كانت آخر الكلمات التي أرسلها إلي الأمير سلطان بن تركي مشفرة “لو اختفيت فستعرفين ما حدث لي”، تقول بيل ترو بمقال نشرته في صحيفة “إندبندنت”، حيث قالت إنها كانت على اتصال مع الأمير المعارض وبطريقة متقطعة بعدما اتخذ من اوروبا منفى له. وكانت تحاول فهم موقف العائلة المالكة الممتدة من صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وكان عمره في ذلك الوقت 31 عاما وبدأ صعوده السريع حيث كان أصغر وزير دفاع في العالم.
وتقول إنها تعاملت مع الرسالة التي تلقتها من الأمير بأنها محاولة للمبالغة حيث زعم أنه تعرض لعملية اختطاف النظام له من جنيف في عام 2003. وبعد أسابيع أرسل واحد من مساعدي الأمير إليها رسالة يقول فيها إنه من كان ينتظر الأمير في القاهرة لكن طائرته لم تهبط أبدا. وزعم الصديق أن الأمير المتمرد أغري بالعودة إلى العاصمة المصرية لمقابلة والده وأقنعه النظام السعودي بركوب طائرة ملكية وليس الطائرة الخاصة التي حجزها في البداية. وقال صديقه “لقد تحدثت إليه قبل ركوبه الطائرة ومزح إنه في حالة عدم وصوله فسيكون في الرياض وعلي دق جرس الإنذار”. وتضيف ترو إنها لم تسمع من الأمير سلطان حيث يعتقد أصدقاؤه أنه تحت الإقامة الجبرية في العاصمة السعودية. وتقول إن قصة اختطاف أمير بدت في ذلك الحين غريبة ولم ينتبه إليها إلا عدد قليل من الصحافيين. وحتى القصة التي كتبتها لم تثر الإهتمام. مع أن العامين الماضيين كشفا عن أشكال صارت معروفة عن ولي العهد بما في ذلك الإعتقال الجماعي للأمراء ورجال الأعمال في ريتز كارلتون الرياض واستهداف المدنيين في اليمن، وكانت هذه التقارير مثيرة للخوف لكن تم تجاهلها. بل وتم الترحيب به واستقباله كمصلح يقوم بالحد من سلطة رجال الدين والسماح للمرأة بقيادة السيارة والدخول لملاعب كرة القدم. وكان مثيرا أن الحكومة البريطانية باعت خلال هذه الفترة أسلحة ومعدات للسعودية بـ 4 مليارات جنيه استرليني. واحتفل العالم بتعيينه كولي للعهد العام الماضي. ولم يظهر الصدمة والغضب إلا عندما دخل جمال خاشقجي قنصلية بلاده في اسطنبول واختفى دونما أثر. وعندما بدأت التسريبات التي تربط ولي العهد بالجريمة بدأ الحديث عن تداعيات الحادث ووقف صفقات السلاح. وكان التفسير السعودي حول عدم معرفة مقتل خاشقجي أثناء شجار هي المرة الأولى التي تساءل فيها العالم عن مصداقية الرواية السعودية. وكان عدد الناس الذين تساءلوا غير مصدقين تورط ولي العهد بأمر كهذا مثيرا للدهشة والإحباط معا. وتقول: “أرسل إلى السعوديون من داخل وخارج المملكة رسائل غاضبة من صدمة العالم”. وقال عبد العزيز المؤيد، المعارض السعودي الذي تحرك مرة في نفس الدوائر المقربة من الأمير “ماذا تتوقعين؟ الآن هناك من سيوقفه” وأضاف” شن حرب اليمن ولم يقف أحد بوجهه، وحرض على أزمة قطر ولم يوقفه أحد وقام باعتقالات ريتز كارلتون ولم يفعل أحد شيئا” و “لم يكن هناك اعتراض ولهذا تمادى أكثر”. وتقول كان هناك تصميم لغض الطرف عما يجري في السعودية وهو ما جرأ الديوان الملكي لدرجة عمل أي شيء حتى الزعم بأنه أمر بتعذيب وقتل مواطن في داخل القنصلية. وتضيف إن التحذيرات كانت مكتوبة على الجدار ولسنوات. فقبل الأمير سلطان اختفى الأمير تركي بن بندر، الذي كان رائدا في الشرطة نشر فيديوهات ناقدة للحكومة وبدون أثر. ويعتقد البعض أنه ميت. وفي نفس الفترة التي اختفى فيها الأمير سلطان، اختفى سعود بن سيف الناصر بعد دعوته لعزل الملك سلمان. ومع أن السلطات السعودية لم تعلق على هذه الأمور إلا انها نفت قيامها بعمليات تغييب قسري. واتهم ولي العهد باختطاف رئيس الوزراء اللبناني الذي يحمل الجنسية السعودية عندما استدعاه للرياض وأجبره على الإستقالة. وكذا أمر باعتقال 200 شخصا منهم أمراء حيث تعرض بعضهم للتعذيب وتوفي واحد من المعتقلين. ومع إخراج المحتجزين من الفندق وكان مركزا لمؤتمر استثماري ،قاطعته قاعدة واسعة إلا أن هناك عدد منهم لا يزال مجهول المصير مثل عبدالعزيز بن فهد، 45 عاما ونجل الملك السابق فهد بن عبدالعزيز. والأمير خالد بن طلال، 56 شقيق الملياردير الوليد بن طلال. وبدلا من التعبير عن القلق ضحك الكثيرون من أن الأمراء في قفص ذهبي. ووصف معلق “نيويورك تايمز” توماس فريدمان التحرك بأنه “مبادرة غير عادية ومهمة” ضد الفساد. وقال إن ولي العهد هو قائد “ربيع عربي على الطريقة السعودية”. وقبل أشهر دافعت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية عن العلاقات “التاريخية” مع السعودية. واعترف النائب العام السعودي أن قتل خاشقجي كان متعمدا بشكل قاد البعض للتساؤل عن عدم معرفة ولي العهد به. لكن تورطه بالعملية لم يخفف من مظاهر القلق خاصة أنه وطد دعائم حكمه وعزل نفسه عن بقية فروع العائلة. ومن هنا فمحاولة الإطاحة قد يؤدي إلى انهيار العائلة المالكة وهذا لا يريده العالم. ويقول شخص مطلع أن المحقق الذي عينه محمد بن سلمان “لا يستطيع قول أي شيء بدون إذن منه وهو مثل الخاتم في يده وكل ما قاله المحقق عبث”. وتقول إن كلمات الأمير سلطان حذرت في الماضي “لقد اختطفوني من قبل ويمكن أن يفعلوها مرة أخرى ويستطيعون عمل أي شيء”.