شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية وفي حماس حذرت أمس من أن التوتر المتزايد، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، يمكن أن يؤدي إلى انتفاضة في المستقبل إذا لم تعمل إسرائيل على منع ذلك. في السلطة وفي حماس أوضحوا بأن من يستطيع تهدئة الوضع هو حكومة إسرائيل والمجتمع الدولي. ولكن في الوقت الحالي إسرائيل تزيد الضغط على الفلسطينيين، في حين أن المجتمع الدولي لا يبالي بما يجري.
محافظ نابلس، أكرم الرجوب، حذر في مقابلة مع «هآرتس» من تداعيات خصم أموال الضرائب التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية: «إن خصم بحجم يؤثر على تدفق الأموال للسلطة، إلى جانب العدوانية اليومية للجيش والمستوطنين سيزيد التوتر»، قال. «الشعب الفلسطيني يرى أن الأفق السياسي مغلق منذ سنوات والآن يريدون المس بمصدر رزقه، الأمر الذي سيعمق الفقر والغضب. ما الذي تتوقعون أن يجري في وعاء الضغط هذا؟».
في نادي الأسير الفلسطيني حذروا أيضاً من أن وقف دفع المخصصات لعائلات السجناء الأمنيين في إسرائيل والشهداء الفلسطينيين سيمس العائلات والشعب الفلسطيني كله. حسب أقواله «عائلة تحصل على مبلغ ما لا تتحول إلى عائلة ثرية، هذه أموال تفيدها في تلبية احتياجاتها الأساسية»، قال للصحيفة مدير نادي الأسير قدورة فارس. وحسب أقواله «بدون هذه المخصصات الجميع سيتضرر، من البائع في البقالة وحتى سائق سيارة الأجرة، وهذا سيدخل كل النظام في حالة فوضى». في نادي الأسير أشاروا إلى عامل آخر للتوتر وهو تشويش الاتصالات بالهواتف الخلوية في السجون الإسرائيلية. وحسب أقوال فارس، فإن ما يقلق السجناء الأمنيين ليس غياب الاتصال، بل الخوف من أن الجهاز الذي يشوش الالتقاط سيضر بحصتهم. «هم ينقلون رسائل بأنهم يشعرون كمن يعيشون في داخل ميكروويف»، قال، وأشار إلى أن هذا الجهاز يشوش أيضاً على التقاط بث التلفاز والراديو. وأضاف «لا أحد يستطيع معرفة متى سينقصم ظهر البعير، ولكن كل عناصر الانفجار موجودة على الأرض، وطوال الوقت يصبون الزيت على النار. خصم أموال الضرائب والخطوات الأخيرة التي اتخذت ضد السجناء والاعتقالات الليلية وما يجري في القدس».
أيضاً في قطاع غزة يتابعون بقلق التطورات. مصدر من المستوى السياسي في التنظيم، التقى مؤخراً كبار شخصيات المكتب السياسي، قال للصحيفة إن هؤلاء غير معنيين بالتصعيد وبمواجهة مباشرة مع إسرائيل: «في قيادة التنظيم لا يريدون أن يتحولوا إلى كيس لكمات لنتنياهو، وأن يؤدي ذلك إلى معركة تخدمه سياسياً»، أوضح. «من جهة أخرى، الضغط في القطاع يزداد من أسبوع لآخر. وإذا هاجمت إسرائيل بأي طريقة كانت والفصائل قامت بالرد، فإن الجميع سيدخلون إلى دائرة خطيرة».
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يواصل في هذه الأثناء الاتصالات مع الدول العربية، بما فيها السعودية ومصر والأردن، في محاولة لبلورة جبهة عربية موحدة ضد صفقة السلام لترامب قبل نشرها المتوقع. إلى جانب ذلك وفي أعقاب خصم أموال الضرائب، يريد عباس أن يخلق شبكة أمان اقتصادية عربية تمكن السلطة من مواصلة عملها إذا لم تحصل على الأموال من إسرائيل.
في وقت مبكر من هذا الشهر، جمد عباس رواتب ومخصصات مئات السكان من غزة المتماهين مع خصومه السياسيين في القطاع. هذه الخطوة تفسر كعملية عقاب اقتصادي آخر لعباس تجاه قطاع غزة وحماس. إلى جانب الإضرار المباشر بمن يرى عباس فيهم أعداء سياسيين خارج حركة فتح وداخلها. ولأن خمس من تضرروا هم من الأسرى والأسرى السابقين، هناك من يقدرون أن هذا الأمر أيضاً مرتبط بنية إسرائيل خصم مخصصات الأسرى من أموال الضرائب المدينة بها للسلطة الفلسطينية. سجناء سابقون قالوا للصحيفة إنهم يخافون من أنه رغم تصريحات السلطة بأنها لن توقف دفع مخصصات الأسرى، فإنها تنوي الخضوع لطلب إسرائيل وعلى الأقل تقليصها بصورة كبيرة.
جاكي خوري
هآرتس