قد تؤدي العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤخرا على إيران إلى نتائج عكسية، فالهدف المعلن للجزاءات الجديدة هو محاولة تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط وتخفيض نفوذها في المنطقة، ومن المحتمل ألا تكون هذه الاهداف قابلة للتحقيق من خلال العقوبات، التي تتمتع بفرصة جيدة للعمل إذا وافق العالم كله على الانضمام إليها، وهو أمر مستبعد، ومن غير المحتمل أن يتأثر سلوك طهران من خلال المزيد من الضغط.
وقال مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إن الهدف كان منذ البداية هو خفض صادرات النفط من إيران إلى الصفر، وهذا يبدو، كما قال العديد من المحللين الأمريكيين، محاولة لتغيير النظام مع نية لإيذاء لا للتأثير الإيجابي على السلوك.
منطقيا، إذا كان الهدف هو التأثير بشكل ايجابي على سلوك إيران، يجب أن يكون الهدف هو إشراكها بشكل أكبر في الدبلوماسية الدولية وحل النزاعات، وليس المزيد من عزلها
وأوضح محللون أمريكيون أن خطة الإدارة الخاصة تتضمن إعفاءات من المشاركة في نظام العقوبات لكل من الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا، وهذا يعني أن نصف سكان العالم لن يلتزموا بالعقوبات، وعندما نضيف روسيا وبعض الدول الأوروبية التي لم تتقبل فكرة العقوبات على الإطلاق، مما يترك الولايات المتحدة شبه وحيدة في حملة العقوبات.
وبالنسبة إلى الأدوات المالية العالمية المتضمنة في العقوبات، يبدو أن المخاطر تعود على الاقتصاد العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة أكثر مما تعود على طهران، إذ نجحت إيران في التكيف مع الحد الأدنى من الاعتماد على النظام المالي الدولي.
وقال المحلل نبيل خوري، الذي شغل منصب نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في اليمن (2004-2007)، والمتحدث باسم الإدارة في القيادة المركزية الأمريكية في الدوحة وبغداد، إن إصرار ترامب على معاقبة الحلفاء الاوروبيين إذا لم يلتزموا بذلك، سيدفع أوروبا إلى البحث عن وسائل أخرى للتداول مع إيران بما في ذلك التحايل على الدولار والنظام المصرفي الدولي الحالي، وهذا سيؤثر على الزعامة الأمريكية على المدى البعيد.
وأضاف: “منطقيا، إذا كان الهدف هو التأثير بشكل ايجابي على سلوك إيران، يجب أن يكون الهدف هو إشراكها بشكل أكبر في الدبلوماسية الدولية وحل النزاعات، وليس المزيد من عزلها” ، وقال إن إدارة اوباما سعت إلى تجميد البرنامج النووي الإيراني، وكانت تأمل في أن يشكل الاتفاق الناجح بداية لمناقشات لاحقة حول قضايا سياسية أوسع نطاقاً، وهو أمر لم يتحقق خلال فترة أوباما في السلطة، ولكن إيران أظهرت خلال المحادثات علامات ايجابية، وكان الخطاب الإيراني أكثر براغماتية وودية.
لقد نجت إيران من 40 سنة من العقوبات، وهناك إدراك بأن النظام لن يستجيب بشكل جيد للتهديدات، وعلى النقيض من زعيم كوريا الشمالية، فإن قادة إيران لن ينضموا إلى الأعمال المسرحية
والخيارات الوحيدة أمام الولايات المتحدة تجاه إيران هي، أولاً: تغيير سلوك إيران من خلال الحرب، وهو خيار كارثي يدعمه بولتون وكوشنر واسرائيل، وثانياً: خيار عقلاني يبدأ بالتعاون مع ايران في موضوع اليمن، لأن الاقتراب من إيران في هذه القضية يمنح ايران الفرصة للعب دور إيجابي جيد من خلال الضغط على الحوثيين، وبدء تعاون بين طهران وواشنطن في مبادرات خاصة لحل النزاعات.