هل حان وقت الطلاق مع الفلسطينيين في كفر قاسم

يافطة إعلانات كبيرة تستقبل القادمين إلى كفر قاسم: «لقد حان الوقت لأن نتطلق من الفلسطينيين». اليافطة هي من قبل «قادة من أجل أمن إسرائيل». صورة موشيه كحلون تظهر فيها، هذه اليافطة معروضة هنا على مدخل المدينة العربية التي شحنت ذكراها التاريخية بشكل خاص.
في المكان الذي كان يجب فيه أن توضع اليافطة للذكرى السوداء وعليها منقوش العار الأبدي: «ليذكر شعب إسرائيل الـ 47 رجلاً وامرأة الذين قتلتهم قواتنا في المذبحة الفظيعة التي حدثت هنا»، يتحدى جنرالات الاحتياط الناجين من المذبحة وأحفادهم وكأن المذبحة لم تكن تكفيهم. أهلاً وسهلاً بالحملة اليسارية لكبار جهاز الأمن السابقين. لماذا بالذات على مدخل كفر قاسم وليس في كفار شمرياهو؟ هل ستشارك هذه المدينة في يوم ما في قرار «الطلاق من الفلسطينيين»؟ هل سيسألها أحد ما عن رأيها؟ ربما تكون اليافطة موجهة لهم أيضاً، حيث سيحين منها وقت الطلاق أيضاً؟
الجسر الذي يؤدي إلى المدينة العربية الكبرى في إسرائيل والناصرة، والذي يحمل اسم رفائيل ايتان بدون صدفة، والذي يكره العرب الذين وصفهم بـ «صراصير مسممة» مثل العدد الذي لا يحصى من الشوارع التي تحمل أسماء حاخامات اشكناز منسيين في قلب يافا العربية، هكذا أيضاً هذا الاستفزاز في كفر قاسم، باسم القادة الذين يتفاخرون بكونهم نشطاء سلام متأخرين، يحملون مشاعر الذنب على أفعالهم الأمنية، التي نكلوا خلالها بمن يريدون الطلاق منهم الآن.
مستشارو الطلاق الجدد، الجنرالات، في ذروة حملتهم لإقناع الإسرائيليين بتأييد مواقفهم. الأولوية لإطلاق هذا المفهوم محفوظة للأسف لعاموس عوز التي استخدمها في مقال له في هآرتس («إذا لم نتطلق من الفلسطينيين فوراً فسنعيش في دولة عربية»، 10/3/2015). حينها كانت دعوته حادة جداً، وعندما يرددها جنرالات فإن حدة هذه الدعوة تكون أضعافاً مضاعفة.
الانفصال عن الفلسطينيين، الفكرة التي دعا لها اليسار الصهيوني، تحمل رائحة قومية متطرفة وعنصرية. الدعوة للانفصال عن يهود أوروبا كانت دائماً دعوة عنصرية ونازية. لا فرق بين الدعوة للانفصال التي سمعت على ضفتي اليركون وتلك التي أسمعت على ضفتي الراين.
الشوق الذي أكل الدهر عليه وشرب لحل الدولتين، كان يمكن صياغته بطريقة أخرى. عندما تتم الدعوة «للطلاق» بصورة صريحة في الشوارع العربية، فإن الوضع مقلق ومهدد. كلمة «طلاق» لا يمكنها إلا أن تذكر بالجذر الذي بنيت عليه. وعندما ندعو للطلاق في كفر قاسم فليس بالإمكان ألا نشك في أن الأمر يتعلق بطلاق من هناك، وبحل نهائي آخر لمشكلة الفلسطينيين، والذي سيتحول ذات يوم إلى أمر سليم من ناحية سياسية.
المسنون الذين وقعوا على عريضة الضباط يذكرون كيف طردوا بأيديهم مئات آلاف الفلسطينيين من بلادهم. إذا كانوا حقاً نادمين على ما فعلوه بأيديهم ـ وهذا أمر مشكوك فيه ـ فيمكننا إذاً أن نتوقع منهم استخدام لغة أخرى. ولكن حتى لو كانت نية الطلاق لديهم سليمة فيجب علينا أن نسأل: هل كان هذان الشعبان متزوجين الواحد بالآخر؟ هل كانت بينهما علاقة معقولة؟ هل كانت بينهما مساواة ولو للحظة؟ هل وافقت العروس الفلسطينية على الزواج الذي فرض عليها قبل مئة سنة؟ أ.ب يهوشع شبه دعوة الضباط للطلاق من الفلسطينيين بدعوة المغتصب للطلاق من ضحيته. لقد انتهينا من اغتصابكم أيها الفلسطينيون الأعزاء، والآن هيا نتطلق. هذا أمر منطقي، أليس كذلك؟
وإذا كان التوق هو التوصل إلى اتفاق، فيمكن ذلك من جانب واحد يهتم فقط بالاحتياجات الأمنية لصالح إسرائيل، حتى في حينه ستتحدثون بلسان كولونيالي. طلاق أحادي الجانب، بعد حياة عنف داخل العائلة دون اعتذار ومع لافتة إعلانات في كفر قاسم ـ هكذا يريد الجنرالات الإسرائيليون صنع السلام. عشية خطاب المسيح بن داود، بني غانتس، حيث الجنرالات هم مرة أخرى الأمل الأكبر لإسرائيل، يجدر أن نتذكر من هم، حتى المتنورون من بينهم، وما الذي فعلوه في السابق وما هو عالم مفاهيمهم ـ وألا ننسى.

جدعون ليفي
هآرتس 6/1/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *