مع اقتراب عقارب الساعة من العاشرة ليلا، لا يتوجه العشرات من الشبان والنشطاء الفلسطينيين إلى مراقدهم، بل يتوافدون إلى قمة جبل “العُرْمَة”، جنوبي مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
ويقول المرابطون إنهم يهدفون من الرباط على قمة الجبل إلى حمايته من الأطماع الاستيطانية الإسرائيلية.
ففي الأيام الماضية، شهد “الجبل” مواجهات عنيفة بين مئات المواطنين من بلدة بيتا، التي يملك سكانها الجبل، وقوات من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، أُصيب خلالها العشرات بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
كما يتداول المستوطنون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لاقتحام الجبل والسيطرة عليه، حسب نشطاء فلسطينيين.
ويعد “العُرْمَة” من أعلى جبال الضفة الغربية؛ حيث يرتفع عن سطح البحر نحو 830 مترا.
ويجلس المرابطون في مجموعات أمام مواقد النار وسط لسعات برد قارس.
ويرفرف في أعلى قمة “العُرْمَة” علم فلسطيني نصبه نشطاء على سارية بارتفاع 25 مترا.
ويقول النشطاء إن رفع العلم يعد استفزازا للمستوطنين الإسرائيليين.
وفي محيط السارية نصب النشطاء العديد من الخيام.
وبينما يصنع شاب إبريقا من الشاي يترنم آخرون بأناشيد وطنية وشعبية وزجل.
وفيما ينشغل الشاب رائد ناصر بتوفير بعض الاحتياجات للمرابطين، يقول إن جبل العُرْمَة “إرث حقيقي لأهالي البلدة، لا يمكن أن نفرط فيه”.
وأضاف: “منذ صغرنا تربينا على ألا نفرط بأرضنا، وأن نحافظ عليها”.
“المرابطون يتواجدون بشكل متواصل على الجبل، ويتناوبون حتى لا يتركوا فرصة للمستوطنين للصعود عليه وإنزال العلم الفلسطيني”
ولفت “ناصر” إلى أن المرابطين يتواجدون بشكل متواصل على الجبل، ويتناوبون حتى لا يتركوا فرصة للمستوطنين للصعود عليه وإنزال العلم الفلسطيني.
وأضاف: “سنبقى هنا، ولن نتنازل عن حقنا”.
والأربعاء، تصدى مئات الشبان لقوة إسرائيلية حاولت فض اعتصامهم على جبل “العُرْمَة”، حسب شهود عيان؛ ما أسفر عن إصابة العشرات بجراح وبحالات اختناق.
واستخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
ويتوقع السكان والمرابطون استمرار اقتحامات قوات الاحتلال للمكان؛ بهدف فض الاعتصام كما حدث فجر الأربعاء.
ويعد الجبل نقطة هامة في المنطقة، ويُشرف على عدد من البلدات الفلسطينية؛ فإلى الشرق يطل على غور الأردن، وبالعين المجردة يظهر الساحل الفلسطيني (البحر الأبيض المتوسط)، إذا ما كان الجو صافيا، حسب الأهالي.
ويعد الجبل نقطة هامة في المنطقة، ويُشرف على عدد من البلدات الفلسطينية؛ فإلى الشرق يطل على غور الأردن، وبالعين المجردة يظهر الساحل الفلسطيني (البحر الأبيض المتوسط)، إذا ما كان الجو صافيا، حسب الأهالي.
وإلى الشمال من جبل العُرْمَة تقع مستوطنة “إيتمار” الإسرائيلية.
وفي محيط نابلس وحدها، نحو 39 مستوطنة وبؤرة استيطانية (عشوائية)، يسكنها نحو 40 ألف مستوطن إسرائيلي، يشنون اعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم، حسب السكان الفلسطينيين.
وقال عارف الشُرفا (أحد المرابطين) إن نشاطهم يأتي ردا على دعوات من قبل المستوطنين للسيطرة على الجبل بزعم أنه “إرث يهودي”.
وأشار إلى أن “جبل العُرْمَة يحظى بأهمية كبيرة لسكان بلدة بيتا، وللبلدات المجاورة”.
ويشير “الشُرفا” إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حاول في العام 1988 السيطرة على الجبل؛ فتصدى أهالي بلدة “بيتا” له، ما أسفر عن وقوع شهداء وإصابات، وهدم 15 منزلا، واعتقال نحو 300 شاب.
وقال: “نحن هنا نرابط، وسندافع عن أرضنا بصدورنا العارية”.
ويحاول المستوطنون السيطرة على قمة الجبل بمساحة 9 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، بدعوى أنه مكان مقدس لهم حسب فؤاد معالي، رئيس بلدية بيتا.
وقال “معالي” إن الأطماع الإسرائيلية في السيطرة على الجبل “قديمة”.
ويضيف: “مؤخرا، بات ملاحظا إصدار دعوات من قبل قادة المستوطنين للصعود على قمة الجبل، والصلاة عليه، بشكل مستمر؛ الأمر الذي بات مقلقا وخطوة للسيطرة عليه”.
وأضاف: “هناك قرار من قبل كل فلسطيني من أهالي بلدة بيتا بالدفاع عن الجبل ومنع تحويله لبؤرة استيطانية”.
ولجبل “العرمة” أهمية تاريخية، حسب “معالي”؛ ففي جنباته “قصور قديمة، وخزانات مياه ضخمة تعود للعصر الكنعاني”.
ويضيف: “نحن والمرابطون هنا لن نسمح لأي مستوطن المساس برايتنا أو أرضنا”.
وتسارع الاستيطان في الضفة الغربية، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، خطة مزعومة للتسوية، عرفت إعلاميا باسم “صفقة القرن”، والتي لاقت رفضا فلسطينيا واسعا.
وتتضمن الصفقة المزعومة إقامة دولة فلسطينية في صورة “أرخبيل” تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها “في أجزاء من القدس الشرقية”، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
والشهر الماضي بدأت لجنة إسرائيلية أمريكية اجتماعات لبحث خرائط الضم الإسرائيلية لمناطق في الضفة الغربية بموجب الخطة الأمريكية المزعومة.
وحسب معلومات منظمة “السلام الآن” لحقوق الإنسان، توجد الآن في القدس الشرقية المحتلة 13 وحدة استيطانية غير قانونية وفي الضفة الغربية 253.
ووفقا للقانون الدولي، تعتبر جميع الوحدات الاستيطانية اليهودية الواقعة في الأراضي المحتلة غير قانونية. (الأناضول)