أوبزيرفر: سقوط بن سلمان الذريع درس حول فقدان خطاب “الرجل القوي” زخمه العالمي

علّق الكاتب سايمون تيسدال، في صحيفة “أوبزيرفر”على محاكمة 11 شخصا اتهموا بالتخطيط وتنفيذ عملية قتل وتقطيع الصحافي السعودي جمال خاشقجي بمدينة اسطنبول في الثاني من تشرين الأول أكتوبر الماضي، بأنه يمنح المراقب مساحة لقراءة ظاهرة “الرجل القوي”.

وقال تيسدال إن جلسة الاستماع كان نتيجتها معروفة رغم تأجيلها. ومجرد انعقادها يعد تقدما في بلد يعد رجعيا مستبدا وغير ديمقراطي، وأنه لم يعد محصنا من الرأي العالمي ويمكن أن تجبر في ظروف متطرفة لاحترام حقوق الإنسان والعدالة.

ويضيف أن حالة خاشقجي كانت درس “تأديب” لولي العهد محمد بن سلمان والذي يعتقد بشكل واسع أنه هو الذي أمر بقتل الصحافي. فحتى ذلك الوقت كان بن سلمان يطير على بساط المديح حيث كان الغرب يتقرب إليه ومدحه دونالد ترامب، وأثني عليه في داخل السعودية لإصلاحاته الاجتماعية، وخافه الكثيرون في الشرق الأوسط لحربه في اليمن وتصميمه على مواجهة إيران.

ويلاحظ الكاتب أن سقوط بن سلمان من قمة المجد كان سريعا. وأدى سقوطه لإرباك الخطاب التي بات سائدا حول الصعود العالمي الثابت لشخصيات تحمل نفس التفكير “الرجل القوي” التي ركبت موجة اليمينية الشعبوية والتعصب والتي تتخذ قرارات من جانب واحد. وهناك إشارات في أماكن غير السعودية أن هذه الموجة المسمومة قد وصلت السقف العالي.

ويرى الكاتب أن المسارات السياسية المتطرفة التي جعلت الساسة ينحرفون إلى اليمين منذ عام 2016 و 2017 ربما دخلت الآن مرحلة إصلاح الذات وتصحيح الأخطاء. وبعبارات أخرى، نحن أمام مرحلة حرجة قد تؤدي للعودة إلى “الوضع الطبيعي” للسياسة، أو أننا قد ندخل مرحلة أخرى أكثر فوضوية.

ويقول إن فيكتور أوربان الرئيس الهنغاري حامل راية عداء المهاجرين في أوروبا والفاشية القومية هو مثال في هذا الإتجاه. هو لا يزال في السلطة ويقود بثبات، إلا أن سياسات للأجور المعروفة باسم “قوانين العبودية” تواجه اعتراضات وأدت لاحتجاجات واسعة.

وشهدت العاصمة بودابست الشهر الماضي تظاهرات واسعة تطالب بإلغاء القوانين وإعادة الصحافة والقضاء المستقل. ويواجه أوربان وأراؤه القومية وكذا الأحزاب الشعبوية المماثلة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا امتحانا في شهر أيار/ مايو المقبل، عندما يتم انتخاب البرلمان الأوروبي.

وتقوم التكهنات حول فوز الأحزاب الشعبوية على دراسة مسحية “يوروباروميتر سيرفي” والتي كشفت أن 42% من الأوروبيين يثقون بالإتحاد الأوروبي، وأن نسبة أقل من 35% تثق بالحكومات الوطنية. إلا أن النفور وتهميش الناخب بدت متراجعة، فبحسب الدراسة فإن تجربة بريطانيا مع البريكسيت تمثل درسا مثيرا للحذر نظرا لما تركته من صدمة لدى الناخب البريطاني.

فلم يؤد المثال البريطاني لدعم واسع بين الأوروبيين، وهناك عدد قليل من المجتمعات في القارة تحبذ استفتاء مماثلا في بلادها. كما أن الناخب الرئيس اكتشف أن الساسة المتطرفين لا يملكون الإجابات الصحيحة وربما جعلوا الأمور أسوأ.

ويقول تيسدال إن ردة الفعل تجاه الحكام الديكتاتوريين سيئة في الدول التي تعاني من أشكال متطرفة لحكم “الرجال الأقوياء”. ففي مصر التي فاز فيها الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي بانتخابات مزيفة العام الماضي، وهناك حديث بين أنصاره لإلغاء المدة القانونية المحددة لحكم الرئيس وهي ولايتين، فإن السيسي يكتشف مثلما اكتشف سلفه حسني مبارك أن الحكم من خلال الخوف لن يستمر طويلا.

ونفس الوضع ينسحب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سيطر على السلطة العام الماضي. ويحمل الآن مسؤولية الأزمة الإقتصادية والأمن والفساد والرقابة على الإعلام ويصوت الأتراك الآن بأقدامهم حيث يخرجون أموالهم ويهربون بكفاءاتهم إلى الخارج.

وهذه النظرية عن الرجل القوي الذي يترنح يمكن أن تطبق على الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي يبدو حائرا أمام التباطؤ الإقتصادي. وكذا دونالد ترامب الذي كان يحب أن يكون رجلا قويا واعتقد أن بإمكانه أن يفعل ما يريد بما في ذلك بناء الجدار واكتشف أنه لا يستطيع.وكيف سيرد على المقاومة القوية من الكونغرس والمشاكل القانونية هي قصة العامين المقبلين. وربما حاول التعامل معها من خلال الدستور، وهذا غير وارد. وإن حاول فرض ما يقول “الطوارئ الوطنية” فسيكون الأثر على الداخل والخارج خطيرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *