“النار والغضب”، “ولاء أسمى”، “خوف”، ثلاثة كتب عن دونالد ترامب بيع من كل منها خلال الفترة الأخيرة ما يزيد عن مليون نسخة في الولايات المتحدة، في ظاهرة غير مسبوقة تكشف عن الجدل الذي يثيره الرئيس الحالي.
والغالبية الكبرى من الكتب السياسية التي لقيت رواجا كبيرا من تأليف سياسيين، أو تحمل على الأقل توقيعهم.
ومن أبرز النماذج على ذلك كتابا السيرة الذاتية بقلم الرئيس السابق باراك أوباما بعنوان “أحلام أبي” و”جرأة الأمل” وقد بيع منهما معا 4,6 مليون نسخة.
وقبل ذلك، تصدر كل من بيل كلينتون وجورج بوش وجيمي كارتر وهيلاري كلينتون، وحتى ساره بايلين، مبيعات الكتب لبضعة أسابيع، كل في عصره.
هناك أيضا “آخر أيام نيكسون” للصحافي بوب وودوارد الذي بيعت منه 630 ألف نسخة عام 1976، لكن لا يمكن اعتبار أي من هذه الكتب على الرغم من رواجها علامة فارقة في مجال “الكتب الأكثر مبيعا”.
بالمقارنة، بيع خلال تسعة أشهر فقط هذه السنة أكثر من خمسة ملايين نسخة من ثلاثة كتب حول إدارة ترامب: “النار والغضب” لمايكل وولف، و”ولاء أسمى” لجيمس كومي، و”خوف” لبوب وودوارد، بحسب أرقام حصلت عليها وكالة فرانس برس.
– الرغبة في الفهم
يقول ديفيد كورن الذي ساهم في تأليف كتاب “الروليت الروسية” حول التدخل الروسي في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية “هذا لا يفاجئني”.
ويوضح “هناك رغبة كبيرة لدى العديد من الأمريكيين في فهم ما حصل سياسيا في هذا البلد” خلال الحملة الانتخابية عام 2016 وكذلك “ما يجري الآن داخل البيت الأبيض في عهد ترامب”.
وكانت الكتب عن الرؤساء تطبع عادة بعد انتهاء ولايتهم، حين يبدأ المسؤولون بالكلام والإدلاء بما يعرفون، ويصبح بالإمكان تقييم العهد من منظار تاريخي.
لكن “ترامب سرّع كل ذلك كما يفعل دائما”، بحسب ما قال جون ميتشام الذي صدرت له عدة كتب سياسية رائجة، متحدثا لشبكة “إم إس إن بي سي”، مضيفا “يبدو الأمر وكأن لدينا كاميرا ويب” تنقل بالوقت الفعلي ما يجري داخل البيت الأبيض.
وأول من يساهم في الترويج لهذه الكتب التي تُجمع على رسم صورة كارثية لإدارته، الرئيس نفسه الذي ينتقدها في رشقات من التغريدات الغاضبة.
أول من يساهم في الترويج لهذه الكتب، الرئيس دونالد ترامب نفسه الذي ينتقدها في رشقات من التغريدات الغاضبة
وكتب على توير عشية صدور “خوف” حاملا على الكتاب وكاتبه “كتاب وودوارد مهزلة” “مجرد هجوم جديد علي”.
ورأت ماريان إيليوت التي حجزت نسخة من “خوف” في المكتبة البلدية في نيويورك ضمن لائحة طويلة من القراء الآخرين “أتصور أن الناس يريدون أن يعرفوا إلى أي مدى الوضع مروع” في البيت الأبيض.
ويقبل الديموقراطيون بنهم على الكتب المخصصة لترامب بالرغم من معارضتهم الشديدة له وتنديد العديدين منهم بمواقفه وسياساته.
وتقول إيليوت “يريدون المزيد من المعلومات السلبية ليشعروا بمزيد من الارتياح لأنهم على ثقة بأنه سيء جدا”، ما يؤدي إلى تعزيز قناعاتهم.
– هل يصدر قريبا كتاب بقلم ترامب؟
في المقلب الآخر، جنى الناشرون أرباحا أيضا من صدور عدد من الكتب المؤيدة للرئيس والمدعومة منه علنا، ولو أنها لا تضاهي نجاح كتابي بوب وودوارد ومايكل وولف.
وقال ديفيد كورن “في مجتمعنا الشديد الانقسام اليوم، حين يقرر الناس أي كتاب يعتزمون شراءه وقراءته، فإن دوافعهم هي خياراتهم السياسية”.
ولا يقتصر تأثير انتخاب دونالد ترامب على الكتب السياسية وحدها، بل عادت كتب سابقة وجددت شعبيتها مع إقبال القراء على شراء كتاب “1984” و”فارنهايت 451″ اللذين يرسمان صورة مجتمع توتاليتاري يقوم على التضليل الإعلامي، وهو ما يتهم به العديدون إدارة ترامب.
ورغم صدور عدد لا يستهان به من الكتب عن إدارة ترامب حتى الان، لا يبدو أن هناك أي ميل إلى تراجع هذه الوتيرة.
وسيتم توزيع ثلاثة كتب جدد اعتبارا من الثلاثاء هي “الخطر الخامس” (ذي فيفث ريسك) لمايكل لويس و”ذي أبرينتس” للصحافي في واشنطن بوست غريغ ميلر و”كل التفاصيل” (فول ديسكلوجر) لستورمي دانيالز تروي فيه العلاقة العابرة التي تقول إنها أقامتها مع ترامب.
وقال كورن “المشكلة التي قد تطرح هي أن يعتاد الناس أكثر مما ينبغي على سلوك إدارة ترامب الذي يتجاوز الحدود (…) ويتراجع اهتمامهم بهذا النوع من الكتب” مضيفا “لكنني لا أرى أي بوادر بأن ذلك سيحصل قريبا”.
وهل يحقق دونالد ترامب نفسه الرقم القياسي المقبل لمبيعات الكتب؟ فقد أعلن رجل الأعمال النيويوركي الذي سبق أن صدر له كتاب “فن الصفقات” الذي كان من الكتب الأكثر مبيعا عام 1987، أنه يعتزم كتابة “الكتاب الحقيقي” لعهده الرئاسي.
لكن ديفيد كورن يقول “بحسب واشنطن بوست، فإن ترامب أدلى بأكثر من خمسة آلاف تصريح خاطئ منذ أن تولى الرئاسة، وبالتالي لا أتوقع أن يكون كتابا بقلمه نسخة مطابقة للواقع”. (أ ف ب)