خلف مفاجآت غزّة.. البحث عن أسرى إسرائيليّين في سورية

سريعا.. أطاحت الهزيمة المُدوّية التي مُنيت بها ​اسرائيل​ امام ​المقاومة​ الفلسطينيّة في اولى نتائجها، بوزير الحرب الإسرائيلي ​افيغدور ليبرمان​، بعد مفاجآت بالجملة فجّرها رجال المقاومة بوجه ​تل ابيب​، منذ إطلاقها العمليّة “السريّة” شرق ​خان يونس​ مساء الأحد الماضي، والتي كشفها المقاومون وأفضت الى مصرع ضابط كبير في الفرقة المتسلّلة وإصابة آخر بجراح بليغة، قبل ان تبدأ المفاجأة التالية عبر الرّد الصّاروخي غير المتوقّع بعديده ونوعيّته بفترة زمنيّة قصيرة على المستوطنات في غلاف غزّة، مرورا ببيانات متلاحقة اطلقتها غرفة عمليّات مشتركة لفصائل المقاومة، في سابقة أذهلت ​الجيش الإسرائيلي​، ولتُلحق بأمّ المفاجآت على متن ​صاروخ​ موجّه من نوع “كورنيت” استهدف ​حافلة​ تقلّ ضبّاطا وجنودا اسرائيليّين في مجمّع عسكري شرق مدينة جباليا في القطاع.

ووسط علامات الإستفهام الكثيرة والمُقلقة التي لفّت القيادة العسكرية الإسرائيليّة حول كيفيّة وصول هذه ال​صواريخ​ الى غزّة، نقلت معلومات فرنسيّة عن دبلوماسي اسرائيلي في ​باريس​، انّ شُحنة كبيرة من صواريخ “كورنيت” الموجّهة “وأخرى لم يُكشف عن ماهيّتها ونوعيّتها بعد”، وصلت الى ايدي الفصائل الفلسطينيّة في القطاع، عبر أياد سوريّة وايرانيّة، كاشفا انّ عمليّة ايصالها استُبقت بتنسيق عال المستوى بين قادة ميدانيّين كبار في ​حزب الله​، وضبّاط سوريّين وعراقيّين وايرانيّين على رأسهم قائد قوّة ​القدس​ في الحرس الثّوري الإيراني الجنرال ​قاسم سليماني​.

لم تكتف المقاومة الفلسطينيّة برُزمة مفاجآتها، وآثرت ان تُلحقها بأخرى من العيار الثّقيل،عبر عرض مشاهد كمين نوعي وُسم ب “كمين العلم” نفّذه مقاومو الوية النّاصر ​صلاح الدين​ في 17 شباط المُنصرم، وأفضى الى مصرع ستّة ضبّاط وجنود اسرائيليّين..كالعادة أحاطت تل ابيب واقعة الكمين مذ ذاك الوقت بتكتّم اعلامي مطبق قبل ان تكشف عنه المقاومة امس بالدّليل المُصوّر القاطع، تماما كما تكتّمت على ضربات اخرى لحقت بها في جبهات مقاومة اخرى بالمنطقة، احداها على متن السّفينة الحربيّة الإماراتيّة التي استهدافها المقاومون في “انصار الله” قُبالة سواحل المخا اليمنيّة منذ سنتين، وأسفرت عن مصرع 12 ضابط اسرائيليّ اضافة الى العشرات من الضباط الإماراتيين وجنسيّات اوروبية واميركية اخرى- وفق ما كشفت حينها وكالة سبوتنيك الرّوسيّة.

وفي ذروة التداعيات المُزلزلة التي افرزها انتصار المقاومة الفلسطينيّة في غزّة على الجيش الإسرائيلي، وسط تقديرات عسكريّة عبريّة بأنّ القادم سيتجاوز استقالة وزير الحرب، الى حملة إقالات في المؤسّسة العسكريّة على خلفيّة الفشل الذي رافق الجولة الأخيرة من العدوان منذ انطلاقته، اكّدت تقارير روسيّة انّ تل ابيب طلبت من موسكو وبشكل مُلحّ قُبيل تأزّم العلاقات بين الجانبين على خلفيّة اسقاط طائرة ايل 20 الروسيّة، مساعدتها باسترداد اسرى اسرائيليّين وقعوا في ايدي الجيش السوري ومقاتلي حزب الله خلال معارك تحرير حلب عام 2016، كما بالبحث عن جثث جنودها المفقودين في سوريا، وأنّ اختفاءها محصور بالسنوات السّبع الأخيرة!

