غارديان: الملايين التي دفعتها السعودية لشركات بريطانية لتحسين صورتها “ذهبت مع الريح” بعد جريمة خاشقجي

كشفت صحيفة “غارديان” البريطانية، أن لندن تعتبر مركزاً للعلاقات العامة في المملكة العربية السعودية وحملات التأثيرات الإعلامية، حيث حصلت الشركات البريطانية على ملايين الجنيهات، ضمن الجهود الرامية إلى تحسين صورة المملكة وحلفائها الإقليميين في السنوات الأخيرة.

وأفادت الصحيفة بأن سمعة المملكة المثيرة للجدل دائماً بسبب سجلها في حقوق الإنسان ومشاركتها المستمرة في الحرب اليمنية، قد تعرضت لضربة قاتلة في الأسبوعين الماضيين بعد ما بدا أنه جريمة قتل بحق الصحافي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، مشيرة إلى ان وكالة العلاقات العامة الرئيسية فرويد ، التي عملت مع المملكة العربية السعودية، نأت بنفسها عن المملكة.

كما عبرت الصحيفة عن مخاوفها من قرار صحيفة “إندبندنت”، إقامة شراكة مع ناشر سعودي يرتبط ارتباطا وثيقا بالحكومة السعودية.

ويعمل مكتب الناشر الإلكتروني في لندن على سلسلة من الأفلام للترويج للمملكة العربية السعودية، كما تبرعت شركة نشر سعودية تقوم بالتوقيع على شراكات مع شركات إعلامية غربية، لمعهد توني بلير للتغير العالمي، في مقابل مشورته للبلاد، وقد نصحت الشركة التي يعمل بها موظفون سابقون في شركة العلاقات العامة المنهارة بيل بوتينغر، الدولة السعودية على استراتيجية الاتصالات.

وعلى الرغم من أن بعض شركات الإعلام لديها علاقات طويلة الأمد مع البلاد ، فقد اندفعت العديد من مجموعات الإعلانات والعلاقات العامة إلى المملكة خلال صعود محمد بن سلمان للسلطة، الذي أصبح وليا للعهد في يونيو 2017، وقد تم تقويض محاولاته الأخيرة لتحسين صورة البلاد في الخارج، بعد اختفاء وقتل خاشقجي.

وتشمل الشركات التي لها علاقات مع السعودية، شركة “Consulate PR” في لندن ، التي يعمل بها موظفون سابقون في “Bell Pottinger” ، والتي عملت على برامج الاتصالات مع الحكومة السعودية. ومن الشركاء في الشركة ريان كوتزي ، مستشار نيك كليج السابق الذي كان كبير الاستراتيجيين في الحملة المتبقية في استفتاء الاتحاد الأوروبي. وقال متحدث باسم الشركة إنهم لم يتمكنوا من التعليق على الوضع الحالي للعمل.

كما دعمت فرويد ، الشركة التي أسسها ماثيو فرويد ، العلاقات العامة لإطلاق “رؤية 2030” للمملكة في ظل بن سلمان خلال عام 2016، وقال متحدث هذا الأسبوع إنه لا يعمل حاليا في حكومة المملكة العربية السعودية، بحسب الصحيفة.

كما أكدت مصادر ، قيام مجموعة “CT Group” ، وهي شركة أسسها المحلل السياسي في حزب المحافظين لينتون كروسبي ، بالترويج لمقالات من زعيم المعارضة القطري خالد الحائل إلى المطبوعات البريطانية.

ولم تستجب “CT Group”، لطلبات متعددة للتعليق على ما إذا كانت تعمل لصالح شركة “Hail” وعما إذا كانت لديها أي عقود مع المملكة العربية السعودية أو حلفائها الإقليميين.

وقامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في يونيو / حزيران 2017 ، متهمة إياها بدعم الإرهاب والقرب الشديد من خصم الرياض اللدود ، إيران – وهو ما تنفيه الدوحة.

معهد توني بلير و صحيفة “اندبندنت” من المستفيدين من الأموال السعودية

ومن بين الشركات الأخرى التي تعمل في مجال العلاقات العامة في لندن والتي أكدت أنها تولت العمل مع الدولة السعودية مؤخرا، مستشار بايفيلد العالمي، الذي قال إنه لم يعد يعمل مع الدولة، وقال ميلتاون بارتنرز وهو مشروع يديره رئيس الاتصالات السابق للأمير تشارلز، ومساعد سابق جديد في حزب العمل، انه ليس لديه حاليا أي عقود في المنطقة لكنه لم يؤكد ما إذا كان قد عمل مع الدولة السعودية في مشروعات في العامين الماضيين. بينما قالت “Kekst CNC” وهي فرع لشركة “PR Publicis” الفرنسية في لندن ، إنها لم تعمل مع السعوديين منذ بداية العام.

ومن جهتها رفضت شركة “WPP” للإعلان، التعليق عند سؤالها عما إذا كانت قلقة بشأن الوضع في المنطقة أو ما إذا كانت لديها عقود مستمرة مع الدولة السعودية، بينما أكدت مصادر في الشركة وجود فريق يعمل على مواد للترويج للمملكة العربية السعودية بالاشتراك مع مجموعة الشركة السعودية للأبحاث و النشر “SRMG” ، التي كان يشرف عليها الملك سلمان شخصيا وسيطر عليها محمد بن سلمان مؤخرا، وتربطها علاقات وثيقة بوزارة الإعلام السعودية. وقد التقى بن سلمان بنائب المؤسس شاين سميث في وقت سابق من هذا العام في جولته في الولايات المتحدة.

وغالباً ما ينظر إلى “SRMG” ، التي أصبح رئيسها السابق مؤخراً وزيرة الثقافة السعودية المسؤولة عن الترويج لبرنامج التحديث السعودي ، على أنها وسيلة للقوة الناعمة السعودية في المملكة المتحدة. وبالإضافة إلى مصالحها في مجال النشر، فإنها تتبرع إلى معهد توني بلير للتغير العالمي لدعم عمل رئيس الوزراء البريطاني السابق في برنامج التحديث السعودي.

ووقعت “SRMG” بالفعل اتفاقا مع شركة “Independent” التي تنشر صحيفة “الاندبندنت”، لإنشاء مواقع جديدة بلغة أجنبية تحت العلامة التجارية المستقلة في الشرق الأوسط بحلول نهاية هذا العام ، مع جميع الموظفين الذين تم توظيفهم من قبل الناشر السعودي. ومع ذلك ، فإن الأفراد الذين تم الاتصال بهم لضمان تلبية المواقع لمعايير شركة “Independent” ، أعربوا عن قلقهم من احتمال قيام هيئة النشر السعودية بالتدخل في التحرير.

ومن جهة أخرى، امتنعت صحيفة تلغراف البريطانية الكبرى، عن التعليق على تكهنات بأن أحد المشترين السعوديين المحتملين قد اتصل بها في وقت سابق من هذا العام، حيث أصر متحدث رسمي على أن الصحيفة ليست للبيع .

وقالت لينا خطيب ، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث ، إن المملكة شرعت في “حملة واسعة النطاق للعلاقات العامة تركز على المملكة المتحدة والولايات المتحدة” على مدى العامين الماضيين، وقالت إن البلاد اختارت الاستثمار في محتوى باللغة الإنجليزية يستهدف جمهورا بريطانيا محليا ، بمساعدة من حكومة تيريزا ماي ، التي “أعطت السعودية شعورا بأن لها اليد العليا في هذه العلاقة”.

وقالت الخطيب إن المملكة العربية السعودية حريصة على تحسين صورتها في الخارج ، بل وناقشت تأسيس مركز أبحاث مؤيد للسعودية في لندن ، بعد أن أسست وجودا مشابها في الولايات المتحدة من خلال منظمات مثل مؤسسة العربية.

وأضافت الخطيب: “مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شهدت المملكة العربية السعودية فرصة لزيادة العلاقة التجارية والاستثمارية بين المملكة المتحدة والمملكة السعودية حيث بدأت المملكة المتحدة في البحث عن بدائل للسوق الأوروبية الموحدة”.

وامتدت الجهود السعودية إلى وستمنستر، حيث تلقى العشرات من نواب حزب العمل والمحافظين رحلات مجانية تزيد قيمتها على 200 ألف جنيه استرليني إلى السعودية في السنوات الثلاث الماضية ، مع رحلة نموذجيّة تكلف أكثر من 8000 جنيه إسترليني، بالاضافة الى إرسال عشرات الهدايا للوزراء والنواب الودودين، حيث حصل عضو البرلمان عن حزب المحافظين رحمان كريستي على 46 ألف جنيه استرليني، لتقديم المشورة إلى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية على مدى فترة عامين حتى استقال من منصبه في يناير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *