كاتب إسرائيلي بارز: إسرائيل بدون قوة عسكرية وبدون سلام لن تبقى هنا

قال كاتب إسرائيلي بارز جدا وثاكل أحد أبنائه في حرب لبنان الثانية، إنه لا يمكن لإسرائيل أن تبقى دون احتفاظها بقوة عسكرية متفوقة ولكنها لن تبقى أيضا بلا سلام في الشرق الأوسط، متهما رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باستثمار مخاوف دفينة لدى اليهود. في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة قال الأديب دافيد غروسمان اليوم الجمعة إن الإسرائيليين مجتمع عاجز أمام عمليات استثمار صدمات ومخاوف كامنة عميقا لدى اليهود، وذلك في إشارة لنتنياهو الذي يقود حملة انتخابية تقوم على الترهيب من الفلسطينيين والعرب والإسلام، حيث يصف فلسطينيي الداخل تارة بالتلميح وتارة بالتصريح بـ ” الطابور الخامس “.
وكبقية اليسار الصهيوني يوجه غروسمان انتقادات للتوجهات السياسية لإسرائيل ولرفض تسوية الدولتين معتبرا أن الاحتلال هو ما حصل في 1967 ” بدون تغيير واقعنا لن تبقى إسرائيل هنا بنهاية المطاف. الأوضاع في البلاد كانت ستكون أجمل لولا أننا بقينا محتلين بعد 52 سنة “. وردا على سؤال حول الانتخابات التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل قال غروسمان الذي فقد نجله في حرب لبنان الثانية عام 2006 إن نتنياهو ” ساحر وعبقري من ناحية الطريقة التي ينبش فيها المخاطر الحقيقية التي تواجهها إسرائيل وربطها مع صدمات الماضي. وتابع ” بصفته مجتمع مرّ بصدمات نحن عاجزون اليوم عن الصمود أمام مثل هذه المحاولات الاستغلالية”. وحذر غروسمان من أن واقع الحياة غير مكوّن من خطابات وعمليات استغلال ساخرة ومن كلمات بل مصنوعة من أمور تعطي حياة أو تأخذ حياة وهذه القضية التي ينبغي أن تكون مطرحة على جدول الانتخابات”.

دافيد غروسمان

حالة شلل
كما حذر من هيمنة الشعارات في الحلبة السياسية التي يتم صياغتها من قبل أشخاص يتحدثون كالرجل الآلي. وأنت كمتلقي تعلم ماذا سيقول كل واحد منهم. وأضاف ” علينا كدولة مع إنجازات كبيرة الحديث عن الاحتلال المستمر منذ 52 عاما. بحال لم ننهض من هذا الواقع ولم ندرك أننا في هذا المكان الحيوي لإقامتنا فيه ولمستقبل أولادنا بتنا مشلولين فإننا سنسدد ثمنا باهظا لهذا الشلل. لن نبقى هنا”. موضحا أن ما قاله هو عبارة قاسية جدا لكن لابد منها وتابع قائلا ” علينا أن نكون أقوياء ويقظين وجاهزين ولكن علينا السعي لأجل السلام وبدونهما لا بقاء لنا فربما يقوم عدو أكثر قوة ومكرا منا ويتفوق علينا”. وردا على سؤال قال غروسمان إنه مقل في التصريحات بشأن انتخابات الكنيست لأنه منشغل بصدور كتابه الجديد لكنه اعترف أيضا أنه يشعر بنوع من اليأس لأنه هو وزملاؤه الأدباء فشلوا في إقناع الإسرائيليين لأن قوة المخاوف الدفينة أكبر في منطقتنا”. ورغم مناشداته الدرامية ودعواته المهووسة لخروج أنصار اليمين للاقتراح خوفا من ” تشكيل اليسار حكومة ” فإن استطلاعات الرأي تفيد بأن معسكر اليمين ما زال يحتفظ بتفوق على ” المركز-اليسار ” وهذا ما اعتبره مراقبون محاولة ديماغوغية لدفع أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين للتصويت له بالتلويح بفزاعة ” اليسار ” و ” العرب “. ومع ذلك تفاوتت ترجيحات وتقديرات المحللين الإسرائيليين حول نتائج هذه الانتخابات التي تغيب فيها القضية الفلسطينية ويغيب الفلسطينيون عدا استخدامهم فزاعة وتطغى عليها المزاودات والتراشقات الشخصية والحزبية. وترجح المحللة السياسية سيما كدمون أن يركز الليكود دعايته ضد بعض الأحزاب اليمينية الصغيرة كي يكبر على حسابها ليتجاوز ” أزرق – أبيض ” الحزب الأقوى حتى الآن، وذلك كي يزيد احتمالات توكيله من قبل رئيس الجولة لتركيب الحكومة القادمة كما يجري عادة. وترجح أن يسعى الليكود إلى كسب أصوات ناخبين من أحزاب اليمين الأخرى، مثل “اليمين الجديد” واتحاد أحزاب اليمين المتطرف الكهانية خصوصا، فيما سيسعى ” أزرق – أبيض” إلى جذب أصوات ناخبين من حزب العمل وميرتس من أجل الهدف ذاته- الاحتفاظ بالصدارة وبفارق كبير عن الليكود لتشجيع رئيس الدولة على توكيله هو في مهمة تركيب الحكومة. وشددت كدمون على أنه “لا توجد في هذه الانتخابات أي أيديولوجيا ولا أحد يعرف ما هي أيديولوجية “أزرق- أبيض” سوى السعي إلى إسقاط نتنياهو عن سدة الحكم كذلك فإن الليكود، وخلافا للانتخابات السابقة، لم ينشر برنامجه السياسي.