لا معلومات دقيقة عن عدد هؤلاء نتيجة التكتّم الإسرائيلي المُطبق حيال هذا الأمر،ولا مصلحة للقيادة السوريّة بالطّبع في إعطاء تل ابيب ايّ جواب يُشفي الغليل الإسرائيلي، الا انّ معلومات صحافيّة بريطانيّة كانت كشفت عن مصرع ضابطَين اسرائيليّين من ضمن مجموعة ضبّاط استخباريّين من النّاتو، بعمليّة امنيّة سوريّة معقّدة في بلدة أطما شمال ادلب في شهر تموز المنصرم، لتسارع بعدها تل ابيب الى تهريب المئات من عملائها وضبّاط استخباريّين خليجيّين واجانب مرتبطين بما يُسمى “الخوذ البيضاء”، في عمليّة سريّة نفّذتها حينها تحت جُنح الظّلام.

احد المحلّلين في موقع بلومبيرغ كان نقل عن مصدر وصفه ب “الموثوق” في صحيفة كوميرسانت الرّوسيّة، انّ عدد الضبّاط الإستخباريين الإسرائيليّين الذين وقعوا في قبضة الجيش السوري ومقاتلي حزب الله في معارك تحرير حلب وحدها، يصل الى 6، واستحصل على اسمائهم، قبل ان يكشف النائب في مجلس الشورى الايراني جواد كريمي قدوسي عن رسالة سرّية اوفدتها اسرائيل عبر وسيط اقليمي يُرجّح انه الماني، الى ​طهران​، تُبدي فيها استعدادها للتفاوض مع حزب الله عبر ابرام صفقة تبادل تشمل اسرى اسرائيليّين في سوريا، مقابل الإفراج عن الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين تمّ اختطافهم في لبنان إبّان الإجتياح الإسرائيلي عام 1982 من قِبل ميليشيا لبنانية موالية لإسرائيل، وليتمّ تسليمهم للأخيرة بعد فترة وجيزة من اختطافهم.

لعلّ إثارة هذا الملفّ في هذا التوقيت تحديدا خلف الكواليس، يرتبط بصفقة ما تعتزم اسرائيل إبرامُها في المرحلة المُقبلة، سيّما انّ مصدرا صحافيّا فرنسيّا نقل عن موقع “ميدل ايست آي”، وقوع ضابط اسرائيلي “برتبة عالية” في ايدي رجال المقاومة الفلسطينيّة مساء الأحد الماضي، خلال تسلّل الفرقة الإسرائيلية شرق خان يونس، ومصرع نائبه خلال التصدّي لها، قبل ان تسارع المروحيّات الإسرائيلية الى التدخل لإنقاذ باقي افرادها، كاشفا انّ تل ابيب خسرت في جولتها الأخيرة مع المقاومة في غزّة 11 ضابطا وجنديّا، بينهم مساعد احد أهمّ رعاة الحرب الميدانيّين على سوريا مندي الصفدي.

وعليه، انتهت الجولة الاخيرة من ​العدوان الإسرائيلي​ على غزّة بهزيمة وفضيحة مُدويّتين “وضعتا اسرائيل في نقطة سيّئة جدا”-وفق توصيف نائب رئيس الموساد سابقا رام بن باراك، سيّما بعدما كشف موقع “ميدل ايست آي” اليوم، انّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، هو من طلب من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، شنّ هذا العدوان على غزّة لإزاحة الانظار عن قضيّة مقتل الصحافي السعودي ​جمال خاشقجي​.. لعلّ النتيجة الأهم التي افضت اليها “المُنازلة” الأخيرة في غزّة، هي انّ رسالة محور المقاومة وصلت الى تل ابيب: “نحن هنا”.. فالأخيرة تدرك جيدا انّ ظهور “الكورنيت” الموجّه في الميدان الغزّاويّ، مُفتتحا اولى مفاجآته في تدمير حافلة الجنود الإسرائيليين، وصليات مئات ​الصواريخ​ التي امطرت المستوطنات في غلاف غزّة مُجبرة الاف المستوطنين للهروع الى الملاجئ، لا تقف وراءها بالطبع “حماس- مصر”، ولا “حماس قطر”.. بل هي “قسّام طهران ودمشق وباقي محور المقاومة”.. باختصار، إنّ ما جرى منذ مساء الأحد، مجرّد رسالة تحذيريّة الى اسرائيل ومن يهمهم الامر من اعراب وملوك وامراء الخليج في ذروة هرولتهم الى التطبيع العلني مع العدوّ.. والقادم أعظم!

الا انّ العيون ستكون شاخصة على ادلب في القادم من الأيام، وعلى حدثين كبيريَن في تل ابيب وأبو ظبي -حسبما نقلت شخصيّة صحافيّة لبنانيّة عن مسؤول روسي وصفته ب”رفيع المستوى”، كاشفة عن زيارة استثنائيّة وغير مسبوقة، ستقود رئيس دولة اقليميّة الى دمشق للقاء الرئيس ​بشار الأسد​، عقب انجاز استراتيجي يُسطّره الجيش السوري قبل نهاية العام!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *