” أسرار الخليج”.. تحقيق إسرائيلي عن خبايا شهر العسل بين الكيان الصهيوني والإمارات

تواصل قناة إسرائيلية الكشف عن خبايا “أسرار العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي”، وهذه المرة سلطت الضوء على صفقة بينها وبين الإمارات لم تخرج لحيز النفيذ في اللحظة الأخيرة.

وتوقف تحقيق تبثه القناة الإسرائيلية 13 على حلقات بعنوان “أسرار الخليج” عند فشل صفقة بيع طائرات إسرائيلية مسيّرة للإمارات خلال 2009 مقابل تعاون معها في الشأن الإيراني مما تسبب بأزمة لعدة سنوات بين تل أبيب وأبو ظبي شوشت علاقات سرية بينهما حتى ما تم عقد صفقة جديدة وبعد مساع بذلها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وبعد مفاوضات طويلة أدارها الموساد. وحسب القناة 13 فإن التعاون السري والعلني بين دولة الاحتلال وبين الإمارات جاء على خلفية “العدو الإيراني” المشترك والمصلحة المشتركة بمواجهة المشروع النووي الإيراني. لكن القناة الإسرائيلية تؤكد أن التحالف الإسرائيلي – الإماراتي بدأ مبكرا وقبل 20 سنة وشمل تعاونا أمنيا، دبلوماسيا واقتصاديا واسعا معظمه بقي سريا ثم جاء “التهديد النووي من طهران” ليعزز هذا التحالف القائم على مبدأ “عدو عدوي صديقي”.

رسالة مشتركة
وتكشف القناة أنه في فبراير/شباط 2009 شارك الدبلوماسي الأمريكي البارز دينيس روس في لقاء تم في فندق “فور سيزنز” في واشنطن سويا مع سفير إسرائيل سالي مريدور وسفير الإمارات يوسف العتيبة. وتؤكد أن السفيرين مثلا أمام الدبلوماسي الأمريكي دنيس روس وأوصلا رسالة مشتركة لواشنطن مفادها أن إسرائيل والإمارات قلقتين من نية أوباما فتح حوار مع إيران. وعن ذاك اللقاء يقول السفير السابق سالي مريدور للقناة 13 “لا أريد التطرق لمضامين ذاك اللقاء في واشنطن ولكن كان هناك قلقا وخوفا ومصالح مشتركة بين إسرائيل وبين دول عربية بكل ما يتعلق بإيران”. منوهة أن إسرائيل كانت قلقة من المشروع النووي الذي ترعاه طهران فيما كانت دول عربية تخشى تمدد نفوذها في المنطقة. وبعد خمسة شهور من لقاء السفيرين مع روس يصل مسؤولان أمريكيان بارزان إلى أبو ظبي وهناك يلتقيان ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد وهو الحاكم الفعلي للبلاد وهو الرجل المفتاح في تعزيز العلاقات السرية بينها وبين إسرائيل”. واستنادا إلى برقية أرسلها السفير الأمريكي في الإمارات فقد روى بن زايد للمسؤولين الأمريكيين خلال اللقاء المذكور ماذا تحتاج أن تفعله حكومة نتنياهو في الشأن الإيراني.

دور الموساد
وتنقل القناة 13 عن بن زايد قوله في اللقاء “اتفق مع الاستخبارات العسكرية حول تقدم المشروع النووي الإيراني وإسرائيل ستهاجم منشآته داخل إيران أسرع مما تعتقدان ويبدو أن هذا سيتم خلال العام الجاري وعندها سيرد الإيرانيون بصواريخ ضدنا”. كما تنقل القناة الإسرائيلية عن مسؤولين سابقين في إدارة باراك أوباما قولهم إنه في تلك الفترة جرت اتصالات مكثفة بين إسرائيل والإمارات في الموضوع الإيراني وإنه وفق تقديراتهم فقد ردد بن زايد ما سمعه من الجانب الإسرائيلي. وتتابع “لكن وبعد عدة شهور تشوش “شهر العسل” بين الإمارات وبين إسرائيل نتيجة أزمة حادة نجمت عن اغتيال الشهيد محمود المبحوح القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) داخل فندق البستان في دبي. لكن أزمة أعمق بين إسرائيل وبين الإمارات هي التي تسببت بتشوش شهر العسل وترتبط بصفقة سلاح متعثرة”. وتوضح القناة 13 أن مسؤولين سابقين في إدارة أوباما ومسؤولين عرب كبار أيضا كشفوا لها أنه خلال 2009 وبعد فوز نتنياهو في الحكم توجه له فورا رئيس الموساد الراحل مئير ردغان.

فيلم رعب
وفي لقائهما اقترح دغان ما يبدو فصلا من فيلم رعب سياسي على شكل صفقة سرية لبيع طائرات بلا طيار للإمارات من قبل شركة إسرائيلية خاصة مقابل قبول إسرائيل تعاونا معها في الشأن الإيراني. وتابعت “نتنياهو الذي كان يرى بالشرط الإماراتي مصلحة إسرائيلية عليا سارع لمنح الضوء الأخضر بعدما وجد بالصفقة فرصة لخدمة خيارات عمل مستقبلي ضد منشآت إيران النووية”. وتشير القناة 13 أنه حسب رواية أخرى فقد وقعت الشركة الإسرائيلية المذكورة اتفاقا مع الإمارات لبيعها الطائرات هذه ولاحقا أطلعت القيادة الإسرائيلية عليها مما يعني أن الشركة ورطت إسرائيل. وتضيف “بين هذا وذاك تم التقدم بالصفقة ودفعت الإمارات دفعة أولى كـ”سلفة مالية بقيمة عشرات ملايين الدولارات للشركة الإسرائيلية وسرعان ما بدأت الأمور تتشوش”. وتوضح القناة 13 أن وزارة الأمن الإسرائيلية دخلت على الخط في مرحلة متأخرة وسجلت اعتراضها الشديد على الصفقة مؤكدة رفضها المصادقة عليها خوفا من تسريب تقنيات عسكرية حساسة وخوفا من تحفظ أمريكي. وتكشف القناة أن إسرائيل ألغت الصفقة مما تسبب بغضب وسخط ولي العهد الإماراتي الذي شعر أنه تعرض لخيانة بشكل شخصي.

اغتيال المبحوج
وتشير إلى أن الدمج بين اغتيال محمود المبحوح وإلغاء صفقة السلاح أديا إلى قطيعة خطيرة في العلاقات بين إسرائيل وبين الإمارات استمرت من 2010 حتى 2012 مما ألحق ضررا بمساعي الأولى لمواجهة المشروع النووي الإيراني. ولفتت أن رئيس الموساد الجديد تمير فاردو حاول التدخل وإطفاء “الحريق” وبمساعدة موظفين كبار في البيت الأبيض فجرت مباحثات هادئة دامت سنتين قادها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وأثمرت عن صفقة جديدة. واستنادا لتأكيدات السفير الأمريكي الاسبق في تل أبيب دان شابيرو كشفت القناة 13 للمرة الأولى أنه بموجب الصفقة الجديدة تلتزم إسرائيل بألا يقوم الموساد باغتيالات أخرى في الإمارات. منوهة أن الإمارات رغبت بذلك الحصول على اعتراف إسرائيلي وتحمل مسؤولية عن الاغتيال على الأقل في القنال السري بينهما. وتتابع “بنهاية المطاف اكتفت الإمارات بأقل من ذلك: توضيح إسرائيلي بألا تتكرر مثل هذه الأمور مجددا على أرض الإمارات وتأكيد رغبة بالعودة والترّكز بالمجهود المشترك ضد إيران وضد منظمات إرهابية في المنطقة”.

تفاهمات أمني وتعاون استخباراتي
ويؤكد شابيرو أنه بناء على ذلك أعادت الشركة الإسرائيلية قسما من السلفة المالية للإمارات على حساب الصفقة اللاغية وعرضت إسرائيل تعويضا على الإمارات: نحن مستعدون لدراسة جدية لطرق تطوير الحوار الأمني مع الإمارات والتعاون الاستخباراتي بأساليب مجدية بالنسبة للإمارات”. كما يوضح شابيرو أن الحل المتفق عليه تعاطى مع مسألة اغتيال محمود المبحوح والصفقة الفاشلة مكتفيا بالقول إن الطرفين توصلا لتفاهمات أمنية بعضها في المجال الاستخباراتي وبعضها في المجال التكنولوجي. وتوضح القناة 13 أنه غداة إنهاء الأزمة عادت الإمارات وإسرائيل للانشغال في القضية المفضلة لديهما، الشأن الإيراني وكانتا وقتها قلقتين من المفاوضات التي بدأت بين الولايات المتحدة وإيران في 2013 ولاحقا حاولتا إحباط الاتفاق النووي. ويشير شابيرو إلى أن السفيرين الإسرائيلي والإماراتي في واشنطن فتحا خط تعاون وثيق بينهما منوها أن إسرائيل تبنت استراتيجية الضغط العلني والحديث مع الكونغرس الأمريكي بينما رأت الإمارات والسعودية فتحركتا بقنوات هادئة وسرية. وتتابع القناة 13 “العلاقات الودية الوثيقة بين السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر مع نظيره الإماراتي يوسف العتيبة بلغت تقربا كبيرا لدرجة أن الأول دعا الثاني لسماع خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في مارس/آذار 2015 لكن العتيبة اعتذر بأدب. وقال شابيرو عن ذلك “قال لي العتيبة وقتها: لا تقولوا إننا نعارض هذا الاتفاق لأننا لا نريد وضع أنفسنا بهذه الخانة علانية”. وقالت القناة أيضا إن التعاون بين إسرائيل وبين الإمارات أثمر أيضا عن سماح الأخيرة بإقامة ممثلية دبلوماسية رسمية لها في مقر وكالة الطاقة المتجددة في أبو ظبي عام 2015.

خبايا العلاقات السرية مع السعودية
وفي مطلع 2016 طرأ تطور إضافي على العلاقات بين دولة الاحتلال والإمارات المتحدة بدأ باتصالات هاتفية بين نتنياهو وولي العهد محمد بن زايد تناولت موضوع “التهديد الإيراني” وإمكانية دفع تسوية سياسية في المنطقة، ويقول شابيرو بهذا السياق إن موظفين مندوبين عنهما واصلا اللقاءات والاتصالات لتبادل الأفكار. وتتابع القناة 13 لم تخرج أي صفقة لحيز التنفيذ وما لبث أن فاز نتنياهو بجائزة كبيرة بفوز حليفه دونالد ترامب وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن نتنياهو حاول عقد لقاءات ثلاثية بينه وبين ولي العهد الإماراتي والسعودي بهدف التمهيد لتسوية الصراع مع الفلسطينيين لكن الولايات المتحدة تلقت جوابا سلبيا من السعودية والإمارات اللتين اعتبرتا أن مثل هذه القمة الثلاثية قبل تسوية القضية الفلسطينية تحرجهما.

وخلص التحقيق التلفزيوني للقول إن التحالف السري بين إسرائيل وبين الإمارات توثق أكثر فأكثر بقيادة وبفضل رئيس الموساد الحالي يوسي كوهن لكن نتنياهو لم ينجح حتى إلى علنية وتابعت “إن عزف النشيد الوطني الإسرائيلي “هتكفاه” في أبو ظبي خلال زيارة وفد رياضي إسرائيلي برئاسة وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغف قد شكّل لحظة تاريخية لكن الطريق نحو علاقات علنية بين إسرائيل والإمارات ما زالت طويلة”. يشار إلى أن “أسرار الخليج” تحقيق تنشره القناة 13 على حلقات وتناول في الحلقة الأولى العلاقات السرية مع البحرين والحلقة التالية التي ستبث ستتناول خبايا العلاقات مع السعودية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *