قدّم ستة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون لفرض عقوبات جديدة على السعودية تشمل تعليق مبيعات السلاح، ما يشكل تحديًا مباشرًا لموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وحسب ما ورد في وكالة “بلومبرغ”، انضمّ ثلاثة أعضاء من مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري تود يونغ وليندسي غراهام وسوزان كولينس الى ثلاثة آخرين من مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي و هم بوب منديز وجاك ريد وجين شاهين بالتقدم بمشروع القانون.
مننديز تحدّث عن وجوب إجراء تحقيق شفاف وموثوق بمقتل خاشقجي، لافتًا الى أن مشروع القانون المطروح يظهر التزام الكونغرس بالمحاسبة و حقوق الانسان”، فيما أشار زميله يونغ الى أن مشروع القانون المطروح يمنح إدارة ترامب النفوذ من أجل دفع كافة أطراف النزاع في اليمن الى الدخول بمفاوضات عاجلة وإنهاء الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم”.
ويفرض مشروع القانون المطروح حظرًا على إعادة تزويد الطائرات الحربية التابعة للسعودية وحلفائها التي تقوم بقصف اليمن بالوقود.
كذلك ينصّ المشروع على فرض عقوبات على جهات تقوم بمنع إدخال المساعدات الإنسانية الى اليمن، إضافة الى فرض عقوبات إلزامية على أيّ شخص مسؤول عن مقتل خاشقجي.
مزيدٌ من الدعوات لمعاقبة المملكة
في السياق نفسه، يبدو أن الكونغرس الأمريكي أيضًا غير راضٍ عن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على 17 شخصية سعودية على خلفية مقتل خاشقجي.
ووفق موقع “المونيتر”، قال النائب عن الحزب الديمقراطي إليوت إنجيل الذي من المتوقع أن يتولّى منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الاميركي أوائل العام المقبل، إن هذه العقوبات هي ردّ مناسب على مقتل خاشقجي، غير أنها لا تغلق الملف، وأضاف “ليس واضحًا ما اذا كانت إدارة ترامب قد حدّدت الجهة المسؤولة عن مقتل خاشقجي، ما يعني أن الملف لم ينتهِ بعد وهو يستحق اهتمام الكونغرس.
“المونتير” توقّف كذلك عند تغريدة عضو مجلس الشيوخ بوب منديز ( عن الحزب الديمقراطي) التي جاء فيها أن العقوبات التي أعلنتها إدارة ترامب تبدو محاولة منسّقة من اجل وضع الملف “تحت البساط”، متوقعًا “محاسبة كاملة”، وتوعّد بالعمل من أجل ضمان هذه المحاسبة.
وقد دعا عدد من اعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، وكذلك عضو واحد من الحزب الجمهوري على الأقلّ، الى فرض عقوبات على مسؤولين سعوديين أعلى، معتبرين أن ذلك يفيد بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤول عما حصل.
وأشار الموقع الى ما قاله عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي السيناتور بين كاردن الذي اعتبر انه من الصعب التصديق بان مسوؤلين كبارًا قد ينفذون عملية قتل خاشقجي دون تعليمات ولي العهد السعودي، داعيًا الى محاسبة الحكومة السعودية على أعلى المستويات”.
كذلك لفت التقرير الى ما قاله عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي تيم كين الذي اتهم ادارة ترامب باتباع قواعد اللعبة السعودية القائمة على تحميل مسؤولين “من المستوى المتوسط” وتبرئة القيادة.
بدوره، حثّ عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري ماركو روبيو إدارة ترامب على محاسبة أيّة شخصية اخرى مرتبطة بقتل خاشقجي، بما في ذلك الذين هم بأعلى المستويات بالحكومة السعودية.
عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي كريس مورفي ذهب أبعد من ذلك وهدد بوقف كامل للدعم العسكري الأميركي للحرب على اليمن، مشيرًا الى أن الردّ المقبول الوحيد هو وقف مبيعات كل الأسلحة الهجومية للمملكة ووقف دعمها عسكريًا في عدوانها على اليمن، متعهّدًا بتقديم مشروع قانون بهذا الصدد خلال الأسابيع القادمة.
السعودية تهديد إقليمي..
بالموازاة، وتعليقًا على بيان النيابة العامة السعودية، جزمت صحيفة “نيويورك تايمز” أنه تمّت تبرئة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من جريمة قتل خاشقجي، مؤكدة أن العقوبات الأميركية لم تطل ابن سلمان او الشخصيات الأكثر قربًا منه، وقالت “ليس واضحًا ما اذا كانت الرواية السعودية ستُغلق ملف خاشقجي، فتركيا لا تصدّق هذه الرواية”.
واعتبرت “نيويورك تايمز” أنه من الصعب التصديق بأن فريقًا من العملاء الأمنيين سافر الى اسطنبول فقط من أجل إقناع خاشقجي بالعودة الى السعودية، وأضافت “بات واضحًا أنه يجب تغيير طبيعة العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة.. ما تغيّر هو أن اغتيال خاشقجي و المحاولات المثيرة للشفقة للتغطية على الجريمة كشفت ابن سلمان للعيان، وهو الذي تخطّى الحدود في الكثير من الملفات، وأن النتيجة هي ان السعودية تبدو التهديد الاقليمي وليس إيران”.
الوقاحة السعودية والدعم الأمريكي لها
من ناحيتها، قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن “الرواية السعودية الجديدة حول مقتل خاشقجي تثير الصدمة من حيث مدى وقاحتها”، وتابعت “بينما تمّ توجيه التهمة الى 11 شخصًا وإعلان عقوبة الاعدام بحق خمسة منهم، برّأ المدعي العام السعودي ليس فقط المشتبه الرئيسي بالجريمة أي ولي العهد محمد بن سلمان بل برّأ أيضًا اثنين من كبار معاونيه حيث قال انهما اصدرا التعليمات او ادارا عملية لالقاء القبض على خاشقجي لكن دون الموافقة على قتله”.
الصحيفة قالت إن “هذه الرواية السعودية تعني أن النظام السعودي يتحدّى جميع الجهات التي تُطالب بالكشف والمحاسبة الكاملة، بمن فيهم أعضاء بارزون في الكونغرس”، متحدّثة عن أن إدارة ترامب تبدو على استعداد للقبول بالمماطلة السعودية، ولفتت الى عدم المسّ بابن سلمان وكبار المسؤولين الاستخباراتيين في الرياض”.
كما شددت الصحيفة على أن القبول بالرواية السعودية يعني تجاهل عدد من الحقائق المعروفة، مؤكدة ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقلّ بقيادة الأمم المتحدة، إلّا أنها عادت وقالت إن إدارة ترامب بدلًا من ذلك تساعد في عملية التغطية السعودية، ولاحظت أن العقوبات لا تطال حتى نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد العسيري، على الرغم من أن الرياض قالت إن الأخير هو الذي أمر بتنفيذ المهمة ضد خاشقجي”.
“واشنطن بوست” دعت الى ضرورة ألّا يسمح الكونغرس باستمرار هذا التزييف”، مطالبة الأخير بتعليق كل مبيعات الأسلحة وكافة أشكال التعاون مع السعودية حتى استكمال تحقيق دولي وموثوق حول مقتل خاشقجي.
وخلصت الى ضرورة نشر أسماء القتلى الحقيقيين لخاشقجي.