انطلقت من مختلف الاوساط والمحافل السياسية العراقية موجة انتقادات حادة ولاذعة للرئيس الاميركي دونالد ترامب على وقع تصريحاته الاخيرة، التي جدد فيها نيته الابقاء على التواجد العسكري لقوات بلاده في العراق من اجل مراقبة الشرق الاوسط، لاسيما ايران، ومنع انتاج وانتشار الاسلحة النووية، في اشارة ضمنية الى البرنامج النووي الايراني.
واعتبرت قوى وشخصيات سياسية عراقية، تصريحات ترامب، بأنها تعبير عن النزعات العدوانية التوسعية للولايات المتحدة الاميركية في ظل الادارة الحالية. وحذرت من التبعات والمخاطر الكبيرة لمثل تلك النزعات، ودعت الى اتخاذ الاجراءات والخطوات اللازمة للمحافظة على السيادة الوطنية وصيانة التراب العراقي، وشددت على ضرورة انهاء كل مظاهر واشكال التواجد الاجنبي في البلاد.
أول ردود الافعال العراقية، جاءت من قبل مجلس النواب العراقي، الذي صرح النائب الاول لرئيسه حسن الكعبي، قائلا، “نستنكر تصريح الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن تمديد التواجد الامريكي في العراق وتبريره ذلك بمراقبة دول الجوار، حيث يعد ذلك تجاوزا صارخا وسافرا للسيادة والارادة الوطنية وانتهاكا فاضحا للدستور العراقي، الذي يقر بعدم اعتبار العراق منطلقا للاعتداء على اي دولة”.
واكد العكبي، “مرة اخرى يتجاوز ترامب العرف القانوني والدستوري للدولة العراقية بعد زيارته السابقة لقاعدة عين الاسد، فقد طلع علينا اليوم بأستفزاز آخر بتصريح يؤكد فيه بقاء القوات الاميركية داخل البلاد للعدوان على بلد جار”.
وشدد النائب الاول لرئيس البرلمان العراقي على “ان العراق لن يكون منطلقا لضرب او مراقبة اية دولة، وعلى الجميع التحرك لانهاء التواجد الامريكي”، وخاطب ترامب، بالقول “سنخرج قواتك ومستشاريك بالقانون والإرادة الوطنية”.
هذا في الوقت الذي كشف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، نية البرلمان توجيه سؤال إلى الحكومة بشأن تواجد القوات الأميركية وعدد القواعد ومدى حاجة الحكومة للمستشارين الأجانب، واعرب في تصريحات له عن سعي العراق الى التوازن في العلاقات مع دول الجوار وعدم الدخول في اي صراع اقليمي” وتأكيده على ان بلاده تتمتع بعلاقة جدية للغاية مع ايران وتسعى الى تطوير العلاقات مع جميع دول المحيط العربي على اعتبار أن العراق بلد عربي وعمقه عربي”.
من جانبه اكد رئيس الجمهورية برهم صالح، “ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لم يطلب موافقة بغداد لإبقاء قوات بلاده في العراق لـمراقبة إيران”.
ووجه صالح كلامه لترامب، مخاطبا اياه “لا تثقلوا العراق بقضاياكم، الولايات المتحدة الاميركية قوة كبرى، لكن لا تسعوا وراء أولويات سياساتكم فنحن نعيش هنا، وان من مصلحة العراق الأساسية أن تكون له علاقات طيبة مع إيران ودول الجوار الأخرى”.
الى ذلك عدّ رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، تصريحات ترامب الاخيرة بأنها مزعزعة للاستقرار في العراق وعموم المنطقة، مؤكدا “ان الحديث عن قواعد أميركية وعن استخدامها لمواجهة دول جوار، يتعارض مع الدستور العراقى والاتفاقيات بين العراق والولايات المتحدة، والتى تم التوافق عليها فى كل مراحل المشاركة الأميركية ضمن التحالف الدولى لمقاتلة داعش، وحددت وفقا للسيادة العراقية، لأغراض الدعم اللوجستى والاستخبارى والتدريب العسكري”.
واشار العبادي الى ان توجها من هذا القبيل، من شأنه ان يعقد العلاقات مع دول الجوار، ويعرض العلاقة مع الولايات المتحدة إلى أزمات غير متوقعة، ويخل بسيادة واستقلالية العراق.
اما المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي يترأسه الشيخ همام حمودي، فقد شدد في بيان له بهذا الشأن، على رفضه القاطع لمثل هذه التوجهات الخطيرة، التي تنطوي على نزعات عدوانية وتجاوزات فاضحة للقانون الدولي، وانتهاكا للسيادة الوطنية.
ودعا المجلس الاعلى، السلطات التشريعية والتنفيذية العليا في البلاد الى اتخاذ خطوات حازمة وسريعة للرد على هذه الانتهاكات والتجاوزات على السيادة الوطنية العراقية، في ذات الوقت الذي نبه فيه الى العواقب الوخيمة والنتائج الكارثية للسياسات الاميركية العدوانية، في المنطقة والعالم. ناهيك عن مسؤولية الولايات المتحدة الاميركية ودورها بتوفير المناخات لايجاد ونمو وتوسع الجماعات الارهابية المسلحة، وخصوصا تنظيم داعش الارهابي الذي عاث في الارض فسادا.
وفي هذا السياق، اعرب رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماع (تويتر)، عن الرفض القاطع لان يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، أو منطلقا لمراقبة دول الجوار أو استفزازها أو التعدي عليها.
واكد الحكيم انه استنادا إلى الدستور الذي ينص على رفض أن يكون العراق مهددا لأمن واستقرار المنطقة والعالم، فأنهم يعتبرون توجهات جعل أراضيه منطلقا للنيل من دول الجوار تهديدا للمصالح الوطنية وأمن البلاد، وأن العراق لن يقبل بذلك.
من جانبه قال النائب عن كتلة صادقون البرلمانية التابعة لحركة عصائب اهل الحق، عدي عواد، “ليعلم ترامب ان الشعب العراقي بدأ يجمع العدة والعدد لتهديم ابراج مراقبته .
وفي سياق متصل، كشف مسؤول الاعلام في الحكومة المحلية بمحافظة صلاح الدين، قيس الجبوري، ان الهدف من انتشار القوات الاميركية في قواعد عسكرية متعددة يتمثل بالسعي لنهب ثروات البلد، وتوفير الحماية للكيان الصهيوني مستقبلا في حال دخوله بحرب عسكرية مع الجمهورية الاسلامية في ايران .
وتزامنت تصريحات ترامب الاستفزازية والمثيرة للجدل عبر قناة سي بي اس التلفزيونية الاميركية، مع تقارير تداولتها وسائل اعلام عديدة، صادرة عن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، اكدت النية بأبقاء القوات الأميركية في العراق على المدى الطويل لتحقيق ما اسمته “الأهداف المرجوة”، وان الوجود الروسي في سوريا يشكل عاملاً مزعزعاً للاستقرار هناك!.
أضف الى ذلك، ذكر غابريل صوما عضو اللجنة الاستشارية للرئيس الاميركي دونالد ترامب، ان خروج القوات الاميركية من العراق سيكون له تداعيات كبيرة، ومنها عودة تنظيم داعش بمسميات اخرى.
وترافقت تصريحات ترامب حول العراق، مع تصعيد سياسي واعلامي كبير ضد ايران وروسيا وفنزويلا ودول اخرى، الامر الذي يوحي ان ترامب يدفع بالامور الى حافة الهاوية، ويعرض السلم والامن الدوليين لمخاطر كبرى.