جدل حاد في تركيا حول دعوات لتلاوة القرآن وإعادة رفع الأذان باللغة التركية

بعد مرور 68 عاماً على رفع الحظر عن قراءة الآذان باللغة العربية في تركيا، عاد الجدل مجدداً حول الموضوع عقب مطالبات بإعادة فرض قراءة الآذان والقرآن والدعاء باللغة التركية، الأمر الذي تحول إلى نقاش حاد بين حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم حول القومية التركية و”الاعتزاز بالقومية واللغة التركية”.

وفي إطار نقاش حاد متصاعد في تركيا خلال الأسابيع الأخيرة حول القومية والعلمانية في البلاد، فجر أحد مسؤولي حزب الشعب الجمهوري مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعاد المطالبة بقراءة الآذان وتلاوة القرآن والدعاء باللغة التركية وليس اللغة العربية.

أردوغان: في حقبة الشعب الجمهوري تم إغلاق المساجد وتحويلها إلى اسطبلات للخيول

وفي برنامج تلفزيوني طالب النائب عن حزب الشعب “أوزتورك يلماز” بقراءة الآذان والقرآن باللغة التركية لكي يفهمها الناس، معتبراً قراءة الآذان باللغة العربية “احتقار للغة التركية”، وقال: “يجب أن يقرأ كل شيء بلغتنا التركية، الآذان والقرآن والدعاء، أريد أن أفهم ما يقال، ولتقرأ لغتي في كل أنحاء العالم، لماذا كل هذا الاحتقار للغتي التركية (مخاطباً الحزب الحاكم)”.

وولّدت هذه الدعوة ردود فعل واسعة في الشارع التركي، وكُتبت آلاف التغريدات المنددة بها على مواقع التواصل الاجتماعي التي اتهمت حزب الشعب الجمهوري بمحاولة إعادة البلاد إلى حقبة تقييد الحريات الدينية.

الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، شدد في مؤتمر صحافي، عقب اجتماع الحكومة التركية الأربعاء، على أن الآذان يقرأ في كافة أنحاء العالم بشكل موحد “باللغة العربية”، معتبراً أنه لن يكون من مصلحة أحد على الإطلاق إعادة الجدل والنقاش حول هذا الموضوع، وقال: “إعادة طرح قضية لغة الآذان يظهر أن البعض ما زال يفكر بعقلية الإقصاء والحزب الواحد التي سادت البلاد سابقاً”، في إشارة لحزب الشعب الجمهوري.

وقبل أيام شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن “البعض في تركيا ما زال يحاول إعادة البلاد إلى الخلف والماضي عبر ادعاءات التحضر”، وأضاف: “هناك من يرون أنفسهم في مرتبة عليا عن أبناء وطنهم، وهناك من يشعرون بعدم الراحة من المساجد والآذان وغطاء الرأس، ولكن مع الأسف لا يوجد هناك أي احتمال أي يتغير أو يتحسن أصحاب هذه العقليات”.

وقال أردوغان: “يحاولون نفي تصرفاتهم السابقة (حزب الشعب الجمهوري)، ألم يقوموا بتحويل مساجد إلى اسطبل للخيول؟ فقط داخل مناطق سور إسطنبول تم إغلاق وتحويل مئات المساجد إلى اسطبلات، ألم يفعلوا ذلك؟ لقد فعلوا”.

وفي عام 1932 وفي إطار برنامج كامل لـ”تتريك” الأذان والدعاء والقرآن، تم حظر الآذان باللغة العربية بشكل كامل وذلك في عهد الرئيس عصمت إينونو، وحقبة رئيس الوزراء رفيق صيدام، وليس في عهد مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك كما هو شائع. ورفع الآذان باللغة التركية لأول مرة في مسجد الفاتح التاريخي في اسطنبول.

واستمر الحظر الذي طبق بالقوة واعتقل وعذب مئات المخالفين له حتى عام 1950 عندما تمكن عدنان مندريس إلى رئاسة الوزراء، وتحديداً بعد أسبوع فقط من وصوله للحكم يوم السادس عشر من حزيران/يونيو عام 1950، حيث تم رفع الحظر عن رفع الأذان باللغة العربية، دون حظره باللغة التركية، ولكن ساد الأذان باللغة العربية في عموم البلاد منذ ذلك التاريخ، ولاحقاً عقب انقلاب عسكري جرى إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس بتهمة محاولة تقويض الأسس العلمانية للبلاد، ويطلق عليه الأتراك حتى اليوم “شهيد الأذان”.

وقبيل أشهر قليلة من موعد الانتخابات المحلية/البلدية الهامة التي ستشهدها البلاد، وكما يحصل قبيل أي انتخابات تشهدها البلاد يتصاعد الجدل بين الحزب الحاكم والمعارضة حول الكثير من الملفات في البلاد، أبرزها الجدل الأزلي حول العلمانية والقومية في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *