكل منظم أصبح موضع شك”.