خسر تيار “المستقبل” أوراقا كان يملكها في وجه خصومه، فاستنجد بقشته الهشة الأخيرة قبل ان يغرق في إثم التعطيل. لطالما لجأ “المستقبل” لإنهاء كل أزمة يمر بها إلى “خيار الشارع”، مبررا ذلك بوضعه في خانة الانفعال، الحجة الاخيرة كانت بعد تصريحات للوزير السابق وئام وهّاب بحقّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، حيث اعتبر المستقبليون ذلك مسيئاً، مع أنهم هاجموا وهاب بأكثر من ذلك.
اللجوء المتكرر إلى أسلوب تخويف المواطنين وتذكيرهم بالخطر المحدق بهم من جهة الخصوم، هو سلوك اعتمده “المستقبل” ولا يزال للضغط والدفع نحو التنازل. مناصرو المستقبل الذي اعتادوا تلبية أوامر رئيس تيارهم مهما كانت، هددوا استقرار وهدوء العاصمة بيروت ومدينة طرابلس بقطع الطرقات وإحراق الإطارات وإرهاب المواطنين، كل ذلك للرد على تصريحات سياسية.
الخرزة الزرقاء التي وعد الحريري بأنها ستحمي لبنان من “تهديدات الخصوم”، ها هي تحولت إلى إطار يحاول إحراق الشارع وإشعاله بذرائع لا أصل لها. “المستقبل” الذي اعتبر ان ما جرى مجرد “فشّة الخلق”، لا يمكنه التحكم بتطور أي حادث فردي في الشارع إلى ما هو أبعد من ذلك، بل ويعجز عن تقديم اي مبرر مقنع حول اي تحركات يمكن ان توقع البلاد في الفتنة.
أنصار الحريري لديهم سوابق في قطع الطرقات وإخلال أمن المدينة، فما ان يلفظ اي سياسي أو صحافي ينتمي للجانب “الخصم” اسم الحريري على لسانه، حتى ينتفض شباب “المستقبل” للرد بقطع طرقات بيروت على الأهالي، وتنتفض معها بيانات التيار بالرد بـ”إساءة” على ما تعتبره “كلاما مسيئا”. ففي شهر آب/اغسطس الماضي نزل مناصرو “المستقبل” إلى الشارع وقطعوا الطريق في منطقة كورنيش المزرعة – بيروت باتجاه البربير بالإطارات المشتعلة، وذلك كرد على كلام الكاتب والمحلل السياسي سالم زهران بحق الحريري، فجاء رد مكتب التيار هجوميا على خصمه.
“خيار الشارع” يبقى الذريعة الوحيدة أمام الحريري، العاجز حتى الآن عن تشكيل الحكومة بسبب تعنّته ورفضه لنتائج الانتخابات النيابية، هل هي تجربة لإعادة تخويف اللبنانيين بأمنهم ؟