مبادرة جزائرية جديدة للتسوية …هل تُطفئ لهيب البركان الليبي؟

في خضم ما تعيشه ليبيا من معارك وحروب بالوكالة، ومن تصعيد عسكري غير مسبوق خاصة بعد دخول الأتراك مباشرة على خط الأزمة، ظهرت مبادرة جديدة للحل في ليبيا هذه المرة من الجزائر، كشف عنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مشيرا الى أن بلاده لديها مبادرة للحل في ليبيا تحظى بقبول من الأمم المتحدة وقد تقدم بالتنسيق مع تونس.

ليست المرة الأولى التي تقدّم بها دول جوار ليبيا – خاصة تونس والجزائر- مبادرات للتسوية لإطفاء الحريق الليبي ولإبعاد شبح التدخلات الخارجية عن هذا البلد، ولكنها لم تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع بسبب صراع الفرقاء الليبيين ومَن وراءهم من قوى أجنبية تدعم هذا الطرف أو ذاك في سياق المعركة حول الذهب الأسود الليبي وغنائمه.

المبادرة الجزائرية جاءت في وقت تشنّ فيه أنقرة حربا ضروسا بضوء أخضر أميركي للسيطرة على ما أمكن من أراض ليبية، وتشير الأنباء إلى أن المعركة القادمة ستكون في سرت التي تُمثّل معقلا رئيسيا للمشير خليفة حفتر.

وأمام هذا الدور التركي المتزايد، يبدو أن دولا عديدة فاعلة في المشهد الليبي ومنها مصر تريد استعادة زمام المبادرة، إذ دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء عقده في القاهرة مؤخرا مع شيوخ وأعيان قبائل ليبية أبناء تلك القبائل إلى الانخراط فيما وصفه بـ”جيش وطني موحد وحصر السلاح بيد دولة المؤسسات دون غيرها”.

ويأتي ذلك بعدما فوّض مجلس النواب الليبي (في الشرق الليبي) القوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، إذ “رأت أن هناك خطرا يطال أمن البلدين”، وهو بمثابة ضوء أخضر يسمح للقاهرة بالتدخل عسكريا في ليبيا، فيما كان رد المتحدث باسم الرئاسة التركية واضحا بالقول إن بلاده “ليست مع تصعيد التوتر في ليبيا، وليس لديها نية لمواجهة مصر أو فرنسا أو غيرهما في ليبيا”.

على أرض الواقع يبدو أن حلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعادة أمجاد الإمبراطوية العثمانية في شمال إفريقيا لم ينته، رغم كل النزيف الليبي الحاصل ونقله لمقاتلين من سوريا إلى ليبيا مع ما يمثله ذلك من خطر على أمن المنطقة، ما جعل دول الجوار الليبي تستنفر قواتها الأمنية على الحدود الليبية تحسبا لكل السيناريوهات الممكنة.

اليوم، تتجه الأنظار إلى سرت وإلى المعركة التي قد تنفجر هناك في أية لحظة بدعم تركي، خاصة مع إعلان حكومة الوفاق دفع تعزيزات عسكرية غرب المدينة، فهل تجد الدعوات للحوار والعودة إلى الحل السياسي آذانا صاغية بعدما كسر الرصاص كل مبادرات التسوية السابقة؟ وهل يُنصت الفرقاء الليبيون مجددا لصوت العقل والحكمة ويغلّبون مصلحة بلادهم على أية مصالح فئوية أو سياسية أو أجنبية؟

تونس – روعة قاسم

العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *