أربع ملاحظات على العقوبات ضد إيران

1 ـ حذر إيراني يستحق الإشادة في مجال الذرة. بصورة مفاجئة، امتنعت إيران حتى الآن عن الرد في المستوى اليومي ضد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات. كان بالإمكان التوقع بأن طهران لن تسمح بإهانتها وستواصل الخضوع للاتفاق في الوقت الذي تتوقع فيه فرض عقوبات عليها، بل ستغرى باستخدام بصورة موسعة ومراقبة ومحسوبة للمشروع النووي كرافعة ستدفع أوروبا بصورة أشد للوقوف ضد العقوبات الأمريكية.
هذا الأمر لم يحدث حتى الآن. رئيس اللجنة الإيرانية للطاقة النووية، صلاحي، والزعيم خامنئي صرحا بالاستعداد لتوسيع المشروع، وإن إيران لم تنحرف عن تعهداتها حسب الاتفاق النووي. ما الذي يمكن تعلمه من هذا؟ إن النظام الإيراني، تحت ضغط العقوبات الأمريكية، يخشى من أن يثير خرق هذا الاتفاق أوروبا ضده، بصورة يجد فيها نفسه في عزلة اقتصادية، ويزيد حدة الثوران الداخلي ويؤثر ذلك على استقراره.
2 ـ انعدام الحذر الإيراني يستحق الإشارة في مجال الإرهاب.
نشاطات إيران التي استهدفت اغتيال معارضي النظام في أوروبا (فرنسا، ومؤخراً في الدانمارك)، مفاجئة ـ ضمن أمور أخرى إزاء اعتماد إيران على دول أوروبا على خلفية العقوبات الأمريكية، وفي ظل تجربة الماضي الطويلة التي أثبتت أن لعمليات من هذا النوع تأثيراً مدمراً على علاقات الطرفين (نذكر بشكل خاص في هذا السياق «قضية نيكونس»). إذاً لماذا تطلق إيران النار على قدمها؟
الإجابة هي أن النظام يتعرض للضغط على خلفية الاحتجاج الذي يرفض أن يتلاشى في إيران، وقيام المنظمات الإيرانية الانقسامية برفع رأسها (كما جسدت ذلك العملية الاستعراضية في الأهواز)، لذلك، فأمامهما خياران، إما أن يتعلق الأمر بخطأ تحت الضغط أو أنه من المفضل على النظام أن يدفع أثماناً من أجل إقصاء تهديدات مباشرة عليه.

طهران تتعامل بحذر معها وتشعر بأن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تغيير النظام

3 ـ من استراتيجية «ضغط بالحد الأعلى» دفعة واحدة إلى زيادتها تدريجياً.
قرار إدارة ترامب منح إعفاء مؤقت من العقوبات لثماني دول والانتظار، في هذه المرحلة، مع نشاطات تمنع إيران من الوصول إلى «سويفت» (مركز المقاصة ومركز الأعصاب للنظام المالي الدولي) ـ لا تشكل «تراجعاً» أمريكياً. لقد فهمت الإدارة أن ضغطاً شديداً جداً من شأنه أن يضعضع سوق النفط، وأن يجعل الأسعار تقفز بصورة غير مراقبة، بصورة ستقلل من تأثير تقليص تصدير النفط الإيراني (منذ أيار/مايو، هناك انخفاض بأكثر من 30 في المئة) على الاقتصاد الإيراني.
إن صعوبات دفع السعودية لزيادة إنتاج النفط، ضمن أمور أخرى، على خلفية قضية الخاشقجي (التي من شأنها أن تتضح أيضاً أنها فرصة)، وكذلك الإشارات الصادرة عن السوق عندما قفز سعر البرميل قبل نحو شهر إلى سعر 80 دولاراً ـ أقنع الإدارة الأمريكية بأن تقلل الضغط قليلاً. إضافة إلى ذلك، فإن ضغطاً تدريجياً من شأنه أن يظهر كاستراتيجية ليست أقل نجاعة، سيمكن من عدم دفع إيران إلى الزاوية. ولكنه سيبقي فوق رأسها سيفاً مسلطاً على شكل إلغاء الإعفاءات ومنع الوصول إلى «سويفت».
إن تصميم الإدارة الأمريكية على مواصلة شد البراغي تجسد بتهديد وزير المالية، منوتشن، في نهاية الأسبوع بأنه إذا عملت أوروبا على إقامة نظام يتجاوز «سويفت»، فإن أمريكا سترد على ذلك بصورة عنيفة.
4 ـ تركيز الاستراتيجية الأمريكية.
تعلن الولايات المتحدة أن هدف الضغط هو تغيير أساسي في سلوك نظام آيات الله في إيران. وفي خطاب أساسي في شهر أيار/مايو الماضي وضع وزير الخارجية الأمريكي بومبيو أمام إيران 12 طلباً مفصلاً. هناك من يرون فيها حكماً لا يمكن الاستجابة له، وإشارة إلى أن نية الإدارة هي تغيير النظام الإيراني الحالي. في هذه الظروف، وكلما تعمق الشعور الإيراني بأن هذا التهديد هو الهدف السامي للإدارة، فإن احتمال أن تدخل إيران إلى مفاوضات جوهرية يتضاءل بصورة دراماتيكية، في المقابل يزداد الخطر بأن ترد بتوسيع مشروعها النووي أو زيادة نشاطات إرهابية لأذرعها ضد قوات ومصالح أمريكية في المنطقة.
من أجل محاولة تغيير هذه الديناميكية الإشكالية يجب على الإدارة تركيز طلباتها. تعديل الاتفاق النووي، منع مساعدة في الوسائل القتالية وفي المعدات العسكرية لعناصر الإرهاب وللدول طبقاً لقرارات مجلس الأمن وكبح برنامج صواريخ أرض ـ أرض الدقيقة. إضافة إلى ذلك، فإنه من المهم أن تبلور الإدارة وأن تعرض على إيران عدداً من الإغراءات مقابل التعاون، وكذلك تواصل التوضيح بأنها لا تسعى إلى تغيير النظام في إيران (كما أعلن مستشار الأمن القومي بولتون أثناء زيارته إسرائيل).

ودي افنطال
هآرتس 6/11/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *