حتى الأمس فقط، سجّلت الولايات المتحدة إصابة أكثر من 133 ألف شخص بفيروس كورونا ووفاة 2363 آخرين. الوضع يتجه الى الأسوأ، فيما تتواصل الانتقادات لأداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي اتهمته صراحةً بإنكار المدى الحقيقي لانتشار الوباء وشدّته، وقالت إن إنكاره خطورة الفيروس تسبب في فقدان أرواح الكثيرين.
بيلوسي تحدّثت لشبكة “سي أن أن” الإخبارية الأمريكية، فاعتبرت أن إنكار ترامب في البداية كان مميتًا”، مُعترضةً بشدّة على اقتراح من جانب ترامب بإعادة فتح الاقتصاد بحلول عيد الفصح في 12 نيسان/أبريل، محذرة من أن الفيروس ما زال ينتشر، وأشارت إلى أن نقص وسائل الفحص للكشف عن الإصابة بالفيروس يعني أن النقاط الساخنة الجديدة قد تفلت من الملاحظة والمراقبة.
كذلك وجّهت بيلوسي الاتهام إلى ترامب بأنه بذل جهودًا ضئيلة للغاية في الأسابيع الأولى، وانتقدت رفضه حتى الأسبوع الماضي إصدار أوامر بإنتاج المعدات الطبية الأساسية، وقالت: “لا يمكننا الاستمرار في السماح له بمواصلة هذا التهوين بشأن ما يحدث هنا”، وأضافت “حكام الولايات لديهم الحق في الشعور بالاستياء من الكونغرس لعدم توفير التمويل اللازم للحكومات المحلية من أجل التعامل مع الوباء”، مشيرة إلى أن ثمة حاجة إلى حزمة تحفيز اقتصادي رابعة.
الوفيات والإصابات الى ارتفاع كبير
كلام بيلوسي يتزامن مع ارتفاع حصيلة الوفيات في ولاية نيويورك الأميركية وحدها بنحو 237 وفاة جديدة جراء كوفيد-19 خلال الساعات الـ24 الماضية، بحسب ما أعلن حاكم الولاية أندرو كومو في مؤتمر صحفي أمس.
وارتفع العدد الإجمالي للوفيات في العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة إلى 965، وذلك من بين 2329 وفاة في عموم البلاد.
وقال الحاكم كومو إن الولاية سجلت 7195 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد خلال يوم السبت الفائت، ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين إلى 59 ألفا و513 إصابة، وذلك من بين أكثر من 131 ألف إصابة في جميع الولايات الأميركية.
وأضاف الحاكم، الذي يطالب دائما الحكومة الفيدرالية بإرسال معونات طبية وإنشاء مستشفيات جديدة، أنه تم إيداع 1175 مريضا جديدا المستشفيات يوم الجمعة، وهو ما يرفع العدد الإجمالي لمرضى كورونا في مستشفيات الولاية إلى 8500 شخص، من بينهم نحو ألفين في الرعاية المركزة.
وبدأت بالفعل جهود إنشاء مستشفيات ميدانية في نيويورك لاستيعاب المُصابين بالفيروس والذين تتضاعف أعدادهم تقريبًا كل ثلاثة إلى أربعة أيام.
وكان كومو قد توقع أن يصل تفشي كورونا المستجد ذروته في نيويورك خلال 21 يوما، مشيرا إلى أن المدارس ستبقى مغلقة حتى 15 نيسان/أبريل على أقل تقدير، فيما أعلنت حال الطوارئ في ثلاث ولايات أميركية، هي نيويورك وواشنطن وكاليفورنيا.
مسؤولون محليون: ينقصنا الكثير..
وفي مؤشّر على تصاعد التوتر، قام رجال شرطة محليون وجنود من الحرس الوطني، ومن بيت إلى بيت، بإبلاغ سكان ولاية رود آيلاند، الذين يملكون سيارات مسجلة في نيويورك، بأن عليهم فرض عزلة على أنفسهم لأسبوعين، بعد وصولهم إلى هذه الولاية الساحلية بشمال شرق الولايات المتحدة.
بالموازاة، حذر كبير خبراء الحكومة الأمريكية بمجال الأمراض المعدية الطبيب “أنتوني فاوتشي”، (مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية) من احتمال ارتفاع الوفيات بسبب “كورونا” في الولايات المتحدة إلى 200 ألف.
بدوره، وصف “جريتشن ويتمر” حاكم ولاية ميشتيجان، الذي أصبحت ولايته من بين أسرع الولايات في ارتفاع عدد الإصابات خاصة في المقاطعة التي تضم ديترويت، التفشي بأنه مفزع بدرجة “تمزق الأحشاء”.
وقال لـ”سي إن إن”: “لدينا عمال تمريض يرتدون كمامة واحدة من بداية دورة عملهم حتى نهايتها، الكمامات التي يفترض أن تكون لفحص مريض واحد نريد بعض المساعدات وسنحتاج لآلاف من أجهزة التنفس الصناعي”.
من جانبه، قال “بيل دي بلاسيو” رئيس بلدية نيويورك لـ”سي إن إن” إن المدينة ستحتاج إلى مئات أخرى من أجهزة التنفس الصناعي خلال أيام، والمزيد من الأقنعة والملابس الطبية وإمدادات أخرى بحلول الخامس من أبريل/نيسان.
كما صرّح “جون بيل إدواردز” حاكم ولاية لويزيانا بأن أجهزة التنفس الصناعي في نيو أورليانز ستنفد قرب الرابع من أبريل/نيسان، ولا يعلم المسؤولون في الولاية إذا كانوا سيتلقون أي أجهزة أخرى من المخزون الوطني.
وأضاف في حديث لـ”سي بي إس” إن لويزيانا حاولت طلب 12000 جهاز تنفس صناعي من شركات تجارية وتلقت 192 فقط، وتابع “لم نحصل بعد على موافقة بالحصول على أجهزة تنفس صناعي من المخزون الوطني، سأستمر في الضغط من أجل هذا وأتمنى أن نحصل على بعض مما تبقى”.
الفيروس يتغلغل الى السجون
وتنسحب أزمة “كورونا” على السجناء في الولايات المتحدة، حيث غزا الفيروس مختلف السجون في أنحاء البلاد، ما دفع إدارة السجون ومراكز احتجاز المتهمين، للإبلاغ عن تسارع انتشار المرض وسط عجزها عن اتخاذ تدابير مختلفة لحماية السجناء.
وبلغ عدد المصابين بفيروس كورونا 132 على الأقل من النزلاء و104 من العاملين في سجون مدينة نيويورك وحدها حتى يوم السبت الفائت.
وأعلنت إدارة الإصلاح في المدينة أنها تتخذ تدابير عديدة لحماية النزلاء، وامتنعت عن التعليق على ما رواه أحد المساجين عن انهيار حارسة مصابة بعدوى هذا الفيروس.
ويقول السجين شون هرنانديز إنه يغطي فمه وأنفه بقميص أو منشفة عندما يخرج من زنزانته، وأوضح أن نزلاء السجن لا سبيل لهم للحصول على قفازات أو أقنعة صحية وليس لديهم سوى الماء البارد لغسل أيديهم.
وروى أن النزلاء شاهدوا إحدى الحارسات يوم الخميس وهي تسعل بشدة ثم احمر خداها قبل أن تنهار وتقع على الأرض، وأضاف “نحن نتوسل للضباط” من أجل إتاحة وسائل حماية أفضل لكنهم “يهزون أكتافهم، وفي النهاية لسنا سوى نزلاء، مواطنين من الدرجة الثانية. نحن أشبه بالماشية”.
وفي سياق متصل، أفادت وكالة “رويترز” أن “السلطات تخلي سبيل آلاف السجناء دون أي فحص طبي يذكر في بعض الحالات للتأكد مما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا ومعرضين لنقل العدوى لغيرهم”.