دولة أخرى
وترى كدمون أنه في حال فوز نتنياهو، وتشكيله الحكومة المقبلة، فإن العالم سيستيقظ على دولة أخرى معتبرة أنه في هذه الحالة سيشكل نتنياهو حكومة برئاسة الليكود ومشاركة أحزاب متطرفة، مثل “زيهوت” برئاسة موشيه فايغلين، واتحاد أحزاب اليمين الكهانية، إلى جانب اليهود الأصوليين(الحريديم)، وربما “كولانو” برئاسة موشيه كحلون و”يسرائيل بيتينو” برئاسة أفيغدور ليبرمان، بحال تجاوزا نسبة الحسم. وفي حال تحقق هذا السيناريو، بحسب كدمون، فإن إسرائيل “لن تكون الدولة التي نعرفها. كما ترجح أن يكون نتنياهو في الحكومة الجديدة متوترا وقابلا للابتزاز أكثر من جانب أحزاب يمينية، تحمل أيديولوجيا عنصرية ورهاب المثليين، تسعى إلى إقامة دولة إكراه ديني.

حكومة وحدة وطنية
بالمقابل يرى المحلل العسكري في القناة 13 ألون بن دافيد، سيناريو مختلف أن ثمة موضوعا هاما بالنسبة لمستقبل البلاد، ومستقبل المرشحين، لم يُطرح على أجندة الانتخابات الحالية، وهو “صفقة القرن” لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، التي يحيكها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ويتوقع أن يطرحها قريبا. ولفت إلى أن ترامب يمتنع عن التحدث عن سلام في هذا السياق وإنما عن “صفقة” وحسب. ويعتبر أنه “ليس صعبا جدا تخيل طبيعة هذه الخطة لافتا أنه طيلة سنوات مضت، رُسِم في عشرات معاهد الأبحاث ومجموعات النقاش الشكل المحتمل لاتفاق مع الفلسطينيين. ويقول بن دافيد إن السؤال هو كيف يمكن تمريره سياسيا، والإجابة هي الوحدة القومية” أي أن تتشكل حكومة وحدة قومية في إسرائيل بعد الانتخابات الوشيكة.

صفقة القرن
وتابع ” وترامب “كرجل أعمال، وكمن أغدق على نتنياهو أكبر الهدايا التي يمكن أن يطلبها (الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، والاعتراف بـ”سيادة” إسرائيل على الجولان المحتل)، فإنني مقتنع بأن ترامب أوضح له أنه يتوقع الحصول على مقابل. وفي نهاية العام الحالي، بعد أن تكون الحكومة عندنا قد استقرت، ستبدأ سنة الانتخابات (الرئاسية) في الولايات المتحدة، وسيكون ترامب بحاجة إلى إنجاز دولي مدوٍ. وبعد كل ما منحنا إياه، فهو يتوقع أن نساعده بأن يحظى بولاية ثانية”. وبخلاف محللين إسرائيليين اخرين يرجحون رفض نتنياهو لأي تسوية مع الفلسطينيين يعتبر بن دافيد أن “صفقة القرن” قد تكون حبل نجاة بالنسبة لنتنياهو، الذي “رأى كيف خرج أريئيل شارون من شبهات وتهم بالفساد بمبادرة الانفصال عن غزة وكيف أنه بجرة قلم أصبح يحظى بعناق من وسائل الإعلام والجمهور في إسرائيل. واضاف ” تبني نتنياهو لخطة ترامب يمكن أن يكون له مفعولا مشابها وإبطاء دوران عجلات مطاحن العدالة والنيابة العامة. غير أنه ليس لديه أي احتمال لتمرير خطة كهذه مع شركائه الطبيعيين والمتطرفين في حكومة يمين، وسيتعين عليه تشكيل حكومة واسعة مع ميل نحو أحزاب الوسط. ويستبعد بن دافيد احتمال أن ينجح غانتس، كرئيس حكومة، بتمرير “صفقة القرن” في الكنيست وفي الرأي العام الإسرائيلي. وأضاف أنه على الرغم من أن نتنياهو وغانتس لا ينسقان مواقفهما حاليا، إلا أنهما سيستفيدان من وجودهما في حكومة واحدة تنفذ هذه الخطة. زاعما أنه “باستثناء اليمين المتطرف، فإن الجميع سيربح من ذهابهما سوية من أجل تطبيق الصفقة: إسرائيل والاقتصاد الإسرائيلي، الولايات المتحدة وترامب، الفلسطينيون والعالم العربي وكذلك العالم كله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *