مقرر حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة: المساءلة هي المفتاح لوقف الانتهاكات الإسرائيلية

في كلمة مفصلة وقوية أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة، قال مايكل لينك، مقرر حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن الذي شجع إسرائيل على الاستمرار في انتهاك القانون الدولي وخاصة في بناء وتوسيع المستوطنات هو الإفلات من العقاب.

وأضاف أن “المجتمع الدولي عليه مسؤولية والتزام قانوني بإجبار إسرائيل على إنهاء “ضمها” المستمر منذ 52 عاما للأرض الفلسطينية وإزالة الحواجز التي تحول دون منح الفلسطينيين الحق في تقرير المصير”.

وقال لينك، في كلمته عند تقديم تقريره السنوي المطول حول انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي أعده بناء على تفويض من الجمعية العامة، إن إسرائيل منعته من دخول الأراضي المحتلة ليطلع بنفسه على الأوضاع هناك، وهي ممارسة دأبت إسرائيل على القيام بها مع جميع المقررين الخاصين ولجان التحقيق المكلفة بجمع المعلومات حول الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الوضع الإنساني في غزة
حول الأزمة الإنسانية الحادة في غزة، قال المقرر الخاص إن المأساة في غزة ليست من صنع الطبيعة إثر كارثة مدمرة بل “سأتحدث إليكم عن كارثة من صنع الإنسان – فالحصار الإسرائيلي البري والبحري والجوي على قطاع غزة قد بلغ من العمر 12 عاما وهذه ليست مأساة فحسب بل ظلما يجب أن يتربع على قمة جدول أعمال العالم حتى النهاية، كما اقترح ذلك اثنان من الأمناء العامين. وأضاف لينك أن الأمين العام السابق لاحظ أن هذا الحصار المفروض على غزة هو “شكل من أشكال العقوبة الجماعية المحظورة صراحة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949”.

وتابع “لا يزال الوضع الاقتصادي في غزة ينحدر من تصنيفه كأزمة حادة إلى أزمة خطيرة لا يمكن تصورها. ووفقا لتقرير يوليو/ تموز 2019 صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن أربعة من أصل خمسة موظفين في غزة يعملون بأقل من الحد الأدنى للأجور، وحصة قطاع إنتاج غزة انخفض من 28 في المئة إلى 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 1994 و2018، وحصة التصنيع في غزة انخفضت بمقدار النصف لتصل إلى 8 في المئة، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الآن أقل أكثر من نصفه في الضفة الغربية. كل هذا جاء بسبب ثلاث حروب مدمرة عانت منها غزة خلال العقد الماضي. كما تعرضت غزة مؤخراً إلى تخفيضات خطيرة في المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات المخصصة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا).

وقال لينك “اليوم، أكثر من نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومعدل البطالة أعلى من 50 في المئة، و70 في المئة من سكان غزة دون الثلاثين من العمر دون عمل. نظام الرعاية الصحية ينهار، والمياه المتاحة غير صالحة للشرب إلى حد كبير والوصول إلى الطاقة الكهربائية متقطع وغير موثوق به”.

وحول استهداف المتظاهرين السلميين في قطاع غزة ضمن مسيرات العودة، قال المقرر “لا يمكن للمرء أن يتحدث عن محنة غزة دون لفت الانتباه إلى الموت المستمر والمتعمد وإصابة المتظاهرين الفلسطينيين بنيران إسرائيلية حية على حدود غزة. فمنذ مارس/ آذار 2018، سقط أكثر من 200 فلسطيني قتلى- غالبيتهم غير مسلحين، قتلوا بنيران القناصة، كما جرح أكثر من 33 ألف شخص. لقد توصلت لجنة التحقيق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في مارس الماضي، إلى أن جميع المتظاهرين تقريبا قتلوا عن طريق إطلاق النار من قبل الجنود الإسرائيليين في انتهاك لحقهم في الحياة، وفي خرق لمبدأ التمييز (بين من هو مدني وبين من هو عسكري) بموجب القانون الإنساني الدولي”.

الاستيطان
وعن الاستيطان قال لينك “لقد فشل المجتمع الدولي في إجبار إسرائيل على وقف الاستيطان منذ البداية. فمنذ أربعين سنة، ظل المجتمع الدولي يصر على إسرائيل الامتثال التام لموقف الأمم المتحدة حول وقف الاستيطان غير القانوني. وتابع “في عام 1979 اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 446 الذي يطالب بإنهاء كامل للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي. في ذلك الوقت كان هناك حوالي 80 ألف مستوطن إسرائيلي. أما اليوم، وبعد 40 سنة، وعلى الرغم من المزيد من قرارات مجلس الأمن التي تكرر نفس الطلب، هناك 650 ألف مستوطن إسرائيلي، أي بزيادة أكثر من 800 في المئة خلال العقود الأربعة”.

وأضاف “لقد اعتمد مجلس الأمن القرار 2334 في ديسمبر 2016، والذي طلب من إسرائيل أن تقوم فورا وبالكامل بوضع حد لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بما في ذلك القدس الشرقية “. أنشأ القرار آلية ربع سنوية لتقديم التقارير إلى المجلس. في كل من تقاريره الفصلية الثلاثة إلى مجلس الأمن في مارس ويونيو وسبتمبر 2019، أكد منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، (ملادينوف) عدم امتثال إسرائيل لهذا الطلب واستمرارها في بناء المستوطنات”.

واختتم لينك كلمته بالمطالبة بقيام المجتمع الدولي بممارسة المساءلة وعدم السماح لمن ينتهك القانون الدولي بالإفلات من العقاب “إن هذا الاحتلال هو الأطول في العصر الحديث. لقد تميز هذا الاحتلال بما يمكن وصفه بأنه شعور قوي بالإفلات من العقاب من قبل إسرائيل. هذا الاحتلال لن يموت بسبب الشيخوخة. لقد طالب الفلسطينيون، إلى جانب الإسرائيليين من ذوي الضمير، المجتمع الدولي مرارا وتكرارا بالعمل بشكل حاسم لدعم القانون الدولي لإجبار إسرائيل على إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من تقرير المصير. علينا ألّا نتجاهل دعوتهم “.

خطوات عقابية
اقترح المقرر الخاص على المجتمع الدولي أن يلتزم بخطوتين في مجال المساءلة وإجبار إسرائيل على وقف ممارساتها: الأولى من خلال الاتفاق على فرض حظر كامل على تصدير جميع المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في السوق العالمية. إذ إن مواصلة استيراد البضائع والخدمات من هذه المستوطنات هي مساعدة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، على النحو الذي وضعه قرار مجلس الأمن 2334. كما أن “قبول تسويق السلع والخدمات المستوردة من المستوطنات إلى أسواق بلادك يعني الاستدامة الاقتصادية للمستوطنات وهو ما يعتبر انتهاكا لنظام روما الأساسي باعتبار ذلك جريمة حرب”.

وأما الخطوة الثانية فتكمن في إصدار دعوة واضحة من الأمم المتحدة لجميع الدول الأعضاء لاستكمال العمل اللازم فيما يتعلق بإعداد قاعدة بيانات الشركات المشاركة في الأنشطة المتعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، والإفراج عن قاعدة البيانات في غضون فترة زمنية قصيرة ومعقولة بطريقة شفافة بالكامل وكأداة ديناميكية للمعرفة الدقيقة بجميع الأنشطة االتجارية المتعلقة بالمستوطنات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *