تواصل الهجوم خاصة من ساسة وناشطين فلسطينيين على العمل الدرامي الذي أنتجته السعودية، وصوّر في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعنوان “أم هارون”، كونه عمل يهدف إلى “التطبيع” مع إسرائيل، في ظل انفتاح العلاقات بين تلك الدول وحكومة تل أبيب مؤخرا.
وجاء الانتقاد الحاد من الساسة والناشطين الفلسطينيين، بعد تكرار قناة “إم بي سي” السعودية” إعلانات المسلسل التطبيعي، في إطار الترويج له ليكون حاضرا بقوة على أجندة مشاهدي الدراما في الوطن العربي والعرب المقيمين في الخارج، المتوقع أن يزداد عددهم هذا العام، بسبب إجراءات الطوارئ للتعامل مع فيروس “كورونا”، والتي تشمل الحد بشكل كبير من الحركة، وفرض قيود مشددة على التنقل، وإغلاق المقاهي والصالات والنوادي.
ومن بين ما يحزن الفلسطينيين تحديدا، ليس فقط توجه القنوات العربية والمنتجين إلى تقديم أعمال هدفها، كما يؤكد النقاد، إحداث تقارب أكثر مع إسرائيل، بل ابتعاد الدراما العربية عن تقديم “قضايا الصراع” في الدراما الرمضانية التي تشاهد بشكل أكثر من باقي أوقات العام.
وحتى اللحظة، لم يتم الترويج لأي عمل درامي عربي، يتعرض إلى أي من قضايا الصراع، على غرار ما حدث العام الماضي، الذي لم يشهد سوى مسلسل محلي من انتاج فلسطيني هو “أولاد المختار” الذي روى فترة هجوم العصابات الصهيونية على المدن والبلدات الفلسطينية عام 1948، وما مرت به القضية الفلسطينية من آلام بسبب الاحتلال، حتى ثمانينات القرن الماضي، وقد أنتج المسلسل وخرج بشكل جيد، بالرغم من قلة الإمكانات في المناطق الفلسطينية، لإنتاج أعمال درامية كبيرة، على خلاف الدول العربية الأخرى التي تملك من الإمكانات ما يؤهلها لذلك، وجعل قضايا الصراع حاضرة على مائدة الدراما، لتنشيط الذاكرة العربية، وشحن العرب لصالح دعم القضية الفلسطينية.
ومع تزايد الإعلانات الترويجية لمسلسل “أم هارون”، وهو إنتاج مشترك بين شركة الفهد المملوكة للفنانة حياة الفهد، بطلة المسلسل، وشركة جرناس المملوكة للإماراتي أحمد الجسمي، وكلاهما منتج منفذ لصالح إم بي سي، ومن إخراج المصري محمد العدل، انفجرت موجة غضب فلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن خلالها الفلسطينيون رفضهم لهذا العمل الذي صورت كل مشاهده في دولة الإمارات العربية، والتي أجازت أيضا نص العمل.
ويؤكد المنتقدون أنه لا يوجد أي مبرر لإنتاج هكذا أعمال درامية، تسوق لـ”التطبيع”، خاصة مع استمرار مأساة الفلسطينيين جراء الاحتلال، الذي ينكل بالمواطنين ويقتل ويسلب الأرض ويقيم المستوطنات.
ويتحدث المسلسل عن حياة امرأة يهودية عاشت في دولة خليجية بشكل خاص، وعن اليهود في منطقة الخليج العربي عامة، ويزعم تعرضهم للمعاناة هناك في حقبة الأربعينات من القرن الماضي، حسب المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع، كما يظهر في إعلان المسلسل قصص حب بين مسلمين ويهود، وحاخامات يهود وهم يرتدون ثياباً تلمودية.
وفي هذا السياق كتب طاهر النونو، مستشار رئيس حركة حماس تدوينة على موقع “فيسبوك” قال فيها إن “محاولات بعض القنوات فرض التطبيع الثقافي والذهني أخطر بكثير من الاحتلال نفسه.. مسلسل أم هارون نموذجا”.
أما المسؤول في مكتب العلاقات الدولية لحركة حماس الدكتور باسم نعيم فقد كتب: “لا يمكن أن يكون عرض مسلسل أم هارون في هذا التوقيت بريئا، ولكنه محاولة التفافية على قيم راسخة ضد هذا الكيان بطريقة ناعمة، من خلال تصوير سماحة الشعوب العربية والإسلامية وقبولها الآخر المختلف معنا دينيا أو ثقافيا أو عرقيا، لتقبل كيان غاصب غريب وإضفاء الشرعية على وجوده وعلى احتلاله”، وأضاف: “التطبيع خيانة.. والمقاطعة واجب MBC”.
فيما كتب المختص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور عدنان أبو عامر: “أم هارون مسلسل رمضاني جديد، عن امرأة يهودية عاشت في الكويت، ثم يتحدث عن اليهود في الخليج ومعاناتهم”، ويضيف: “كالعادة يظهر قصص حب بين مسلمين ويهود، جهد سياسي بامتياز يقف خلف الزج باليهود في الدراما العربية، بدءا بمسلسل حارة اليهود المصري، مرورا بباب الحارة السوري”.
في حين كتبت سلوى ياسين مستغربة من أبطال العمل الدرامي كالممثلة حياة الفهد: “مازال السم يدس في العسل”، وتشير إلى أن المشكلة أن القائمين على التمثيل هم من الأجيال الشاهدة على الاحتلال الإسرائيلي من كبار السن. فيما وضع حسن جبر بوستر المسلسل وعليه علامة “x” وكتب: “أم هارون لحياة الفهد مسلسل تطبيعي يعرض في رمضان”.
وقد نقل المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع عن طارق الشايع، رئيس لجنة شباب لأجل القدس العالمية قوله: “الكويت ضد التطبيع بكل أشكاله، والكويت لا تسمح لكائن من كان أن يقوم بالترويج للتطبيع مع الصهاينة”، وذلك في تعليقه على مسلسل “أم هارون”، فيما وصف المركز في صورة وضعها لأبطال المسلسل العمل بأنه “دراما خبيثة”.