تقدّر منظمة الصحة العالمية عدد حالات الوفاة المبكرة التي ترتبط بتلوّث الهواء بنحو 7 ملايين حالة كل عام، وبات يُعتبر تلوث الهواء قاتلا مستترا، ويشكّل التهديد البيئي الأكبر على الصحة العامة في العالم.
في العام 2008 بلغ نصيب الفرد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن استخدام الطاقة والذي يؤثر سلباً على البيئة في الإمارات 21 طناً سنوياً مقارنة بـ4.5 أطنان للفرد على المستوى العالمي. بعد هذه الأرقام حاولت الإمارات تحسين بيئتها ومحاولة تخفيض هذه النسبة، فتمكّنت من ذلك في السنوات الخمس التي تلت عام 2008، الا أنها عادت لتفشل فشلا ذريعا إذ كشفت دراسة أعدّتها الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا ونشرها منتدى الاقتصاد العالمي هذا العام في مؤتمره الأخير، أن مدينة أبوظبي ومدينة محمد بن زايد جاءتا ضمن قائمة دول العالم من حيث جاء نصيب الفرد من الكربون سنويا مرتفعًا بشكل مخيف.
فعلى مستوى عواصم الدول الأكثر انبعاثاً للكربون، حلّت الرياض في المرتبة الأولى عربياً (العاشرة عالمياً)، تلتها أبوظبي (الحادية عشر عالمياً)، ضمن 13 ألف مدينة شملتها الدراسة النرويجية، في حين تصدّرت عاصمة كوريا الجنوبية سيول القائمة عالمياً بآثار الكربون، بينما حلّت مدينة نيويورك في المرتبة الثالثة عالمياً.
إن هذه النسب الكبيرة من التلوث التي تتواجد في الإمارات العربية، تتعارض مع الأخبار الترويجية التي تتحدث عن “رفاهية” العيش فيها، خصوصا بعد ان أصبحت النسب التي نحن بصدد الحديث عنها قاتلة، ولو بشكل بطيء للسكان.
اشتهرت دولة الإمارات بجذب الرساميل واليد العاملة، فكانت ملاذا للباحثين عن عمل برواتب مرتفعة، الا أنها لم تعد كذلك اليوم بعدما غرقت في وحول السياسة وابتعدت عن دورها التي حاولت لعبه كرائدة للأعمال في الشرق الاوسط. اليوم باتت التقارير الدوليّة تشير الى انحدار بيئة السكن في الإمارات العربيّة المتّحدة، فلم تعد تنفع المليارات التي تُصرف لتلميع الصورة الاعلاميّة عالميا لهذا البلد، وبات مطلوبا من الحكومة الاماراتية البحث عن الوسائل الضروريّة لتخفيف نسب التلوث.
أخيرا وبحسب هيئة البيئة في مدينة أبوظبي فإن ثاني أكسيد الكربون يتصدر قائمة انبعاث الغازات الكربونيّة في البلاد، بنسبة 78.6 بالمئة، يليه غاز الميثان بنسبة 8.8 بالمئة، ثم المركبات الكربونيّة الفلورية المشبعة بنسبة 7.6 بالمئة، وأكسيد النيتروز 5 بالمئة، في حين بلغ انبعاث غازات (النفط والغاز) 72 بالمئة، و18.1 بالمئة لقطاع العمليّات الصناعية.
إن حجم التلوث القاتل ناجم عن أسباب عدة، لعلّ أبرزها أزمات السير، ففي إمارة دبيّ يعتمد السكان بشكل كامل على سياراتهم الخاصة، ولا يوجد أي إقبال على المواصلات العامة الممثلة بالمترو والحافلات، وغياب ثقافة السير على الأقدام، بسبب حرارة الطقس أولا، وثقافة الشعب القائمة على البذخ والاهتمام بالسيارات الجديدة ثانيا، مما يؤدّي الى وصول عدد الرحلات اليومية بين الشارقة ودبي مثلا الى أكثر من 900 الف يوميا، فيما يصل عدد المركبات في ساعات الذروة على الطرقات في دبي إلى 40 ألف مركبة في الساعة الواحدة خلال أوقات الذروة الصباحية، فيما تستوعب المسارات الخمسة 33 ألف سيارة في الساعة، ما يتسبب بازدحامات مرورية خانقة.
باتت الحياة في دبي بشكل خاص وفي الامارات العربيّة المتّحدة بشكل عام خطرا داهما على صحّة الانسان، حيث لا تعود تنفع الرواتب للمخاطرة بحياة الشخص الراغب في تأمين عيش كريم لعائلته، نظرا لما تحمله الأجواء من أمراض مميتة على حياة كل شخص يفكّر بالذهاب الى هذه المنطقة الخليجيّة وهو يعلم بأنّه سيواجه الموت ببطء، جرّاء السموم في الهواء الملوّث.