عشية بدء الاحتلال الصهيوني بتنفيذ ما يسمى مشروع “ضم ثلث الضفة الغربية والقدس”، تنادى عدد من المثقفين والسياسيين والنشطاء في تونس إلى إطلاق نداء عربي مشترك لوضع استراتيجيات عملية لمواجهة هذا المخطط بكل ما يحمله من مخاطر على أمن فلسطين والمنطقة.
في هذا السياق، احتضنت العاصمة التونسية فعاليات وندوات حوارية بين مختلف أطياف المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والمثقفين، أكدت جميعها على ضرورة تبني نهج المقاومة بمختلف الأشكال ومواجهة مخططات التطبيع والتتبيع التي تجري في المنطقة.
بيان تونس من أجل فلسطين
من تونس صدر “البيان العربي المشترك” من أجل فلسطين الذي تقدم بتوصيات عملية عديدة لصناع القرار العربي والدولي في مستوى الحكومات والشعوب والمنظمات الأممية من بينها دعم نداء الألف الذي أصدرته نخبة من الشخصيات الاعتبارية الفلسطينية والعربية مؤخرا تعبيرا عن معارضة تشريع المستوطنات وضم 30 بالمئة من أراضي الضفة الغربية الفلسطينية تكريسا لسياسات حكومة الاحتلال بزعامة ناتنياهو وصفقة القرن ورؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ”السلام”.
ودعا البيان القوى الوطنية الشعبية في تونس وفلسطين والدول العربية والعالم إلى تنظيم تحركات شعبية موحدة في الشوارع لتوجيه رسالة واضحة إلى حكومة التمييز العنصري الإسرائيلية وداعميها من رموز التطرف والغلو داخل الادارة الأميركية، وإجهاض مشروع الضم وإلغاء المستوطنات”.
على طريق دحر الاحتلال
وتحت شعار:”لنستمرّ في مواجهة مخطّطات الضمّ والتطبيع وصفقة القرن على طريق دحر الاحتلال”، نظّم المؤتمر الدّولي للتضامن النضالي التشاركـي مع الشعب الفلسطيني في مقرّ المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة في العاصمة- تونس ندوة فكرية حوارية، عبرّ خلالها رئيس اللّجنة الوطنيّة التّونسية للتضامن النضالي التشاركـي مع الشعب الفلسطيني فوزي العلوي عن المنعرج الخطير الذي تمرّ به القضية الفلسطينية اليوم من خلال قرار صفقة القرن والضم، مشدّدا على ضرورة تضافر الجهود واستفراغ الطاقات الممكنة للتصدّي لكلّ مشاريع التسويّة والتصفية للقضية الفلسطينيّة.
المقاومة في لبنان وغزة نموذجا
سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تونس محمد رضا شيباني أكد بدوره أنّ الصراع مع العدو الصهيوني يمرّ اليوم بمنعرج تاريخي، إذ إنّ مسارات الصراع مع الكيان الصهيونـي تجلّت في نهجين الأول هو التفاوضي والثاني هو منهج المقاومة، مشيرا إلى أنّ المنهج الثاني هو الخيار الأمثل لمنع تمرير صفقة القرن واسترجاع حقوق الشعب الفلسطيني عبر تحديد وتطوير آليات المقاومة بأشكالها المختلفة في الضفة وفي كامل فلسطين.
وأضاف: “كل من هذين المنهجين أوصلا الى نتائج، فالمنهج الأول وصل إلى بعض الاتفاقات من أوسلو إلى كامب ديفيد وغيرها، وأنا اعتبر ان لغة الكيان الصهيوني والرد عليها يجب أن تكون بلغة القوة والمقاومة”، مشيرا الى ان الاتفاقات التي تمّ تنفيذها على الأرض لم تحقق أي أهداف.
وأضاف شيباني: “أمام استمرارية نهج الاحتلال لا بديل أمامنا سوى المقاومة، وإيران تدعم هذا النهج منذ الثورة الإسلامية إذ دخلت إلى الساحة الفلسطينية لدعم الشعب الفلسطيني”.
وتابع شيباني:”في الثمانينيات وبجهود الجمهورية الإيرانية وبدعم الأصدقاء في المنطقة على رأسهم سوريا ولبنان استطعنا ان نقيم نموذجا مثاليا عن المقاومة وهو المقاومة اللبنانية، وهذا المنهج دخل في العمل ووصلنا إلى نتيجة ورأينا في عام الفين فرار جنود الكيان الصهيوني من كل الأراضي اللبنانية من دون أي اتفاق أو مقابل أو شرط “.
وفي مثال آخر، قال شيباني إن ما حصل في غزة رغم الاختلافات الفلسطينية اضطُر الصهاينة إلى الفرار وتسليم القطاع بالكامل للفلسطينيين، وفي هذه الظروف ومع السياسات الاحتلالية فإن استمرارية نهج مقارعة الاحتلال هو الحل الأمثل لدحره، في حين أن اللجوء الى الاتفاقات والمفاوضات والصفقات سيؤدي إلى إنهاء القضية الفلسطينية”.
المؤتمر الدولي للتضامن النضالي التشاركي مع الشعب الفلسطيني
في السياق نفسه، جاءت مداخلة المنسّق العام للمؤتمر الدّولي للتضامن النضالي التشاركي مع الشعب الفلسطيني عابد الزريعـي تحت عنوان”المرتكزات السياسيّة والعمليّة لمواجهة وإسقاط مخطّط الضم”، والتي أكد فيها على القيمة التاريخيّة والأهمية الجيوسياسيّة والاقتصاديّة للضفة-منطقة الأغوار الفلسطينيّة والتي كانت حاضرة في أذهان مهندسي قرار الضم،-معتبرا أنّ هذا القرار جزء لا يتجزّأ من صفقة القرن.
كما نبه الزريعي إلى ضرورة عدم المراهنة لا على الانشقاقات الداخليّة للكيان الصهيوني لإفشال قرار الضم، ولا على المواقف الدّوليّة المختلفة لإجهاضه، مؤكدا أنّ الحلّ يتمثّل في بناء الخطوات العمليّة من خلال مواجهة مشاريع التسويّة على المستويين الإقليمي والعربي والفلسطيني، والقطع مع كلّ السياسات التي تعيق المقاومة الداخليّة والخارجيّة لدحر لاحتلال.