لم تحدد حركة حماس المدة التي سيمكث فيها رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، في العاصمة القطرية الدوحة، ثاني محطات جولته الخارجية، التي بدأت مطلع الأسبوع الماضي بتركيا، وسط توقعات أن تطول مدة الإقامة، وأن تكون الدوحة مكانا للانطلاق في عدة زيارات تشمل بلدانا أخرى.
وترتبط حركة حماس بعلاقات مميزة مع قطر، حيث يستعد هنية وكبار قادة الحركة الذين خرجوا معه من غزة، والمقيمين في الخارج خاصة قطر، لعقد لقاءات مع كبار القادة في الدوحة.
ومنذ خروج هنية في جولته الخارجية الأولى له منذ توليه منصبه بقيادة حركة حماس قبل عامين ونصف، لم تعلن حركة حماس برنامجا تفصيليا لزيارته الخارجية الثانية التي تشمل عدة دول، وربما يكون الأمر مرتبطا بتدابير أمنية، أو بسبب ترتيبات التنسيق لتلك الزيارة.
ويدور الحديث أن ترتيبات الزيارات الخارجية لهنية، لا تزال تبحث، خاصة وأن الحركة تلقت موافقة السلطات المصرية عليها قبل وقت قريب، بعد اعتراض دام طوال الفترة الماضية، حيث كانت لا تقبل أن يخرج هنية من أراضيها التي تمثل مسلكه الوحيد، في هذه الجولة.
ويعتقد أن تكون العاصمة القطرية، التي وصلها هنية مساء الأحد، مركزا لانطلاقه في زيارات أخرى لعدة بلدان عربية وإسلامية، على أن يعود للدوحة مرات أخرى، ليمارس من هناك منصبه كرئيس للمكتب السياسي للحركة، خاصة وأن سلفه السابق خالد مشغل أقام في الدوحة منذ خروج قيادة الحركة من سوريا، ولا يزال.
كما لم تعلن حماس عن برنامج الزيارة، ولم تكشف أيضا مدة الجولة، لكن هناك معلومات تقول إن مدة جولة هنية الخارجية قد تطول لأشهر، ما يدفع باتجاه أن تكون الدوحة هي مكان إقامته في أغلب الأوقات.
وهناك سابقة لهنية الذي كان يرأس حركة حماس في غزة، قبل انتخابه رئيسا للمكتب السياسي، حيث مكث في الدوحة لنحو خمسة أشهر، بدأت في شهر سبتمبر من عام 2016، حين خرج لأداء فريضة الحج، وانتقل من هناك إلى قطر، وبقي فيها حتى شهر يناير من عام 2017.
ومن المقرر حسب الترتيبات الخاصة بحماس، أن تشمل زيارات هنية الخارجية، إضافة إلى تركيا وقطر، كلا من ماليزيا وإيران.
وهناك اتصالات تجري لوصول هنية إلى العاصمة الروسية موسكو، التي أرسلت قبل عام تقريبا دعوة لهنية لزيارتها، خاصة وأن موسكو استضافت سابقا مرات عدة قيادات من حماس، كما استضافت رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل، عندما كان على رأس قيادة الحركة.
ولا يعرف إن كانت زيارة هنية ستشمل بلدانا عربية أخرى أم لا، حيث سيترك الأمر للترتيبات الجارية حاليا، خاصة وأن لحماس علاقات مع الجزائر، التي زارها من قبل عدد من قادة الحركة، وفي دلالة على هذه العلاقة، هنأ هنية، الرئيس عبد المجيد تبون، بانتخابه رئيسا للجمهورية الجزائرية.
وجاء في رسالة التهنئة: “إنه من دواعي سرورنا في حركة حماس، أن نبعث إلى فخامتكم أسمى آيات التبريك، وأبلغ عبارات التهنئة، بمناسبة نجاح الانتخابات الرئاسية، وانتخابكم رئيسًا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية”.
زعيم حماس خاطب الرئيس الجزائري مهنئا وبدا مبتسما مع وصول الدوحة
وكانت حركة حماس أعلنت في بيان رسمي، وصول هنية إلى العاصمة القطرية الدوحة، على رأس وفد من قيادة الحركة للقاء القيادة القطرية الشقيقة.
وقالت الحركة في تصريح صحافي إن هنية غادر ظهر الأحد الأراضي التركية “بعد أن أجرى وإخوانه في قيادة الحركة مباحثات مع القيادة التركية في أنقرة واسطنبول، اختتمت يوم أمس باللقاء مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان”.
وذكرت أن النقاش تركز في عدد من الملفات المهمة، وعلى رأسها قضية القدس والمخاطر المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك، ومصادرة الأراضي والتضييق على المواطنين في الضفة، والحصار الظالم على قطاع غزة، والأوضاع الصعبة للاجئين إنسانيا، ومحاولات تصفية قضيتهم سياسيا.
وقالت إن اللقاء بحث الأوضاع الفلسطينية الداخلية، وملف الانتخابات المزمع عقدها، والتنازلات التي قدمتها الحركة لتذليل كل العقبات أمام إجرائها بالشفافية والنزاهة، وصولا إلى تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة والديمقراطية.
وأشادت قيادة حركة حماس، بالدور التركي في إسناد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وخاصة موقف الرئيس التركي في الأمم المتحدة وغيرها من المواقف المشهورة.
وقد كان هنية وصل تركيا قادما من مصر، التي عقد فيها سلسلة من اللقاءات مع وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل، وعدد من المسؤولين في جهاز المخابرات العامة.
وأظهرت الصورة التي وزعها المكتب الإعلامي لحماس، لوفد الحركة القيادي الذي وصل الدوحة، ابتسامات عريضة على وجه هنية، الذي كان لتوه قد وصل من رحلة السفر القادمة من تركيا، وهو ما يمكن أن يفسر مدى ارتياح الحركة لعلاقاتها المميزة مع الدوحة، التي تعد من أكبر الداعمين للمشاريع الانسانية والإغاثية في غزة الخاضعة لحكم حماس منذ 2007.
وتنفذ قطر حاليا برامج “الإغاثة العاجلة”، الذي يشمل ضخ أموال مساعدات لسكان غزة المحاصرين والفقراء، من خلال توزيع مساعدات مالية شهرية على عشرات آلاف الأسر الفقيرة، إضافة إلى دعم برنامج التشغيل المؤقت. وكذلك تزويد محطة توليد كهرباء غزة بالوقود، وتشرف على تمويل مشروع ربط القطاع بخط كهرباء جديد، حسب ما جاء في تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس وإسرائيل، التي تعد الدوحة أحد وسطائها.
ونفذت قطر في السنوات الأخيرة، عشرات المشاريع الخاصة بالبنى التحتية في غزة، بتكلفة قاربت نصف مليار دولار، تمثلت في تعبيد شوارع القطاع الرئيسة، وإقامة مدينة سكنية جنوب غزة، وإنشاء مشفى متخصص، وكذلك بناء منازل دمرت في الحرب الأخيرة، ودعم مشاريع زراعية، والعديد من المشاريع الأخرى.