أعلن الشيخ محفوظ ولد والد، مفتي تنظيم «القاعدة» السابق، أمس، أنه يقوم حاليا بوساطة بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والتيار الإسلامي في موريتانيا.
وتتفاعل منذ أسابيع على عدة مستويات، أزمة سياسية قوية بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وجماعة الإخوان في موريتانيا، حيث انتقدهم الرئيس بشدة في مؤتمر صحافي، وأغلقت الحكومة مركزا علميا وجامعة محسوبة عليهم.
وأوضح الشيخ محفوظ في بيان نشره أمس «أنه قام، في إطار الجهود والمساعي التي نتشرف بالمشاركة فيها من أجل إصلاح ذات البين، وتفويت الفرصة على المتربصين ببلدنا من أعداء الوطن والدين، باتصالات بمختلف الأطراف المعنية بالتوتر الحالي، وذلك في لقاءات واتصالات متعددة، وكان آخر تلك اللقاءات لقاؤنا مع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز».
وأضاف «أن الخلاصة التي خرج بها من تلك اللقاءات تشمل نقاطا عديدة بينها تأكيد رئيس الجمهورية أنه لا يزال، كما عهدناه، حريصا وعاملا على تعزيز مكانة الإسلام والعاملين له بصورة عامة، ومكانة العلم والعلماء بصورة خاصة، وأن الجمهورية الإسلامية الموريتانية دولة إسلامية، وليست علمانية».
ويضيف ولد الوالد «وفي هذا الإطار اطّلعنا من فخامة الرئيس على خطط جديدة من الدولة لتعزيز وتطوير التعليم الإسلامي العالي، وفتح ما تقتضيه الحاجة في هذا المجال من مؤسسات تعليمية عليا، واعتماد ما يلزم لذلك من أموال وإمكانات، وأن ما قدم ويقدم في سبيل خدمة الإسلام، وتعزيز مكانته، والرفع من شأن العلم والعلماء يقدمه أداء لواجب شرعي، لا دعاية سياسية، أو منة على الناس، وهذا هو الواجب».
وأوضح الشيح محفوظ «أن الرئيس ولد عبد العزيز، أكد له أن إغلاق مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين ليس جزءا من سياسة حكومية عامة، أو توجها رسميا شاملا ضد العلم والعلماء، كما يرجو المغرضون، ويخاف المشفقون، بل هو مفردة معزولة، وقضية منفردة».
«وفي الوقت الذي التمسنا فيه من الرئيس إعادة النظر في قرار إغلاق هاتين المؤسستين، وإعادة فتحهما، وبينا له ما نراه في ذلك من المصلحة، يقول الشيح محفوظ، أكدنا له أننا لا نعتبر ذلك موقفا سياسيا ضده، بل هو نصح واجب بما نراه من مصلحة، والدين النصيحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم».
وقال «إن الرئيس أطلعهم على جهوده طيلة السنوات الماضية من أجل التعاون مع مختلف المصلحين والعاملين للإسلام، وما قام به في ذلك من مساع، وما قوبلت به جهوده ومساعيه أحيانا من إعراض بعضهم عنها، وانحيازهم إلى حلفاء آخرين من بينهم من عرفوا بتوجهاتهم العلمانية، ونزعاتهم العنصرية، وخصومتهم التاريخية مع الفكرة الإسلامية».
وأشار الشيخ محفوظ إلى «أن الخلاف الحاصل حاليا ليس خلافا بين الإسلام وخصومه، بل هو خلاف عارض له أسباب، ومما يساعد على تجاوزه تهدئة المواقف، ولجم العواطف، والبعد عن كل ما من شأنه توتير الجو، وشحن النفوس».
وأشار الشيخ محفوظ إلى «أنه لقي لدى الطرف الآخر (التيار الإسلامي) ترحيبا كبيرا بمبادرته للصلح، مبرزا أنه «لمس منهم حرصا صادقا على كل ما من شأنه تجاوز الخلاف، وجمع الكلمة، وتحقيق المصالح، ودرء المفاسد، والتعاون على البر والتقوى، والاستعداد لتصحيح ما يتبين خطؤه من مواقف، والرجوع فيه إلى الصواب.»
ونقل الشيخ محفوظ عن الإسلاميين «التزامهم بالهدوء، والمحافظة على الأمن والاستقرار وتثمين إنجازات الرئيس في مجالات متعددة».
وأكد ولد والد «أن المعطيات التي حصل عليها في وساطته مبشرة، ومشجعة على استمرار هذا الجهد المبارك».
وقد قوبلت وساطة الشيخ محفوظ باستغراب عدد من كبار المدونين الموريتانيين، حيث أكد الكاتب البارز محمد محفوظ ولد أحمد «أن الحديث عن الوساطات بين النظام والعلامة الددو، حديث عن الوهم، فلا توجد مشكلة شخصية بين الرئيس والشيخ، وأما إغلاق المركز والجامعة فهو خطوة مبيتة منذ إغلاق جمعية «المستقبل»، ولن يتراجع عنها النظام، ولن يستطيع؛ إلا إذا انقلبت أحوال أهل الخليج رأسا على قدم، أو تراجع ولد الطائع عن إغلاق المعهد السعودي والمنظمات الخيرية الإسلامية».
وقال «ليست كل الوساطات في حقيقتها أو حكمها «وساطات» ولا مؤثرة، وإن سلمنا بها فأقصى ما يناله تأثيرها هو كبح الإسراع في مزيد من الخطوات ضد الإسلاميين وحزبهم والمؤسسات التي تنسب لهم، وأظن أن أقوى كابح رادع للنظام في هذا الصدد هو مكانة حزب «تواصل» الشعبية وموقعه المنسجم في أحزاب وأطياف المعارضة كافة، هذا فقط يجعل الرئيس يوازن كثيرا بين الضغوط الداخلية والخارجية في خطواته المقبلة، أما الماضية فأمرها قد أبرم في هذه المرحلة».
وفي سياق ذي صلة، يرى المدون النشط حميد ولد محمد «أن الجنرال عزيز يبحث فعلا عن مخرج لتجنب مواجهة مع «الدين السياسي»، وهذا هو سبب قبوله لوساطة مفتي القاعدة سابقا محفوظ ولد الوالد، واستقباله في لقاء خاص تم خلاله إكرام الضيف الغامض والمثير للجدل بكؤوس من الشاي بالياسمين الفاخر».