مركز الأطراف الصناعية الوحيد بغزة.. أمل جرحى مسيرات “العودة”

لم ينتهِ حلم الشاب الفلسطيني علاء الدالي، بالمشاركة في بطولات عالمية ضمن منتخب بلاده للدراجات الهوائية، رغم بتر ساقه قبل أشهر بعد إصابته برصاصة إسرائيلية خلال مشاركته بمسيرات سلمية قرب حدود غزة.

فقد جددت آماله، ساق صناعية تمكن من تركيبها بمساعدة مركز الأطراف الصناعية الوحيد في قطاع غزة، لتُنهي مخاوفه بانتهاء حياته كدراج محترف وتمنحه بداية جديدة.

ويتبع المركز، لبلدية غزة، وتقول إدارته، إن منتجاته عالية الجودة، لا تختلف عن نظيراتها العالمية، حيث يعمل به طاقم “فني محترف”.

وبدأت حكاية اللاعب الدالي (21 عاما)، عضو منتخب فلسطين للدراجات الهوائية، عندما شارك في نهاية مارس/ آذار 2018، بمسيرات العودة السلمية قرب الحدود الشرقية لمدينة رفح جنوبي القطاع، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين ورفع الحصار عن غزة.

ويقول “الدالي”: ” شاركت بالمسيرات بكل سلمية لأطالب بحقنا، وبأراضينا التي سلبت منها، وهناك أصبت برصاصة متفجرة في ساقي اليمنى أدت إلى بترها”.

ويضيف:” بعد إنهاء علاجي الطبي بالمستشفى تواصل معي مركز الأطراف الصناعية التابع لبلدية مدينة غزة”.

وبدأ “الدالي” بزيارة المركز الواقع في مدينة غزة، وتلقى في البداية العلاج النفسي، قبل ان ينتقل للعلاج الطبيعي لمدة 5 شهور، لتأهيل جسده لاستقبال الطرف الصناعي.

وبعد انتهاء فترة العلاج الطبيعي، تم تفصيل ساق صناعية لـ”الدالي”، وعاد مجددا للعلاج الطبيعي لعدة أسابيع ليتمكن من استخدام الساق بدون عوائق.

أمل جديد

وبينما يمارس أحد التمارين التي تساعده على استخدام الساق الصناعية بسهولة في قسم العلاج الطبيعي، داخل مركز الأطراف الصناعية، يقول الرياضي الفلسطيني:” الآن أنا بأفضل حال، لقد استغنيت عن العكاكيز التي أنهكتني نفسيا، واستعدت كامل قوتي وصحتي وسأعود للتدرب على دراجتي الهوائية”.

تلك الساق التي منحت الأمل بحياة جديدة لـ”الدالي” وعشرات المرضى الذين تزدحم بهم أقسام مركز الأطراف الصناعية، لا يتم استيرادها من خارج قطاع غزة بل ينتجها فنيون داخل مصنع يقع بالطابق الأرضي للمركز.

طاقم فني محترف

ويقول نبيل فرح، رئيس قسم الأطراف الصناعية في المركز، إن “جميع الأطراف يتم تصنيعها محليا، فنحن لدينا طاقم فني محترف في هذا المجال ويصنع أطرافا لا تختلف جودتها عن نظيرتها العالمية”.

ويشير “فرح”، إلى أن عملية التصنيع تبدأ بالحصول على قياسات الطرف المصاب من المريض، وبناء على هذه القياسات يتم صناعة قالب للطرف من الجص.

وفي مرحلة لاحقة، يتم سكب المادة الخام التي يصنع منها الطرف داخل قالب الجص، وبعد ذلك يتم تذويب الجص ليصبح الطرف جاهزا بصورة أولية.

ووفق “فرح”، فإنه يتم تجربة الطرف الجديد على المريض وبناء على هذه التجربة يتم إجراء تعديلات على الطرف ليأخذ شكله النهائي.

وقبل استخدام الطرف الصناعي يحصل، المريض على علاج طبيعي لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ليتمكن من استخدام الطرف دون أي مشاكل، كما يقول “فرح”.

ولكن الخدمات التي يقدمها مركز الأطراف الصناعية الوحيد في غزة، مهددة بالتوقف بشكل كامل فهو يعاني من ضائقة مالية خانقة في ظل ازدياد أعداد المرضى الذين يريدون الحصول على أطراف صناعية، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على مسيرات “العودة” المستمرة منذ نهاية مارس/ آذار الماضي.

موارد محدودة

ويقول مدير عام “المراكز” في بلدية غزة، عماد صيام، إن “تحديات مالية كبيرة تواجه المركز لأن موارده المالية، محدودة وأعداد المصابين تزداد يوميا، في حين أن صناعة الأطراف الصناعية مكلفة للغاية بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام”.

ويشير صيام، إلى أن المركز يقدم خدماته بشكل مجاني، في حين أن صناعة الطرف الواحد تكلف ما بين 2000 – 4000 دولار.

ويتمنى أن تقدم الجهات والمؤسسات الدولية المختصة الدعم المالي للمركز بشكل عاجل، حتى يتمكن من الاستمرار في تقديم خدماته الإنسانية.

وبحسب صيام، فإن المركز يحصل على تمويله حاليا من بلدية غزة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومؤسستي “ترومسو”، و”تراسيتك غزة” بالنرويج، إضافة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ومنذ بداية مسيرات العودة قبل نحو 9 أشهر قدم المركز، وفق صيام، خدماته لنحو 170 مصابا بحيث تم تركيب أطراف صناعية لـ60 مصابا، وتقديم 110 أجهزة مساندة لمصابين تعطلت أطرافهم عن الحركة ولكنها لم تبتر.

أحذية للقدم السكرية ومقاعد خاصة

ويوضح صيام أنه إضافة إلى الأطراف الصناعية والأجهزة المساندة وخدمات العلاج الطبيعي والنفسي، ينوي المركز التوسع بصناعة جهاز “القدم السكرية” الذي يحمي مرضى السكري من حدوث تقرحات بأقدامهم تؤدي إلى بترها مستقبلا.

ويشير إلى أن المركز بدأ قبل فترة بسيطة بتصنيع جهاز “القدم السكرية” بشكل محدود، وقدمه لـ100 حالة وحقق نجاحا مميزا في ذلك.

كما يعتزم مركز الأطراف الصناعية صناعة مقاعد متحركة متخصصة وهي تختلف عن المقاعد المتحركة العادية بأنها تناسب مع احتياجات كل مريض ووضعه الصحي بشكل منفصل.

جدير بالذكر أن إسرائيل تقمع منذ نهاية مارس/آذار الماضي، مسيرات سلمية ينظمها فلسطينيون قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، بغرض المطالبة بفك الحصار.

وأسفر القمع الإسرائيلي لهذه المسيرات عن استشهاد أكثر من 220 فلسطينيا، وإصابة الآلاف بجروح وحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع.

وتقول وزارة الصحة بغزة، إن عدد الجرحى الذين دخلوا المشافي يبلغ 12,879 شخصا، 45.7 في المائة منهم، أصيبوا بالرصاص الحي.

وبحسب بيانات الوزارة فإن ما نسبته 49.6% من الجرحى أصيبوا في أطرافهم السفلية، و 8.2%، في الرأس والرقبة. (الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *