أعلنت دولة العدو اقتراب موعد التوقيع على اتفاق رباعي لمد أنبوب غاز في عرض المتوسط، من فلسطين المحتلة إلى قبرص واليونان وإيطاليا. الإعلان الإسرائيلي أكد أن المحادثات الجارية منذ أشهر كادت تنتهي، ويقدر أن يجري التوقيع على الاتفاق في نهاية العام الجاري، «لكن إسرائيل تشترط على شركائها الأوروبيين موافقتها في حال أراد لبنان استخدام الأنبوب لتصدير غازه إلى أوروبا».
وفقاً لمصدر رفيع المستوى في وزارة الطاقة الإسرائيلية، تشهد الأيام الأخيرة جلسات في إسرائيل بين المدراء العامين لوزارات الطاقة لإسرائيل وقبرص وإيطاليا، إضافة إلى ممثل عن الاتحاد الأوروبي، للبحث في القضايا النهائية للاتفاق بين الأطراف. وأضاف المصدر في حديث مع صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية، أن التفاهمات كادت تنتهي، وتحديداً ما يتعلق بمرحلة الصياغة القانونية.
وكانت الدول الأربع وقّعت بالأحرف الأولى قبل عام في قبرص، مذكرة تفاهم تقضي بمد الأنبوب بطول 2100 كيلومتر من فلسطين إلى إيطاليا، مروراً بقبرص واليونان. وأثيرت في حينه تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمشروع ربطاً بكلفته العالية، إلا أن دراسة الاتحاد الأوروبي أكدت أنه يستحق العمل عليه وإنجازه.
مصادر في وزارة الطاقة الإسرائيلية، أكدت أن مندوبي الدول الأربع، باتوا في المراحل النهائية وتحديداً في دراسة المنحى القانوني والشروط النهائية لكل طرف قبل توقيعه الرسمي وبما يشمل أيضاً الطلب الإسرائيلي، بأن أي استفادة مستقبلية للبنان من ربط غازه بالأنبوب، مشروطة بالاستحصال المسبق على الموافقة الإسرائيلية. في موازاة ذلك، تطلب إيطاليا أيضاً موافقتها على مد الأنبوب لاحقاً إلى فرنسا أو إسبانيا، إن أرادت الدولتان استيراد الغاز عبره.
وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أشار إلى أن الأنبوب يتجاوز بطبيعة الحال الدول الموقعة عليه، وتحديداً الدول الأوروبية الأخرى المهتمة باستيراد الغاز الإسرائيلي. بحسب شتاينتس، الموضوع ليس نظرياً وحسب، إذ سبق واجتمعنا في الأشهر الأخيرة مع وزراء الطاقة لكل من بلغاريا وصريبا ورومانيا، وطلبت هذه الدول أن يسمح الاتفاق المتبلور حول الأنبوب، وصول الغاز إليها.
وتوضح الصحيفة أن الاتفاق ينص على تمويل أنبوب الغاز عبر القطاع الخاص، وأن «يتحول إلى كيان خاص غير تابع لدول». التقدير، بحسب الصحيفة، أن البنك الأوروبي للتنمية قد يساهم في جزء من تمويله، مع تقدير أوروبي بأن التكلفة النهائية تصل إلى 7 مليارات دولار، فيما تؤكد مصادر اقتصادية أخرى، أن المبلغ قد يتجاوز ذلك، ليصل إلى 10 مليارات.
تؤكد بعض المصادر أن التكلفة النهائية للمشروع ستصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار
التعليقات في إسرائيل تغاضت عن شرح موجبات الشرط الرئيسي الذي طلبت تل أبيب تضمينه الاتفاق بين الدول الأربع، حول الأنبوب الغازي. لكن كما يبدو، هي خطوة إسرائيلية استباقية من شأنها أن تمكن تل أبيب من تصعيب المنافسة المستقبلية للبنان، في حال بدأ استخراج غازه وأراد تصديره عبر شركات الكونسرتيوم الثلاث، إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية ونوفاتك الروسية. الواضح أن إسرائيل تريد منع لبنان من استخدام هذا الأنبوب، وإن كان الاتفاق في شأنه ينص على كونه ملكية تابعة للقطاع الخاص، وهو ما يوجب على لبنان، التحرك في أقل تقدير لدى الجانب الإيطالي، صاحب المصلحة في الغاز اللبناني، ربطاً بمصلحة «إيني»، كبرى الشركات الإيطالية والشريكة الرئيسية في عقد التنقيب عن النفط والغاز في البلوكين 4 و9 اللبنانيَّين، إلى جانب الشركتين الفرنسية والروسية.
الواضح أيضا أن الشرط الإسرائيلي، علاوة على هدف منع وتصعيب المنافسة اللاحقة، يهدف إلى تأمين أوراق قوة لابتزاز لبنان وتدفيعه أثماناً تتعلق بالملفات الاقتصادية العالقة بين الجانبين، التي يقدر أن تبقى من دون حلول ومن دون تمكين إسرائيل من استغلالها، بما يشمل ادعاءات إسرائيلية في ملكية حيز جغرافي واسع غني بالغاز والنفط، في جنوب المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان. في ذلك، من غير المستبعد أن تكون إسرائيل تهدف إلى تحصيل أثمان سياسية وأمنية إلى جانب الاقتصادية، خصوصاً أنها تعاني من نقص في أوراق الضغط أو فقدان فاعليتها، نظراً لعدم القدرة على فرض الإرادة الإسرائيلية على لبنان، عبر الخيارات العسكرية خشية تبعاتها جراء الخيارات العسكرية الندية المقابلة للمقاومة في لبنان.الاخبار