اعتلى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري المنبر ليبدأ حديثه بنبرة قوية، أراد من خلالها تبرير استئثار تياره بتمثيل الطائفة السنية، فضلاً عن تبرير تعطيله تشكيل الحكومة نتيجة رفضه تمثيل 6 من النواب السنة المستقلين في الحكومة، آملاً من المؤتمر الذي تأخر كثيراً من أجل صياغة عباراته على ما يبدو، ان يقيه من نار تأخير تأليف الحكومة، والتي قد تعطل البلاد وتؤخر حقوق العباد.
حاول الحريري خلال خطابه الايحاء بأن الحقيقة بما يقول، وبأنه لم يغش اللبنانيين، مريداً من تعابير جسده وبيانه أن يظهر على أنه رجل الحسم والحزم، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه… فما كان لافتاً في كلام الحريري عن قصد او غير قصد وقوعه في حقيقة اعترافه بأنه وتياره الازرق لم يعد يمثل الطائفة السنية الكريمة، بالرغم من مجاهرته وترديده لأكثر من مرة بأنه هو ابو الطائفة وانه “بيّ” السنّة ويعرف أين مصلحتهم، الا ان ادعاءه هذا قابله هو نفسه بالاعتراف بأن هناك اخرين لهم حيثيتهم ووجودهم داخل
الحريري انهى مرحلة سياسية كانت مبنية على ان الحريري وتياره يمثلان الطائفة السنية
الطائفة وذلك عندما قال “ليس صحيحًا أنّني أريد احتكار التمثيل السني في الحكومة، والدليل أنّ هناك وزيرا من حصة رئيس الجمهورية واتفقت على اسم مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي”، معترفاً بتقاسم تمثيل الطائفة مع آخرين، بالقول “إنّني أعرف أنّ هناك تميثلًا خارج “تيار المستقبل” ولهذا لم أحتكر التمثيل السني”، وبهذا يكون الحريري انهى مرحلة سياسية كانت مبنية على ان الحريري وتياره يمثلان الطائفة السنية.
وبالرغم من اعتراف الحريري نفسه بهذا، الا انه تلكأ في موضوع توزير واحد من النواب السنة المستقلين الستة في الحكومة، معللاً ذلك بأنهم لم يأتوا في لوائح انتخابية مستقلة، بل كانوا على لوائح الاخرين، ناسفاً بذلك “ميزة” القانون الانتخابي النسبي الذي اعتمد في الانتخابات الاخيرة والذي تميز بالصوت التفضيلي الذي يأخذه النائب من طائفته داخل دائرته الانتخابية، ناسياً هو نفسه بأن نواب كتلته جاؤوا ايضاً بالطريقة نفسها.
اما النقطة الاخرى التي اوقع الحريري نفسه بها – وهي ليست المرة الاولى – هي اعتماده “لغة الطائفية”، بالرغم من مجاهرته بأنه هو الذي ضحى ويضحي لاجل الوطن، وكان هذا جلياً عبر اظهار نفسه بأنه هو الوحيد الذي يعلم مصلحة الطائفة السنية ويستطيع ان يتحكم بها، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه هو رئيس الحكومة ويجب ان تكون مصلحة البلد بكل طوائفه عنده فوق كل اعتبار وهي لها الاولوية على كل شيء.
من ناحية اخرى كان واضحاً في خطاب الحريري مغازلته للرئيس نجيب ميقاتي، خاصة عندما قال “انني اتفقت معه على توزير احد من قبله” فكان هذا اعترافا اخر من الحريري نفسه على ان تمثيل الطائفة السنية داخل مؤسسات الدولة لم يعد حكراً على تياره،
خطاب الحريري كان واضحاً في مغازلته للرئيس نجيب ميقاتي
مشيراً الى انه اعطى الرئيس ميقاتي ورئيس الجمهورية الحق في تسمية وزيرين سنيين، الا انه ظل رافضاً اعطاء هذا الحق لـ 6 نواب مستقلين اخرين مع أن حصتهم النيابية وأصواتهم تفوق حصة ميقاتي، وهنا يدخل الحريري نفسه في الاستنسابية ليس فقط تجاه الوطن بل تجاه طائفته التي ادعى حبها ومعرفة مصلحتها، لكن اليس الاجدى به ان يتواضع ويقبل في تمثيل السنة المستقلين في الحكومة بالرغم من قبوله التنازل عن مقعدين سنيين على اساس نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة؟! اليس الاجدى له ان يتواضع لمقعد محق ثالث للافراج عن الحكومة واراحة البلاد والعباد؟! وهل يكون الغمز من قناة ميقاتي هو أحد ابواب الحل للخروج من الأزمة؟!