تشهد ولايات سودانية، منذ الأربعاء الماضي، موجة احتجاجات شعبية تندد بتدهور الأوضاع الاقتصادية، في ظل انعدام الخبز ووقود السيارات وندرة السيولة النقدية، بحسب المحتجين.
وتدهورت قيمة العملة المحلية (الجنيه) ليبلغ في السوق الموازية (غير الرسمية) إلى 60 جنيها مقابل الدولار الواحد.
وجراء تدهور قيمة الجنيه يعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي.
وارتفعت معدلات التضخم لتبلغ، في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، 68.93 في المئة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي).
الاحتجاجات، التي تبدو في ظاهرها اقتصادية، يرى مراقبون محليون أنها تعبير عن أزمة سياسية لم تفلح الحلول الحكومية في معالجتها.
ويذهب بعضهم إلى أن الحلول الاقتصادية المتكررة من جانب الحكومة لن تنجح ما لم تسبقها إصلاحات سياسية.
واتسعت دائرة الاحتجاجات لتشمل 12 ولاية من أصل 18.
انعدام الخبز
الموجة الاحتجاجية الراهنة اندلعت في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل (شمال).
تظاهر الآلاف من طلاب المدارس والجامعات والمواطنين في عطبرة، منددين بانعدام الخبز، وارتفاع سعره لحوالي 3 جنيهات لقطعة الخبز الواحدة إن وجدت.
وفي اليوم نفسه شهدت مدينة بورتسودان (شمال شرق) احتجاجات مماثلة شارك فيها المئات.
واتسعت دائرة الاحتجاج، الخميس الماضي، لتشمل- بجانب عطبرة وبورسودان- سبع مدن رئيسية أخرى، هي: الخرطوم (وسط)، الفاشر (غرب)، كسلا (شرق)، دنقلا (شمال)، القضارف (جنوب شرق)، بربر والدامر (شمال) وسنار (جنوب).
وفي اليوم التالي امتدت الاحتجاجات إلى مدن ربك (مركز ولاية النيل الأبيض)، الجزيرة أبا في الولاية نفسها، ومدينة الأبيض (مركز ولاية شمال كردفان)، بحسب وسائل إعلام محلية.
وتجددت الاحتجاجات، السبت، في كل تلك المدن، إضافة إلى مدينة الرهد في ولاية شمال كردفان.
واتسعت، الأحد، رقعة الاحتجاجات إلى مدينتي أم روابة بولاية شمال كردفان، والترتر بولاية جنوب كردفان (جنوب)، حيث ندد محتجون بالغلاء، وطالبوا بـ”إسقاط النظام”.
وإجمالاً شملت الاحتجاجات 15 مدينة في 12 ولاية، هي: نهر النيل (شمال)، الولاية الشمالية (شمال)، كسلا (شرق)، القضارف (شرق)، سنار (شرق)، البحر الأحمر (شرق)، الخرطوم (وسط)، الجزيرة (وسط)، شمال كردفان (جنوب)، جنوب كردفان (جنوب)، النيل الأبيض (جنوب)، شمال دارفور (غرب).
حالة الطوارئ
مع اندلاع الاحتجاجات بدأت السلطات السودانية في إعلان حالات الطوارئ.
شهدت مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل أول إعلان لحالة الطوارئ، تلتها ولايات القضارف، النيل الأبيض، شمال كردفان، ومدينة دنقلا (شمال).
وعلقت الحكومة الدراسة بجميع مراحلها في تلك الولايات، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق (جنوب شرق) والخرطوم (وسط).
أعمال عنف
خلال الاحتجاجات تعرضت مبانٍ حكومية ومقرات لحزب المؤتمر الوطني الحاكم للتخريب والحرق.
وأُحرقت مباني الإدارة المحلية والحزب الحاكم في سبع مدن، هي: عطبرة، الدامر، الأبيض، القضارف، الرهد، ودنقلا، ربك، وبلدة الزيداب (شمال)”
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسيارات دفع رباعي تابعة للقوات النظامية محترقة في القضارف.
قتلى ومصابون
وحتى السبت، أعلنت السلطات السودانية سقوط ثمانية قتلى في ولايتي القضارف (شرق) ونهر النيل (شمال).
وإضافة إلى الحصيلة الحكومية، أعلن نشطاء سودانيون عن سقوط قتيل في الجزيرة أبا وآخر في دنقلا وأربعة في عطبرة.
بينما قال رئيس تحالف “نداء السودان” المعارض، زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، السبت، إن لدى حزبه حصيلة مفصلة بسقوط 22 قتيلا وعشرات المصابين بمختلف المدن.
الجيش مع القيادة والشعب
أعلن الجيش السوداني، في بيان أمس، التفافه حول قيادته، وحرصه على “مكتسبات الشعب”.
ورئيس الجمهورية، عمر البشير، هو القائد الأعلى للجيش ويحمل رتبة مشير.
وشدد الجيش على حرصه على “مكتسبات الشعب وأمن وسلامة المواطن في دمه وعرضه وماله”.
وأضاف أنه “يعمل ضمن منظومة أمنية واحدة ومتجانسة”، تشمل القوات المسلحة، الشرطة، قوات الدعم السريع، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني.
اتهامات لإسرائيل
قال مدير المخابرات السوداني، صلاح قوش، إن “الأجهزة الأمنية رصدت تحركات لمنسوبين لحركة عبد الواحد (المتمردة)، قادمين من إسرائيل يخططون لتنفيذ أعمال تخريبية”.
ويتزعم عبد الواحد محمد نور حركة “جيش تحرير السودان”، التي تقاتل الحكومة السودانية في إقليم دارفور (غرب).
وأضاف قوس، بحسب وسائل إعلام محلية، أن “العائدين من إسرائيل يبلغ عددهم 280، وبعضهم تم تجنيده من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية”.
وأعلن تحالف قوى الإجماع الوطني (يضم أحزاب معارضة)، السبت، اعتقال 14 من قياداته، بينهم رئيسه فاروق أبو عيسى، أثناء اجتماع للتحالف في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن عدد المعتقلين من قيادات التحالف بلغ 43 معتقلًا.
واليوم ذاته اعتقلت السلطات السودانية الأمينة العامة لحزب الأمة المعارض، سارة نقد الله، والقيادي بالحزب، إبراهيم الأمين.
وأعلنت السلطات السودانية توقيفها لخلية بولاية الخرطوم كانت “تخطط لتنفيذ عمليات تخريبية على غرار ما حدث ببعض الولايات”، بحسب الوكالة السودانية الرسمية للأنباء.
ولم تشر الوكالة إلى أعداد الموقوفين ولا نوع الأعمال التي كانوا ينوون تنفيذها.
لكنها ذكرت أن الخلية تضم كوادر حزبية معارضة، وأنها تعمل بتنسيق تام مع الحركات المسلحة، و”تم اتخاذ إجراءات قانونية” في مواجهتها. (الأناضول)