كتب سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، الجمعة، مقالاً في صحيفة إسرائيلية. عملتُ على مدى ثلاث سنوات في البيت الأبيض كي أقرب إسرائيل وجيرانها العرب بعضهم من بعض، ومع أن مقال السفير كفيل بأن يشكك بجهودي وجهود إدارة ترامب، فإني أشير بالإيجاب إلى العتيبة لكتابته المقال. يسرني أن تحدّثَ مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي.
فضلاً عن ذلك، فإن مقاله مكتوب جيداً وتغيب عنه الهستيريا والملاحظات التلقائية التي نراها في أحيان كثيرة من جانب دبلوماسيين وسياسيين يتحدثون عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
أقولُ هذا على النحو الآتي: أُعارض بشدة أجزاء من مقال السفير. فلا أتفق معه في أن بسط السيادة الإسرائيلية على الأجزاء التي تبحث فيها هذه الخطوة سيكون نزعاً غير قانوني للأرض. حكومة الولايات المتحدة هي الأخرى تفكر مثلي، وهذا هو السبب الذي يجعل رؤيا الرئيس ترامب للسلام تتيح هذه الفكرة.
بشكل شخصي أؤيد الخطوة، ولكن رأيي الشخصي غير ذي صلة. فلست إسرائيلياً، والقرار في التقدم نحو تنفيذ الخطوة ينبغي أن تتخذه الحكومة الإسرائيلية التي انتخبت ديمقراطياً. كما أني أعارض بشدة استخدام اصطلاح “أرض فلسطينية”. فهذه ليست أرضاً فلسطينية. هذه أرض موضع خلاف، والسبيل الوحيد لحل هذا الخلاف هو وصول الطرفين إلى طاولة المفاوضات ومحاولة الوصول إلى تسوية معاً وبشكل مباشر. ولكننا لم ننجح في حمل الطرفين إلى مثل هذا الوضع. وهذا هو أحد الأسباب المركزية في أننا صغنا رؤيا السلام بالشكل الذي صيغت فيه.
الرفض الفلسطيني
القيادة الفلسطينية منقسمة، بشكل غير قابل لرأب الصدع، بين رام الله وأولئك المخربين عطشى الدم الذين تمولهم إيران في غزة، ممن يقمعون نحو مليوني فلسطيني ويلحقون معاناة جمة بالفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن القيادة في رام الله رفضت رؤيا ترامب للسلام قبل أن تنشر. ومراراً، رفضت كل الخطط والأفكار التي وضعتها إدارات أمريكية سابقة على الطاولة. رأينا هو أن القيادة في رام الله لا ينبغي أن تأخذ حق الفيتو على ما يحصل في هذه الأرض وعلى ما يحصل للإسرائيليين الذين يسكنون هناك. ولكن من أجل حماية الفلسطينيين، أعطيناهم فترة طويلة (أربع سنوات) يكون بوسعهم في أثنائها إجراء إصلاحات كي يتمكنوا هم أيضاً من تلقي كل الفضائل التي تشير إليها رؤيا السلام.
بعد ساعات من المداولات في عواصم عربية على مدى أكثر من ثلاث سنوات، توصلت إلى الاستنتاج بأننا نتفق أكثر بكثير مما لا نتفق. كما أني أعرف بأن الأصدقاء والحلفاء يمكنهم أن يكونوا في خلاف حول أمور مهمة، وأن الإمارات العربية حليف وصديق مهم للولايات المتحدة. في نهاية المطاف، للإمارات الحق في أن تفعل ما هو خير لها وتعمل وفق ما تؤمن به. ومثلما احترم حق إسرائيل في اتخاذ قراراتها بنفسها (بما في ذلك القرار فيما يبحث فيه مقال السفير)، فإني أحترم حق الإمارات العربية في اتخاذ قراراتها.
ومثلما أشير في مقال السفير، فقد أجرت الإمارات العربية بضعة تغييرات عميقة في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بإسرائيل والجالية اليهودية بفضل الزعامة والرؤيا القويتين لسمو ولي العهد محمد بن زايد. فهو زعيم براغماتي، منفتح فكرياً ومتسامح، نواياه هي توحيد المنطقة والسير بها إلى الأمام باتجاه إيجابي.
إذا اختارت إسرائيل السير إلى الأمام في كل ما يتعلق بفرض القانون الإسرائيلي على المناطق المختلفة، فآمل في أن يستمر التقدم الكبير في العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية. هذا التقدم مهم للمنطقة لأسباب عديدة جداً، بما فيها الأمن.
ملزمون بالتقدم
علينا ألا ننسى انه أن العتيبة قد وصل، مع السفيرين العُماني والبحريني، إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، للمشاركة في الكشف عن رؤيا ترامب للسلام. أكن احتراماً عظيماً لهم لخطوتهم التاريخية هذه. فقد صفقوا لنقاط عديدة في المناسبة، بل ونالوا تصفيقاً واستقبالاً حميماً من جانب الحاضرين. ويجب أن يستمر لهم التصفيق والاستقبال الحار. فهم لم يتفقوا مع كل ما شملته الرؤيا (عملياً، من المعقول ألا يستطيبوا الكثير منها)، ولكنهم جاءوا -مع ذلك- ليدعمونا.
آمل أن تواصل الإمارات تطوير “بيت العائلة الإبراهيمية”. فالحديث يدور عن مجال سيكون مسجداً، وكنيسة، وكنيساً. وإني سأتأثر حين أصل هناك لأصلّي مثلما صلّيت في البحرين قبل سنة.
رغم خلافاتنا الواسعة في مواضيع معينة، سأكون دوماً شاكراً لما وجدته دوماً في عواصم معينة في المنطقة للقيادة التي كانت دائماً مستعدة لإجراء مباحثات صريحة وصادقة، بل وفي حالات معينة مفاجئة.
كلنا نعترف بأن الطريق إلى السلام معقدة للغاية وصعبة. المنطقة كلها معقدة. ولكن هذه المباحثات الصعبة وهذه الجدالات، بما في ذلك المواضيع التي شملها مقال صديقي يوسف، يجب أن تجرى كي نتمكن من التقدم بشكل كبير.