يبدو أن مصالح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان تجعله مكبلاً في اتخاذ قرارات تلجم الأخير عن ارتكاب جرائم وانتهاكات إنسانية يمارسها في السعودية وخارجها. ومع أن أزمة خاشقجي أصبحت التهديد الأبرز لعرش محمد ابن سلمان، سيما مع عدم تمكن قبول ذلك في المجتمع الدولي لا سيما داخل أروقة السياسة الأميركية حيث استعرت الخلافات وخرجت الى العلن وباتت تهدد امكانية بقاء ابن سلمان في الحكم، إلا أن دونالد ترامب لا يزال متمسكاً به نتيجة الأرباح الاقتصادية التي يحصّلها فضلاً عن المشاريع السياسية في الشرق الأوسط التي يعتبر ابن سلمان رأس حربة ترامب فيها. لكن رغبة رئيس البيت الأبيض تصطدم في المقابل باصرار أغلبية واضحة في “الكونغرس” و”السي اي أي” على ان ضرورة تنحية ولي العهد السعودي كونه متهور ولا يمكن ضبطه.
في هذا السياق يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور حسام مطر أن الحزب الديمقراطي يضغط على الرئيس الامريكي من سنارة محمد بن سلمان لانهم يعتبرونه احد اهم مصادر القوة له خاصة من الناحية الاقتصادية، وبالنسبة لهم فإن اخفاق محمد بن سلمان هو اخفاق للرئيس الامريكي، لذلك يأتي توجيه السهام على محمد بن سلمان في سياق الاشتباك الداخلي بين ترامب ومؤسسات الامن القومي.
وفي حديثه لموقع العهد الاخباري يعتبر مطر بأن الحزب الديمقراطي يحاول الاستفادة من كل الطاقات من اجل تصويب السهام على ترامب، وقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية الامريكية جاءت كورقة قوة لهم لقصف جبهة ترامب وسحب احد ركائز القوة منه، مؤكداً أن الولايات المتحدة الامريكية بجناحيها الديمقراطي والجمهوري يتفقان على حماية السعودية وان تكون قوية في المنطقة ليتثنى لها تنفيذ السياسة الأميركية بشكل جيد.
ويرى مطر أن مسألة تنحي محمد بن سلمان وتعيين اخر مكانه هي مسألة مطروحة وبشكل قوي خاصة بعد النتيجة التي توصلوا اليها الديمقراطيين وبعض اعضاء الحزب الجمهوري بان افعاله لا يمكن ضبطها والسعودية لن تكون مستقرة معه وهذا ما سيعرض مصالحهم للخطر، لافتاً إلى أن ابن سلمان لم يستطيع تنفيذ المهام التي اوكلت اليه خاصة بموضوع حرب اليمن كما انه اصبح يشكل عبئ على والده وعائلته والامراء وبالتالي على السعودية ككل.
ويوضح مطر بأن وجود محمد بن سلمان في الحكم له اثمان عالية وعليه ان يقدم الكثير من التنازلات والتي بدأت بالاعتراف بجريمة مقتل “خاشقجي” تلاها تقديم بعض الافراد “المتورطين” للاعدام ومن ثم الاعلان عن امكانية توقف الحرب على اليمن، ويؤكد بأن وجود محمد بن سلمان مرتبط بقوة الضغوطات التي تمارس عليه عالمياً واقليمياً ومدى استطاعته على التحمل وتقديم التنازلات.
من جهته الباحث في الشأن الاقليمي علي مراد يوافق على ان جميع مؤسسات الحكم داخل الولايات المتحدة الامريكية تريد العلاقة المميزة مع السعودية، لكنهم ينقسمون حول دور ولي العهد محمد بن سلمان. ويشير مراد في حديث لموقع العهد الاخباري إلى أن الاصوات داخل الولايات المتحدة ارتفعت بشكل ملحوظ في وجه ترامب لتمسكه بمحمد بن سلمان، مؤكداً ان الديمقراطيين اخذوا قراراً بتنحي ولي العهد السعودي، ومعهم جزء كبير من أعضاء الحزب الجمهوري.
ويبين مراد ان ترامب يعمل على تلميع صورة ابن سلمان لكي يبقى في منصبه، ربما لان هناك علاقات خاصة بينهما، ويشير الى ان الرئيس الأمريكي ترك هامش مناورة للكونغرس في اخذ القرار في حال وصل الى حائط مسدود.
كما يلفت الباحث في الشأن الاقليمي على مراد في حديثه لموقعنا إلى أن الكونغرس لا يستطيع تكبيل يديي ترامب في السياسات الخارجية انما يستطيع ان يكبلها في السياسات الداخلية، وهنا ترامب يكون بحاجة للكونغرس.
وبحسب مراد يبدو أننا سنشهد عملية مساومة يدفع ثمنها محمد بن سلمان، معتبراً وصول احمد بن عبد العزيز الى السعودية تمهيد لعزل ابن سلمان.